عفوا ياسادة ف(نوري ) خارج نطاق التغطية .
يبدو ان الخطاب السياسي الذي حاول المالكي ابتداعه محاولا تقليد الادارات الامريكية من خلالها قد اصبحت نقمة عليه , خاصة وان هكذا خطابات الهدف منها عرض الحلول التي تراها الحكومات مناسبة لمشاكل معينة يعاني منها الشعب لطمأنة الشعب وتقوية ثقتهم في اداراتها . وبما ان المشاكل في العراق اصبحت مزمنة , وعجز نوري عن ايجاد حلول مناسبة لأي واحدة منها , فقد ارتأى الهروب من معضلة الكلام عن الحلول الى محاولة اثارة مشاكل جديدة لعرضها على الشعب من خلال هذه الخطابات الاسبوعية كي يزيد من الطين بلة .
ففي اخر خطابين اسبوعيين له لم يعرض نوري حلولا للمشاكل الامنية التي يعاني منها البلد , ولا خططا كفيلة بإيقاف الهزائم المتكررة لجيشه , وفشله في تحقيق نصر عسكري امام ثوار المدن السنية , ولم يعرض حلولا لما تعانيه الطائفة السنية من ممارسات طائفية لمليشياته , ولم يقدم حلولا للمشاكل الاقتصادية التي اصبحت اخر هم الفرد العراقي بعد تفاقمها , وإنما هرب الى الامام لإثارة ازمات جديدة مع اقليم كوردستان سواء باتهامه بمعاداة حكومته الفاشلة , او بعرض شروط مفترضة لمرشح التحالف الكوردستاني لمنصب رئاسة الجمهورية . وبذلك فهو يؤكد الوصف الدقيق الذي وصفه به رئاسة اقليم كوردستان من ان الرجل يعيش حالة هستيرية يبدو انها اصبحت مزمنة .
هنا نريد ان نوضح بعض النقاط لنعرف كم ان الرجل اصبح خارج نطاق الزمان والأحداث التي يمر بها العراق .
* تغافل نوري عن انه يمثل حاليا رئيس لمجلس وزراء ( تصريف اعمال) لا يحق له قانونا الادلاء بأمور تعتبر من صميم السيادة العراقية , تتعلق بالدورة البرلمانية اللاحقة , خاصة وانه كان يتحدث بصفته الحكومية وليست الحزبية .
* اما بصفته الحزبية .. فمثلما لا تتدخل اي قائمة في فرض شروطها على مرشح التحالف الوطني لمنصب رئاسة مجلس الوزراء ( إلا من خلال مراسلات مباشرة مع التحالف) , فلا يحق ل( نوري ) بصفته الحزبية فرض شروط على مرشح التحالف الكوردستاني لمنصب رئاسة الجمهورية من خلال استغلال منصبه الحكومي السابق وعلى الاعلام .
* لا يجوز دستوريا لرئيس مجلس وزراء سابق عرض مواصفات لأي منصب سيادي في الدولة ناهيك عن منصب رفيع مثل منصب رئاسة الجمهورية .
* من سخريات القدر السياسي في العراق ان شخصا ك (نوري) يفرض شروطا على المناصب السيادية لا يمتلكها هو اساسا , فصفة الوطنية التي فصل فيها كثيرا في خطبته الاسبوعية لا يمكن ان تطرح من شخص لا يمتلك شرف التحلي بأقل مستوياتها . فالذي تسبب في تفكيك النسيج الوطني العراقي ووضع العراق على شفا جرف هار من التقسيم , وخسر في عهده العراق مليارات الدولارات في صفقات مشبوهة وعقود فاسدة , وخلق روحا من العداء بين ابناء الوطن الواحد , وآخر منجزاته ( الوطنية ) الاستعانة بجيوش دول مجاورة لقتل مواطنيه … مثل هكذا شخص ينبغي عليه عدم النطق بكلمة الوطنية من الاساس .
* خطاب نوري يعتبر خطيئة في عالم السياسة وأعرافها المتداولة , فالخطب الاسبوعية لا تعبر عن افكار السباسي بقدر ما تعبر عن الخطوط العريضة لتوجه الدولة الرسمي . وبهذا وقع الرجل في مطب سياسي قد بمكن التحالف الكوردستاني من رفع دعوى قضائية عليه في المحكمة الاتحادية .
* المضحك في خطاب نوري انه لم يفز لغاية الان لمنصب رئاسة مجلس الوزراء والذي يصادق عليه رئيس الجمهورية , وبذلك فهو يتحرك بشكل تراجعي عكس ما في الدستور , فيعطي رأيه في منصب
هو من سيصادق على توليته منصب رئاسة مجلس الوزراء في حال تمكن من تخطى العقبة الاولى في التحالف الوطني , وتخطي العقبة الثانية في موافقة بقية القوائم العراقية عليه .
في الحقيقة ان اخر كلمة اسبوعية للمالكي تعبر تماما عن المستوى المتدني للعملية السياسية في العراق , وعن الهوة الشاسعة بين نوري وبين الحنكة السياسية رغم مرور ثمان سنوات يفترض ان يكون قد تمرس فيها على الف باء السياسة , ولكن يبدو ان افكاره لا توحى اليه إلا من خلال انفه الذي يداعبه باستمرار في الاجتماعات والمؤتمرات الصحفية التي يحضرها .