أصبح سيناريو الازمات السياسية في العراق, كملك الموت, يفترس النفوس ويعكر صفو الحال, وكأنه فيروس وضع فى حاضنة جيدة ووسط خصب..! فما إستغرق وقتًا إلا وأخذت الأزمات تنمو وتتكاثر, وتتفرع وتتوحش, حتى صارت عملاقًاً يلتهم الأخضر واليابس؛ وتحولت أظافر هذه الأزمات إلى مخالب لتشريح جميع شرائح الشعب, حتى المحصن منهم.
باتَ الأمرمستفزًا إلى حد بعيد, وانعكس ذلك على المزاج العام, وأصبحت الناس تتهجم على الواقع المقيت, الذي أجبروا على القبول به؛ بسبب الطائفية التي ولدتها الأزمات وبكل أشكالها.
الغريب هنا, ظهرت على الجميع أعراض المقاومة..! ومنهم من يطلب النجدة, وبعض الجموع إستسلمت لليأس والإحباط, فى انتظار كارثة الانهيار التى لا تحمد عقباها, والتى لا يمكن التكهن بالشكل التى ستؤول إليه, الأزمات تهزء بالديمقراطية الوليدة, التي جلبتها أمريكا ولم تجد الأرض المناسبة لتستمر؛ بل ماتت وهي في طريقها الى الشرق الأوسط.!
الموجع فى الأمر أن في العراق, البلد الغني بالنفط, من يبيت بدون عشاء, أو يلملم قوت عِياله من مخلفات المنازل, ومنهم من يضطر إلى بيع جسده, بعد أن انتهى من بيع محتويات منزله, وكارثة الكوارث.. أغلب السياسيين لا يأبهون لما يحصل, وكأنهم باعوا العراق أرضاً وشعباً, وتم قبض الثمن! كما بيعت الموصل في ظروف غامضة.
المعروف دائمًا فى الأزمات, أن نجد المستفيد منها كما في مقولة “مصائب قوم عند قوم فوائد” ولكن الغريب فى أزمات العراق, أنه لا يوجد مستفيد حتى كبار الساسة؛ تراهم يصرخون من إستبداد الأزمات, وإنعدام الحلول, لقد وصل التليف السياسي إلى مَواطن خطيرة, أصابت عصب الحياة الإستراتيجية والراهنة, فالمواطن البسيط أمسى فى حالة ضباب, وعدم وضوح للرؤية, ولا أحد يعلم إلى أى مصب, سيجرى هذا التيار الجارف والمُهلك, فهلوسةُ الحمقى لن تبني دولة؛ ولو على حساب المستفيدين.
على الجانب الآخر, تجد الحكومة تقف مكتوفة الأيدى, وعاجزة على إيجاد الحلول والمقررات, التي تُخرج الوطن والمواطن من الدائرة المغلقة, التي تحيطها النار من جميع الإتجاهات.
عندما يمضى «التتار الجُدد» فى العبث بالخريطة العراقية, فعلى جميع من يُكنى سياسياً, أن يقف وقفة جادة وحقيقية, في طريق من يبغي تقسيم العراق وتجزئته, وتحويله الى دويلات يعبث بها القاصي والداني, فلا سُنّة ستنجو, ولاشيعة ستنتصر, وستحل اللعنة على الأكراد؛ أذا ما أصروا على الإنفصال, فعلى جميع البرلمانيين الجدد الخروج من المنعطف الخطير, والذهاب لأقصر الطرق لإنهاء الأزمات.