بعد انتخاب الدكتور محمد فؤاد معصوم رئيسا للجمهورية , تكون العملية السياسية في العراق قد تخّطت عقبتين مهمتين هما عقبة رئيس مجلس النوّاب ونائبيه وعقبة رئيس الجمهورية , لأنّ تشكيل الحكومة يبدأ بتكليف رئيس الجمهورية لمرّشح الكتلة النيابية الأكثر عددا وفق المادة 76 من الدستور العراقي , ( وأضع خطّين تحت كلمة النيابية ) , لأن الكتلة النيابية تختلف عن الكتلة السياسية , وحسب تفسير المحكمة الاتحادية رقم 25 لسنة 2010 لمفهوم الكتلة النيابية الأكثر عددا , فإنّها لا تعني الكتلة الفائزة بالانتخابات , بل تعني الكتلة النيابية الأكبر التي تدخل جلسة مجلس النوّاب الأولى , وهي المعنيّة بتكليف رئيس الجمهورية , ومرّشح هذه الكتلة هو المرّشح لتشكيل الحكومة .
وفي الدورة البرلمانية السابقة أعلن عن التحالف الوطني العراقي كونه الكتلة البرلمانية الأكبر قبل الجلسة الأولى لمجلس النوّاب , وتمّ تثبيت هذا رسميا في الجلسة الأولى كونه الكتلة النيابية الأكبر , وبالتالي أنيطت مهمة تشكيل الحكومة لمرّشح هذا التحالف وهو نوري كامل المالكي لتشكيل حكومته , أمّا في هذه الدورة فالتحالف الوطني لم يتقدّم بشكل رسمي في الجلسة الأولى كونه الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان كما حصل في الدورة السابقة , بل وحتى الائتلاف الوطني العراقي الذي يتكوّن من كتلتي المواطن والأحرار , هو الآخر لم يتقدّم إلى رئاسة مجلس النوّاب بشكل رسمي كونه كتلة برلمانية واحدة , وبالتالي فإن الكتلة البرلمانية الأكبر التي دخلت الجلسة الأولى هي ائتلاف دولة القانون التي تضم 95 نائبا , وهذا يعني من الناحية القانونية والدستورية أنّها الكتلة النيابية الأكبر في مجلس النوّاب العراقي , ومرّشح هذه الكتلة هو المعني بالتكليف الدستوري الذي ورد في المادة 76 من الدستور العراقي , أي أنّ نوري كامل المالكي مرّشح ائتلاف دولة القانون هو الشخص الذي سيكلف من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة القادمة .
وربّما هذا الكلام لا يعجب خصوم نوري المالكي الذين يسعون لمنعه من تشكيل الحكومة القادمة , لكن ما العمل هذا هو القانون وهذه هي السياقات الدستورية , وكاتب هذه السطور سبق له مرارا وتكرارا أن وضع هذه الحقيقة أمام أنظار السيدين عمار الحكيم ومقتدى الصدر , حيث اكدّت لهم وبالحرف الواحد أنّكم إذا أردتم أن تمنعوا نوري المالكي من تشكيل الحكومة القادمة , فليس لكم من خيار سوى تشكيل الكتلة النيابية الأكبر مع خصوم المالكي قبل انعقاد الجلسة الأولى وتتقدمون بشكل رسمي لرئاسة مجلس النوّاب بتشكيل هذه الكتلة النيابية , وغير هذا لا يمكنكم منع المالكي من تشكيل حكومته القادمة .
واليوم أريد أن أتوّجه لسماحة السيد عمّار الحكيم باعتباره رئيسا لكتلة المواطن , أن يتوّكل على الله ويضع يده بيد نوري المالكي من أجل المضي لإنقاذ العراق والشعب العراقي من جرائم الإرهاب الداعشي والبعث القذر الذي فاقت في وحشيتها جرائم هولاكو في العراق , وأقول له وبكل إخلاص ومحبة , لا تراهن يا سماحة السيد عمار على فشل نوري المالكي في تشكيل الحكومة القادمة , ولا تأخذك العزّة بالأثم وتمنع كتلة المواطن من المشاركة في الحكومة القادمة , فالمنطق يا سماحة السيد عمار يحتّم عليك المشاركة وليس المقاطعة , وحسب علمي المتواضع , إنّكم تدرسون مادة المنطق في مرحلة المقدمات من دراستكم الحوزوية , وقد آن الأوان أن تضع ما درسته من منطق على أرض الواقع , ولا تلتفت لأحد , فهذه هي السياسة علم المصالح وفن الممكن .