غوانــتانــامــــــــــو :
كانت الغرفة مكتظة بالصدريين من القيادات ومدراء مكاتب ومساعدين، قدموا من البصرة والعمارة والناصرية، فضلا عن محافظات الوسط، ومكاتب بغداد.. ومن ديالى والموصل وكركوك.. قد تسمرت أنظارهم على السيد مقتدى الصدر، ينتظرون منه كلاما هاما.. وكان هو جالسا على الأرض، مطأطأ الرأس، متفكرا، وقد شبك أصابع يديه، الواحدة في الأخرى..
رفع رأسه، تصفح وجوه الحاضرين، يمينا ويسار، ثم ابتسم، وخاطب الحضور:
هل جهزتم أنفسكم للاعتقال في .. غوانتانامو..؟!
هكذا تصورت ما نقله لي احد القياديين.. وفي اجتماع طلابي.. في جامعة الكوفة ..حضر الصدر وخاطب الجميع بصوت عال:
سأقاتل وحدي.. اعلموا.. ان بعضكم يتحمل كفخة (اهانة) لو كفختين.. من الاحتلال.. أنا غير مستعد لتحمل ولا كفخة..
………. سنوات صعبة:
كانت الاشهر الاولى من 2014، هي الاصعب على الصدر وعلى الاحتلال، وهي اشهر صيرورة الحرب والانتفاضة الصدرية في النجف الاشهر.. وكان الصدر يجهز لها منذ اشهر.. وهو الان قد قرر التصعيد.. والانتقال من المطالبة السلمية الى المطالبة بالقتال.. والتحول من المقاومة السلمية الى المقاومة العسكرية..
لقد كثف في الاشهر السابقة مطالباته السلمية.. في الشارع.. وامر بتوزيع بيانات باللغة الانكليزية على الجنود الامريكان.. تشرح الموقف الشعبي الرافض للاحتلال.. وطالب الجنود الامريكان بالرجوع الى ديارهم..
وبالرغم من رفض الصدر اي تفاوض مع الامريكان .. الا انه استقبل وفد من المنظمات الامريكية (الشعبية) الرافضة للحرب والاحتلال.. وكان الصدر واضحا وصريحا بمواقفه تجاه الاحتلال، بالعكس من غموض ونفاق الجهات الدولية والاقليمية والعراقية..
……. ويمكن اجمال المواقف كالتالي:
اولا: اغلب الجهات الدولية والاوربية وغيرها، لم تكن بمستوى الشجاعة لبيان رفضها الصريح والواضح تجاه احتلال العرق.. وتجاه بقاء القوات الامريكية في العراق,,
ثانيا: اغلب دول الجوار، لم تكن بمستوى الشجاعة لبيان رفضها الصريح والحاد تجاه احتلال العرق.. وتجاه بقاء القوات الأمريكية في العراق,,
ثالثا: اغلب الجهات العراقية، لم تكن بمستوى الشجاعة لبيان رفضها الصريح والحاد تجاه احتلال العرق.. وتجاه بقاء القوات الأمريكية في العراق، بل كانت تتعامل بسلوك نفاقي، وهي تتودد للاحتلال في سفارته او لقاءاتها معه، بينما تناقض موقفها في اللقاءات الوطنية، وقد استحوذ عليها الحرص على مصالحها الفئوية والحزبية والشخصي..
…… الصدر لم يغش أمريكـــــــــــــــــا:
وبالرغم ، من الرفض الصريح والواضح من قبل السيد مقتدى الصدر للاحتلال، ورفضه الصريح والحاد لبقاء القوات الامريكية.. الا انه من الناحية الأخلاقية، لم يغش الامريكان، ولم يتعامل مع الموضوع بطريقة (نفاقية) ..
وقد يكون (الصدر) هو الجهة الوحيدة (الصادقة) مع الأمريكان.. او هو الجهة الوحيد التي (لم تغش) الامريكان ولم تخدعهم الا في ساحة الحرب..!!
وهو ينطلق في صراحته.. من مبدأ انساني وشرعي,, يقصد منه القاء الحجة على الجميع.. ثم ابراء ذمته.. وراحة ضميره..
وبالرغم من تفهم بعض الجهات السياسية الامريكية للموقف الصدري، وتقديرها لصراحته ومبدئيته، الا ان الجيش الامريكي، كان مغترا بقوته، وكان يصر على القاء القبض على الصدر او تصفيته، ويتصورها مهمة سهلة، وقريبة..
………. محاولات أغتيال الصدر:
وبعد محاولات كثيرة فاشلة ومخزية، قام بها الجيش الامريكي، لاعتقال الصدر، اكتفى باعتقال عدد من اتباع الصدر، ليسألهم عن الصدر وكيف يقضي اوقاته، وما هو فطوره؟ وما هي علاقته بالامام المهدي (ع)..؟!
وكان اهم الاسئلة، هل يكره مقتدى الاحتلال؟ أم يكره الامريكان؟
وفي حديثي الخاص مع عدد من القيادات الصدرية، التي قضت سنوات او اشهر في المعتقلات الامريكية، سألت عن طبيعة التحقيق معهم، ووجدت ان اغلب الاسئلة تختص بشخصية السيد مقتدى الصدر، ومزاجه، وماهية مواقفه تجاه الاحتلال؟ وتجاه الامريكان.؟
وأهم انجاز حققه الامريكان ، بنظرهم، هو زرع جهاز تنصت نانوي Nano product ..يمكن زرقه في الجسم مع حقنة دواء او زرعه في اللثة او الاسنان.. !
ولم يقدر الامريكان نباهة الصدريين، لان القيادة الصدرية، انتبهت لذلك، ولم يبادر اولئك المعتقلين الى لقاء الصدر، بعد اطلاق سراحهم. فضلا عن استخدامهم الكتابة بدلا عن النطق في بعض الحالات، تحسبا من وجود اجهزة التنصت..
مع اخذ الاحتياطات كافة لحماية الصدر.. وقد ثبت تاريخيا نجاح الاحتياطات الصدرية وفشل المخابرات الامريكية.. او الاستخبارات العسكرية..
وبعد هذه الاعتقالات والتحقيقات وعمليات التجسس، وصل الامريكان الى نتيجة خطيرة: مفادها ان الصدر ذو مشروع وطني، رافض للتدخل الاجنبي، ولا يضمر الكراهية للشعب الامريكي..!!
وهذا هو بالضبط، ما صرح به الصدر في الجمعة الثانية بعد دخول الامريكان الى العراق..!!
…….. الاخلاق المقتدائيـــــــــــــــــــــة:
ان مواقف الصدر الواضحة والصريحة، تنطلق من منظومة الاخلاق (المقتدائية) التي يمكن الحديث عنها كالتالي:
اولا: الصدر لم ينظر الى الشخوص اطلاقا.. ولم ينظر الى الجهات.. بالقدر الذي ينصب نظره على القضايا الكبرى.. وقد كان نظره منصبا على (اخراج) القوات الاجنبية من العراق.. وعلى المشروع الوطني..
ثانيا: انطلاقا من المنظومة العقائدية، يجد الصدر نفسا أبا رءوفا على العدو، فضلا عن واجبه تجاه اي انسان او مجموعة بشرية..
ثالثا: سد الصدر بابه امام الاحتلال، او اي تفاوض معهم، ليشعرهم بحدية الموقف الرافض لوجودهم.. بينما فتح الباب تماما للجهات العراقية كافة دون استثناءا.. لدفع اية مخاوف مستقبلية من الصدريين..
وللحديث بقية..