لم يعد سرا أبعاد التدخل الايراني بالشأن العراقي ، جثث القتلى الايرانيين التي تنقل الى ايران وتنقل اليها لتشييع في قم ومشهد وطهران وشيراز( ومنهم طيار قتل في سامراء ) تكشف حقيقة وأبعاد التدخل الاراني في الشأن العراقي ( وقد نشرت كتابات تصريحات لمسؤولينمن رئاسة الاركان العراقية عن تدخل الطيران الاراني لقصف مواقعفي غرب وشمال العراق ) ويأتي هذا التدخل بعد أن أستفحل الدور الايراني أكثر في سورية وسط صمت عربي اللهم ألا بعض عبارات الاستنكار من هنا وهنالك يعرف أصحابها أنها لا تقدم ولا تؤخر لان أيران ماضية في تنفيذ تدخلااتها في البلاد العربية والذي يتوسع يوما بعد يوم ، بداية التدخل الايراني كان في لبنان من خلال حزب الله ثم اليمن من خلال الحوثيين والبحرين وسورية ثم جائتها الفرصة الذهبية لللتدخل في العراق بعد أن تجرعت السم عام 1988 حسب تعبير خميني في حينه ، ولتنتقم ممن جرعها السم ولتنفس عن تراكمات أحقادها التأريخية أستغلت الفرصة للتدخل في العراق وهي تعلم جيدا أن حائط الصد أمام طموحاتها التوسعية قد أنهار بالاحتلال الامريكي عام 2003 وتم ذلك وبالتآمر والاتفاق مع الاحزاب ورجال الدين والسياسة الذين عاشوا فيها ويدينون بالولاء لها ، والغريب بالامر بأن هذا التدخل يتم بالاتفاق مع الولايات المتحدة الامريكية التي تقع عليها ألتزامات قانونية وأخلاقية بالدفاع عن العراق ضد أي تدخل خارجي ( كما تنص على ذلك الاتفاقية الامنية بين حكومة المالكي والولايات المتحدة التي باركتها أطراف العملية السياسية والمشاركين فيها ) . السياسة البراغماتية الايرانية لم تنكر هذا التفاهم مع الولايات المتحدة رغم كل الضجيج الاعلامي عن العداء الايراني للولايات المتحدة وأسرائيل ، فقد أعلن الرئيس الايراني الاسبق وأحد أبرز رجال الحكم في طهران ( هاشمي رفسنجاني ) منذ ايام في تصريحات لصحيفة ” أساهي شيمبون ” الواسعة الانتشار بأننا مستعدون للتعاون مع واشنطن بالملف العراقي ، ، وكتب السفير الايراني سيد حسن موسويان ( سفير سابق في بيروت ) أنه يتوجب على طهران وواشنطن أن تتحركان لادارة الازمة العراقية وان تعاونهما ضروري .هذا التعاون غير معلن وأنما تتسرب أخباره من هنا وهنالك ألا انه أصبح حقيقة واقعة بعد الأتفاق بينهما حول الملف النووي الايراني والذي أثار مخاوف حلفاء واشنطن بالمنطقة وبالاخص السعودية رغم كل التطمينات الامريكية لها والتي قدمها الرئيس الامريكي أثناء زيارته للرياض قبل أسابيع .
لايهمنا من هذا التعاون المعلن والمخفي بين طهران وواشنطن لان من يراقب تطورات الاحداث في المنطقة منذ أحتلال العراق يدرك جيدا أنه ليس بالجديد ، ولكن الذي يهمنا تأثيره وأنعكاساته على الاوضاع العراقية أولا والعربية ثانيا ، ونقول للذين يدينون بالولاء لطهران من جهات حكومية وأحزاب ورجال دين وسياسة أن رجال الدين في ايران رجال سياسة من الدرجة الاولى وتهمهم اولا مصلحة بلادهم وتنفيذ سياستها التوسعية في محيطها وأضعف ما في هذا المحيط المنطقة العربية التي تعاني من أنفصام واضح بين حكامها وشعوبها بسبب دكتاتورية وفساد أنظمتها وانعزالها عن شعوبها مما أتاح الفرص لاختراقها وللتدخل والتوسع على حسابها ، أنظروا الى الجانب الاخر من هذا المحيط ، هل تستطيع أيران التدخل في تركيا أو باكستان أو أذربيجان ، بالطبع كلا لان الامر سينقلب ضدها ، فالشعب الايراني شعب أقليات أيضا وأذا كانت قوميات هذا الشعب وأولهم عرب الاحواز والكرد والبلوش مقموعين بالاضطهاد والتفرقة
فأن هذا لن يدوم الى الابد ، لان السياسة الطائفية التي تحكم تصرفاتها ستنقلب آجلا أو عاجلا عليها . ونقول لحكومة بغداد أن دعوتكم أيران للتدخل بالشأن العراقي ستفتح الباب لتدخلات أخرى من دول الجوار ومن دول قد تجد نفسها مدعوة للتدخل أيضا في بلد يعاني من التفكك والانقسام ، بعد أن كان هو المتهم بالتدخل بشؤون الاخرين ، ورحم الله أيام زمان يوم كان في العراق دولة تهابها ايران وغير أيران من دول المنطقة ، وكانت بالمرصاد للاطماع الايرانية ، يذكر الشخصية الوطنية العراقية صبحي عبد الحميد في كتابه ( العراق في سنوات الستينات 1960– 1968 ) أنه في عام 1964 ( كان السيد عبد الحميد وزيرا للخارجية ) عينت ايران سفيرا جديدا لها في بغداد هو السيد ” مهدي بيراسته ” وكان وزيرا للعدل ومقربا من الشاه ، يروي الوزير القصة التالية عن تصرف السفير الايراني الجديد فيقول : انه بعد تقديم اوراق أعتماده للرئيس عبد السلام عارف دعاه الرئيس للجلوس فأخرج السفير ورقة من جيبه وقال للرئيس أن لديه تعليمات من الشاه يود ذكرها للرئيس فأستغرب الرئيس وأستغربت لان المناسبة لا تسمح ببحث مواضيع سياسية في مناسبة تقديم اوراق الاعتماد ومع ذلك سمح له الرئيس بقراءة ورقته الى أن وصل ” أن الشيعة في العراق مضطهدون ، ولما كان الشاه حامي المذهب الجعفري فأنه يلفت أنتباهكم الى أنصافهم ” ، فصاح به الرئيس كفى أنتهت المقابلة ثم قال له ( أسمع وقل لشاهك أن شيعة العراق عرب أصلاء ، ولا يقبلون ولا يحتاجون الى حماية من شاهك ، وأنهم أعزاء أصلاء في بلدهم / ص 123 – 124 ) ، ويذكر أحد القناصل الاجانب في البصرة أنه حدثت أيام عبدالكريم قاسم مشكلة حدودية بين العراق وأيران عام 1960 ففوجئنا بالمدافع العراقية العملاقة وبعدد نخبل شط العرب مصوبة نحو الجانب الايراني على طول شط العرب ولم تسحب الا بعد أن تراجعت ايران عن أستفزاز العراق . ” قيل لاحد القادة من أكثر الناس أحتقارا في رأيك ، أجاب أولئك الذين ساعدوني في أحتلال بلادهم ” .