15 نوفمبر، 2024 7:32 ص
Search
Close this search box.

“الرواية العراقية إلى إين؟”.. تشعل جدلاً في رواق الكتاب العراقيين

“الرواية العراقية إلى إين؟”.. تشعل جدلاً في رواق الكتاب العراقيين

الروائي نجم عبد الله ابراهيم

كتبت – سماح عادل :

ثار مؤخراً جدل كبير حول الرواية العراقية.. أشعلته مقالة نشرت في صحيفة “القدس العربي” للناقد الأكاديمي العراقي “د. حسن سرحان” بعنوان “الرواية العراقية إلى أين؟” في أول آذار/مارس 2017، قال فيها: “الرواية في العراق اليوم ليست بخير، إلاّ إذا تصورنا الإسراف في الكتابة والمواظبة على نشر الغث والسمين دليل عافية وعلامةَ صحة، منذ بداياتها الأولى والرواية العراقية، في الأغلب الأعم من حالاتها، رواية فقيرة على المستوى الفني/التقني، كما على المستوى الثيمي/الإجرائي، من ناحية البواعث السردية المحرِّضة لعالم الرواية العراقية المعاصرة، تقوي الشعور لدى الدارس بأن الجميع يكتب الرواية نفسها أو تقريباً، كما أنها ترسخ الانطباع بأن الروايات مكتوبة بطريقة توحي بأن الكتّاب ينقل أحدهم عن الآخر”.

الأسر داخل “الحدوتة”
مؤكداً على ان “ما زال أكثر أدبنا الروائي ينبع من منطق الحكاية/الحدوتة ويعتبر كل ما عداها تابعاً لها وفي خدمتها لأنها فقيرة تقنياً ولأنّ أغلب كتّابها إما بلا موهبة حقيقية أو كسالى يؤثرون الركون إلى المتوفر، لم تستطع روايتنا، منذ ثلاثة أرباع القرن إلى اليوم، امتلاك طابعها الفني الخاص ولا شخصيتها، قامت، من الأصل، على التقليد والتبعية والنسخ والاستعارة للتجارب الروائية العالمية دون إضفاء سمات الخصوصية المحلية عليها”.

وعمم الناقد قائلاً: “أن أكثر أدبائنا من الروائيين السابقين والحاليين بلا مشروع فني/فكري واضح المعالم.. إن الخراب الذي يعم، أو كاد، معظم النتاج الروائي العراقي الراهن يتحمله الروائيون أنفسهم ويشاركهم المسؤولية فيه ناشرون أميّون بلا قيم ولا ذوق، ناهيك عن مكتسبي النقد ومهرجي المناهج وقليلي الموهبة وعديمي الضمير من النقّاد الأكاديميين وغير الأكاديميين”.

فور نشر المقالة توالت الردود عليها.. منها رد الروائي “برهان شاوي” قائلاً: “وجدت في المقال رؤية نقدية صارمة، تتضمن تحدياً مبطناً للروائيين وللنقاد العراقيين، وشجاعة أدبية ونقدية، وعلى الرغم من اختلافي معها في هذا التشخيص أو الحكم النقدي أو ذاك، إذ ليس من المعقول أن الرواية العراقية على ما يربو من القرن، لم تقدم سوى (خمسة من الروائيين والروائيات)، إلا أني أجد أن الكاتب توصل إلى استنتاجاته من خلال تشخيصات واستقراء شامل وعام للرواية العراقية، شخصياً كقارئ، أعرف ضعف هذا العدد من الكتاب العراقيين الذين يتفوقون على الكثيرين من كتاب المنطقة ويرتقون إلى مستويات تتجاوز جغرافياً المنطقة، المقال يمس التجربة الروائية العربية بهذا الشكل أو ذاك”.

ردود حادة
ورد الروائي العراقي “علي بدر” على المقالة، في تدوينة له على حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك”، فكان رأيه: “هي أسوأ مقالة ممكن أن تقرأ أو أن تعد نقداً رصيناً، لأنها تفتقر للخبرة العملية في فحص النصوص والرواية منها، كما تفتقر لجهاز إصطلاحي صحيح رافق تطورات الرواية العراقية منذ تسعينيات القرن الماضي، بالإضافة لإفتقارها المعرفة التاريخية والإنتاج الروائي العراقي، بل القفزة التي حققتها الروايات التي كتبها شباب كانوا يعيشون في الخارج في زمن التسعينيات، وتفتقر للرؤية الفلسفية الواضحة، وبالتالي تفتقر للمنهج.. هذه المقالة لا علاقة لها بالنقد، لا يمكن بناء تصور مفهومي طبقاً إلى انطباعات عامة، لا يمكن كتابة مقالة تضع في سلة واحدة تحولات الرواية العراقية على مدى تاريخي معين واختزالها في مجموعة من الملامح الفنية”.

بينما اصر الناقد الأكاديمي “نجم عبد الله كاظم” على كتابة مقالاً نشر في نفس الصحيفة – القدس العربي – يوم 7 آذار/مارس 2017، بعنوان: “ردّاً على حسن سرحان: إلى متى الإجحاف بحق الرواية العراقية؟”.. قال فيه: “المقال متحامل على الرواية العراقية، ولا يكتفي بأن لا يعترف بها، بل ينسفها نسفاً، وبسطرين يُلغي الكاتب تأريخاً كاملاً، كما يُحرق ما يُقارب الألف وخمسمئة رواية، لا ننكر أن فيها غثّاً وضعيفاً ومتواضعاً، كما أنّ فيها ما هو جيد ومتميز”.

د / حسن سرحان

وشدد كاظم على أن المقالة “تجنِّ صريح على الروائيين، ويجب ألا ننسى أن الروائي العراقي، كما العربي إلى حد كبير، إذ يجمع ويبحث ويتدارس ويحرر وينتقي ويحرر، فإنه يعتمد، على نفسه تماماً، بغياب الناشر المتبني والمحرر والوكيل الأدبي مما ينجو به الروائيون في العالم من التخبط أو الغرق”.

وخاطب كاظم كاتب المقال قائلاً: “أعتقد أن حسن سرحان وجد نفسه في ورطة، إذ إن ما يقوله في الرواية العراقية بقسوة، والأهم بدون تبرير، يأتي في وقت تصعد فيه أربع روايات عراقية إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر، وتصعد واحدة إلى القائمة القصيرة للجائزة، وتفوز أخرى بجائزة كتارا، واثنتان بجائزتين محليتين ألمانيتين، وكل ذلك في الأشهر الأربعة الأخيرة فقط.. أتمنى لو أن هذه الورطة قادته إلى التراجع وتعديل مواقفه، أو حتى إلغاء هذا المقال الذي سيبقى محفوراً في ذهني بوصفه أحد أكثر ما كُتب عن الرواية العراقية حدة وبطشا”.

في حين يرد الناقد السنيمائي “يوخنا دانيال” على مقال كاظم: “لا أعتقد أن الدكتور حسن يتحدث عن الروايات المتميزة التي فازت بجوائز أو ترشحت لجوائز عربية أو محلية، علماً أن الجوائز في كثير من الأحيان قد لا تكون معياراً أو قد تخضع لضرورات سياسية أو جغرافية عربية، ولا هو يقصد روائيين متميزين بإصداراتهم وخدماتهم للرواية في العراق، الدكتور حسن بالفعل قلق من التكاثر العشوائي للرواية في العراق، وغياب الكثير من العناصر والمقومات فيها، اعتقد أن الدكتور حسن يسعى إلى فلترة الرواية العراقية.. وربما فلترة الروائيين، وهذا ليس من حقه، لأن كل شخص له الحق في كتابة ما يرتئيه ونشره وتحمل النتائج، هناك حالة إيجابية من ناحية وجود قراء ووجود سوق، وحالة سلبية من ناحية إستسهال الأمر، وللأسف يبدو أن الكثير من الروائيين لم يحاولوا مناقشة المقال بطريقة مباشرة مع الدكتور حسن، واخذوا الأمر على المحمل الشخصي.. اعتقد أن مقال الدكتور حسن رغم نبرته الإستفزازية مهم جداً.. كي يرى العاملون في حقل الرواية صورتهم من خلاله، ويطوروا عملهم، بعيداً عن المجاملات السائدة في الأوساط الثقافية والفنية في العراق”.

ويأتي الكاتب “حمزة عليوي” ليدلي بدلوه، على الحساب الشخصي للدكتور كاظم على موقع “فيس بوك”، حين نشر مقالته عليه منتقداً مقالة د. سرحان، بأنها “غارقة بأحكام عامة، أن نجاح الكاتب العربي في ظل غياب الطابع المؤسساتي المتوفر في الغرب، يرجع إلى قوة الأدب والرواية المنتجة”. مضيفاً “إني عرفت، ولا أدري ما صحة هذا الأمر!.. أن المقال يعود لسنة أو أكثر.. سنة كاملة أو أكثر ولم يغير الباحث قناعاته فيما كتب، فلماذا أناقشه إذاً؟!.. وبودي أن أشدد هنا، أن تاريخ الرواية العراقية سيشكر دكتور حسن سرحان كثيراً فيما لو كتب مقالات يتحدث فيها عما يعتقده، أو يتصوره من نصوص ضعيفة، أو أن يبين للناس قوة هذه الرواية، لنعرف، سبب ضعف غيرها، وسيمثل عمله، حينئذ، نقطة دعم كبيرة للحركة النقدية في العراق، وحتماً انه سيصنع لاسمه مكانة خاصة.. لكن الأحكام العامة ستوفر له من يهاجم ما يكتب وكذلك عدداً وافراً من المعجبين من الكتاب أنفسهم؛ لاعتقاده انه غير معني بما كتب في المقال”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة