قررت السلطات العراقية استدعاء سفير العراق من العاصمة الاردنية للتشاور، بحسب ما اعلنت وزارة الخارجية الجمعة، وذلك بعد يومين من استضافة عمان معارضين لبغداد دعوا في مؤتمر لدعم ما اسموه “الثورة الشعبية” في هذا البلد.
وجاء في بيان مقتضب نشر على موقع وزارة الخارجية التي يدير شؤونها حاليا نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني مكان هوشيار زيباري الذي يقاطع جلسات الحكومة “العراق يقرر استدعاء سفيره من العاصمة الاردنية عمان للتشاور”.
والأربعاء، اختتم نحو 300 من الشخصيات عراقية في العاصمة الأردنية عمان مؤتمرا قالوا إنهم يهدفون من خلاله للحصول على “تأييد ودعم عربي للثوار” في العراق، في إشارة إلى التطورات الأمنية الأخيرة في شمال العراق عندما اقدمت جموع من المسلحين في يونيو/حزيران على طرد قوات المالكي وتمكنت من السيطرة على الموصل وعدد من المدن والمناطق العراقية الأخرى.
ودعا المجتمعون المجتمع الدولي الى وقف دعم حكومة رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، مؤكدين ان “المؤتمر يهدف الى لفت انظار المجتمع الدولي الى معاناة العراقيين وضرورة اسناد ثورتهم الشرعية التي تهدف الى انقاذ العراق والمنطقة من مستقبل مجهول ومآلات قد لا تحمد عقباها”.
كما قالوا ان “اهداف المؤتمر تتمثل بمطالبة المجتمع الدولي بإيقاف الدعم للحكومة الحالية وتحمل مسؤولياته في حماية المعتقلين المتواجدين في السجون العراقية وحماية المدنيين الذين يتعرضون للقصف اليومي”.
وشارك في المؤتمر، الذي اطلق عليه اسم “المؤتمر التمهيدي لثوار العراق”، شخصيات تمثل “هيئة علماء المسلمين” السنة في العراق وحزب البعث المنحل وفصائل من “المقاومة المسلحة” و”المجالس العسكرية لثوار العراق” و”المجالس السياسية لثوار العراق” وشيوخ عشائر.
ومن بين المشاركين في المؤتمر أيضا، الحراك العراقي في بغداد وسامراء والمجلس السياسي العام للثوار العراق، الذي يرأسه زيدان الجابري وضباط عراقيين سابقين، ونقيب المحامين صباح المختار، وعبدالصمد الغريري كأحد أبرز القيادات البعثية، إضافة إلى الشيخ عبدالملك السعدي أحد أبرز علماء العراق.
وتقول حكومة المالكي إن تنظيم “الدولة الاسلامية” هو من قاد التحركات لسيطرة على مناطق شاسعة من شمال وشرق وغرب البلاد بينما تؤكد قيادات سنية أن دور هذا التنظيم ثانوي في الاحتجاجات التي بدأت سلمية لكن سياسات المالكي الطائفية والظالمة هي التي ادى الى قرار المحتجين برفع السلاح في وجه حكومته التي يصفونها بالعميلة والقيمة على مصالح الولايات المتحدة وإيران اكثر من اهتمامها بمصالح العراقيين.
استمرار نزيف الخسائر العسكرية
ويأتي قرار بغدادا باستدعاء سفيرها في عمان للتشاور بينما تتواصل المواجهات بين القوات الحكومية ومقاتلي تنظيم “الدولة الاسلامية” على أكثر من جبهة.
والجمعة، تصدت القوات الحكومية العراقية لهجوم استهدف قاعدة عسكرية قريبة من مدينة تكريت الخاضعة لسيطرة التنظيم المتشدد رغم أن المسلحين الذين هاجموا القاعدة الخميس تمكنوا من تدمير طائرة عسكرية واحراق مخازن للوقود، وفقا لمصادر عسكرية.
وقال ضابط في استخبارات الجيش العراقي الجمعة ان “مسلحين بينهم قناصون وانتحاريون تسللوا الى قاعدة ‘سبايكر’ الخميس ووصلوا الى مدرج الطائرات حيث اشتبكوا مع القوات الحكومية”.
واضاف الضابط الذي كان متواجدا في القاعدة وقت الهجوم ان طيارين عراقيين “اقلعوا بالطائرات التي كانت متواجدة على المدرج خلال الاشتباكات، لكن المسلحين تمكنوا من تدمير مروحية قبل ان تقلع (…) ومن تدمير مخازن لوقود محركات الطائرات”.
وتابع ان “قوات خاصة وصلت الى المكان واشتبكت مع المسلحين ايضا”، مشيرا الى ان “الطائرات وبعدما اقلعت وجدت رتلا من المسلحين يتوجه نحو القاعدة فقامت باستهدافه”.
كما ذكر ان المعركة التي استمرت لساعات قتل فيها 35 مسلحا وثلاثة من افراد القوات الخاصة.
بدوره اعلن عقيد في الجيش وقوع اشتباكات بين القوات الحكومية ومسلحين الخميس في قاعدة “سبايكر” قرب تكريت (160 كلم شمال بغداد)، من دون ان يؤكد حصيلة قتلى هذه المواجهات.
ويحاول المسلحون منذ بداية هذا الهجوم الكاسح السيطرة على قاعدة “سبايكر” التي تقلع منها طائرات تشن ضربات جوية ضد مواقع لهؤلاء لمسلحين في محافظة صلاح الدين، الا ان القوات العراقية تتصدى لهم.
ونشر تنظيم “الدولة الاسلامية” بيانا على مواقع تعنى باخبار الجماعات الجهادية اعلن فيه عن مهاجمة القاعدة العسكرية.
وذكر في البيان ان مقاتليه وبينهم انتحاريون تمكنوا من تدمير سبع طائرات عسكرية واليات متنوعة ومن السيطرة على مطار القاعدة ومن احراق خزانات الوقود وتعطيل النظام الالكتروني في “سبايكر” اضافة الى قتل عشرات الجنود والضباط.
تنديد أممي بتنظيم ‘الدولة الاسلامية’
واتهمت الامم المتحدة مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق بإعدام قيادات دينية وقادة آخرين ومعلمين وموظفي صحة وتجنيد أطفال بالإكراه واغتصاب نساء ضمن أعمال أخرى تصل الى حد ارتكاب جرائم حرب.
وركز تقرير للامم المتحدة على عدد من الانتهاكات التي ارتكبت ضد مدنيين وخاصة من جانب الدولة الاسلامية وان كان التقرير ذكر أيضا ان القوات العراقية والمقاتلين المتحالفين معها لم يتخذوا اجراءات وقائية لحماية المدنيين من العنف.
ووجد التقرير ان “هذا أيضا … قد يصل الى حد ارتكاب جرائم حرب”.
وقالت الامم المتحدة في أكثر التقارير تفصيلا حتى الان عن تأثير أشهر من الاضطرابات التي بلغت ذروتها في هجوم لمسلحين سنة بقيادة الدولة الاسلامية على شمال البلاد إن 5576 مدنيا عراقيا على الأقل قتلوا في أعمال العنف هذا العام.
وقالت ان “الدولة الاسلامية والجماعات المسلحة المرتبطة بها استمرت في.. القيام باغتيالات تستهدف زعماء (محليين وسياسيين ودينيين وموظفين حكوميين وخبراء في التعليم وموظفي صحة) وارتكاب اعتداءات جنسية واغتصاب واشكال أخرى من العنف الجنسي ضد النساء والفتيات وتجنيد الاطفال بالإكراه وارتكاب أعمال خطف واعدامات وسرقات”.
كما اتهمهم التقرير بارتكاب أعمال تدمير متعمد ونهب لاماكن العبادة وأماكن ذات أهمية ثقافية وتاريخية.
واشار التقرير الى انه “تم تلقي معلومات موثقة بشأن تجنيد واستخدام أطفال كجنود”.
وقالت المفوضة السامية للامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي “كل يوم نتلقى روايات عن انتهاكات مروعة لحقوق الانسان ترتكب في العراق ضد الاطفال والنساء والرجال العراقيين العاديين الذين حرموا من الامن وسبل العيش ومن منازلهم ومن التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاساسية الاخرى”.
ويسرد التقرير بالتفصيل الانتهاكات التي ترتكبها القوات الحكومية والجماعات الموالية لها مشيرا الى “الاعدامات السريعة وأعمال القتل خارج نطاق القانون للسجناء والمعتقلين.”
وقالت وزارة الداخلية العراقية هذا الاسبوع ان تحقيقا كشف ان مسلحي الدولة الاسلامية اقتادوا 501 سجين شيعي من سجن في الموصل الى منطقة زراعية وأعدموهم.. قتلوهم جميعا باستثناء 17 تمكنوا من الهرب.
وقالت الوزارة ان تقريرها يستند الى شهادات أحد السجناء الذين تمكنوا من الفرار.
وقالت الامم المتحدة في وقت سابق هذا الشهر ان من بين 2400 شخص قتلوا في يونيو/حزيران يوجد 1531 مدنيا.
ودعا التقرير الحكومة الى التحقيق في انتهاكات خطيرة ومحاسبة المرتكبين. لكن قدرة الحكومة المؤقتة التي يتزعمها الشيعة على عمل ذلك قد تكون محدودة في مواجهة انتفاضة سنية تهدد بتقسيم البلاد على أسس مذهبية وعرقية .
ومازال يتعين على السياسيين العراقيين استكمال تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
ويواجه رئيس الوزراء نوري المالكي ضغوطا من السنة والاكراد وبعض الشيعة ليتنحى بعد ان أمضى ولايتين في السلطة والتي يقول منتقدوه انه همش خلالها خصومه.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن “الوضع الأمني المتدهور” حد من قدرتها على مراقبة الأحداث والتحقق منها بشكل مباشر. ووفقا للتقرير فقد شرد أكثر من 1.2 مليون شخص هذا العام.