تولد الثورات والانقلابات العسكرية من رحم منظومة الظلم والحيف والإقصاء والتهميش وانفجار التناقضات في الأنماط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والانقسام الطبقي وحالة التشظي والتفكك التي تعيشها البلاد تحت نير الاحتلال والأنظمة الشمولية والدكتاتورية, الباحثين في الشأن الاجتماعي يقولون كل مرحلة تاريخية هي وليدة المرحلة التي سبقتها ,ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958تفجرت بعد تنامي الحس الوطني لدى الجماهير وتلاحمها مع القوى والاحزاب الوطنية الرافضة لفكرة الاحتلال والتي عانت من الظلم والحرمان وتكميم الافواه والزج في السجون
والمعتقلات وإعدام الرموز كمحاولة لقتل الروح الوطنية وترهيب الجماهير من قبل الحكومات المنضوية تحت الاحتلال البريطاني, الا ان تصعيد هذه الوثبات الوطنية لجماهير والأحزاب والقوى والمنظمات الحاضرة في الساحة العراقية بلورة فكرة القيام بثورة حاضنة لكل هذة المعانات ثورة تعبر عن الجماهير وتلبي مطالبها وتعلن عن انبلاج يوم جديد في تاريخ العراق وتكتب بأحرف من ذهب ميلادها ,ثورة وليس انقلاب لتغير النظام الملكي المسير من قبل الاحتلال البريطاني الى نظام جمهوري يلبي مطالب الجماهير والقوى الوطنية وتعيد العراق الى الحاضنة الدولية والعربية
بكامل سيادته الوطنية,المراقب لمشهد السياسي العراقي يجد أن اللبنات الأساسية لبناء وبلورة الثورة متوفرة في المجتمع العراقي من الحس الوطني وكسر هاجس الخوف والقيادة الوطنية متمثلة بالرمز الوطني الزعيم عبد الكريم قاسم من شخصنت الاحتلال الذي كان يخيم على المجتمع العراقي منذ بداية الاحتلال العثماني لغاية سقوطه في الحرب العالمية الاولى عام 1914/1918 ثورة العشرين احد اهم اللبنات الأساسية و القوية التي أرسيت عليها ثورة تموز التي أرست بناء دعائم الدولة المدنية الحديثة والتي كانت الأساس والقاعدة لبناء الدولة الوطنية”,تداعيات هذه الثورة
ألهبت الشارع العراقي المتخم بالرفض القاطع لجملة من العوامل التاريخية والذي تمخض عن قيامها والتي حضت بتأييد جماهيري واسع كبير بقيادة مجموعة من الضباط الوطنيين وعلى رئسهم الزعيم عبد الكريم قاسم وكانت بحق ثورة جماهيرية وطنية جسدت منظومة القيم والاخلاق وأرست العدالة وانتهجت منذ نعومة اضافرها النهج الديمقراطي التعددي واحترام حقوق الانسان وإعادة السيادة الوطنية للبلاد بعد ان أصدرت حزمه من القوانين التي أنصفت المواطن وحافظت على ثرواته وممتلكاته الوطنية وكان قانون الاصلاح الزاعي الذي حرر 90% من الأراضي الزراعية من الاقطاع
,وقانون رقم 80الذي أمم النفط والثروات الطبيعية وأدى الى ازدهار الصناعة بعد طرد الشركات الاجنبية,,الذي قال عنه الزعيم عبد الكريم قاسم وهو يبتسم رحمه الله وطيب ثراه أني أوقع على وثيقة إعدامي, وتحرير العملة من الكتلة الإسترلينية,وإلغاء جميع المعاهدات التي وقعتها حكومة نوري السعيد ومعاهدة حلف بغداد التي كبلت العراق ببنود جائرة تمس سيادته وموارده وفرغت قراره السياسي من محتواه الوطني,كذلك دعمت الثورة القضية الفلسطينية,لقد كان زعيم الثورة وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء حريص على بناء البلاد واستغلال ثرواته وتوزيعها على المشاريع
الخدمية والعمرانية وقام بتوزيع الأراضي على المواطنين من الطبقات الفقير في بغداد والمحافظات وبناء المدارس والمراكز الصحية ودعم جميع الأنشطة العلمية وساهم وشجع على تطويرها وأعطى للمرأة العراقية الحرية في مشاركة الرجل في جميع المجالات وكانت الدكتورة نزيه الدليمي اول امرأة تتبوأ-مقعد وزاري في الوطن العربي والمنطقة ,وأعطى الحرية لنشاط الحزبي وازدهرت المنظمات المدنية والنقابية ومارست دورها بكل حرية,هذه المعطيات لثورة قلبت موازين القوى لصالح أبنائها و أغضبت أطراف أخرى وقامت تتربص لها أطراف كانوا في يوم من الأيام في قبضة الثورة
وأحسنت لهم وعفت عنهم .,والمقولة المشهورة عفا الله عن ما سلف ,كانت كمحاورة هابيل وقابيل ,فتطاولت يد الغدر على السلام في 8شباط 1963ومزقت أروع صفحات التاريخ العراقي الحديث لتنشر صفحة سوداء نشر الدمار والخراب والطائفية وأدخلت البلاد في أتون حروب لا معنى لها وبددت ثروات البلاد وخربت المنظومة الأخلاقية و الاجتماعية ولغت دور الأحزاب والقوى الوطنية ودمرت الاقتصاد العراقي,ان ثورة تموز التي ولدت من رحم الثورات الوطنية لازالت حاضرة وستبقى حاضرة في الذاكرة العراقية ما دامت الدماء الوطنية تجري في عروق أبنائها0