تجانس منطقي , لربّما الوحيد في العالم , الجماعة “السنة والشيعة” هم في حقيقتهم فصيل واحد “انشقّ على نفسه لتحديث عمليّة الأخاء المستمرّ بينهما , منعاً للفتنة ” ! .. هل يمكننا أن نعرّف طبيعة هذا التجانس هكذا بهذا التعريف الملخّص ؟ فإن كان كذلك ربّما لن نخطئ إن صنّفت هذه العمليّة على انّها أشبع بعمليّة “برسترويكا مجتمعيّة مستديمة” .. وهل هذه العمليّة جاءت تلقائيّة عفويّة ؟ أعتقد أنّ الموروث النبويّ هو “تراث مورّث” يعني وكأنّ جبريل عليه السلام يستبطن نداءه وجدان كلّ العراقي على أنّه رسول أو نبي ! فيقدح ذلك بتولّد مسارين متلاصقين مختلفين لكنّهما باتّجاه واحد , إذا انفصل أيّ منهما عن الآخر يتوقّف “النداء” عن النموّ , فتموت الدعوة من جذورها فتيبس أطرافها المنتشرة في أرجاء العالم ..
جميع “مزارات” الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين في داخل العراق وفي خارجه هي قبلة للطرفين على السواء , السنّي والشيعي , عدا السجال عندما نجد مثلاً أنّ ما يغيض طرفاً طرف آخر , خذ مثلاً مرقد أبا حنيفة , فرغم جذوره الفارسيّة نجد من “يتشاقا” معه ينادي أبا حنيفة بلهجة عراقيّة : “يتلفّت حسباله نزوره” أثناء ما هو متوجّه عبر جسر الأئمّة لمقبرة قريش “الكاظم” عليه السلام ! , هذا الإمام الّذي هرعت إليه والدتي السنّيّة يوماً تضرب بكفّيها جدران الضريح هلعاً تنتقل لآخر بجانبه توسّلاً بأبا الجوادين “أريده منّك يا أبا الجوادين أريده منّك” وأخي مُمدّد “في الإنعاش” في “مستشفى الكرخ الجمهوري” بدهس سيّارة” ” لم تترك جدّتي التركيّة الأصل “ولادة الرميثة” رحمها الله مزاراً أو عتبة مقدّسة لم تزرها برحلات مستمرّة مع قريناها سنّيّات وشيعيّات تقودني من يدي الغضّة معها , في مرّة في السبعينيّات , اقتحم فريق “صوفي” من مدينة الفلّوجة أبواب ضريح الامام عليّ بعد أن مُنعوا بسبب انتهاء فترة الزيارة مردّدين “يا علي يا كرّار يا داحيهه” ! .. كنّا سويّة , شيعةً وسنّة نؤدّي زيارة قبر المرحوم هاشم الخطّاط داخل مقبرة “الخيزران” بعد أن كنّا أدّينا سويّةً زيارة ضريح أبا حنيفة ! .. معاوية عمل على اختراق مجتمعنا العراقي بخلق “متطرّفين” وسطهم “يكرهونهم” فيزيد العداء بين الداخل العراقي وينتشر , وهي من بركات خبراته الّتي اكتسبها من تولّيه الشام “وهو أنسب صحابي لتولّي الشام بحسب قناعتي” لمدّة عشرون عاماً تعلّم منها فنون الروم في تفريق المجتمعات لتسهل عليهم السيطرة عليها ! ,وما دريَ معاوية أنّه زاد من لحمة العراقيين وإن شاب ذلك أطماع البعض من السياسيين , لا المجتمع , يجب ان نفرّق حين نستقرئ ! , بأموال عبيد الله بن زياد ! .. اليوم , بالنسبة لي على الأقل واضح “مفصّل الأمر” ! أساس مشكلة اليوم وما يدور حولها من قتال وسفك للدماء هو أنّ “الحكومة العراقيّة يجب أن يديرها السُنّة لا الشيعة” ! , هذا الأمر ليس بالضرورة من حرص عراقي لبعض أطراف “المكوّن” وليس المجتمع “السنّي” فيجب أن نفرّق ! ؛ لكن من رغبة خارجيّة لها موقف من إيران , ألحّت “تلك الجهات” على من تعتقد أنّ أولئك امتدادها ليس لدافع مذهبي “سنّي” لكن لدواعي “قوميّة” لا تريد مجالاً لاستمرار تآخي المجتمع حقداّ منهم , هذا أوّلاً , ولعمالة تلك الجهات “للصهيونيّة” لدرجة خيانة الدين والقوميّة والأوطان معاً إرضاءً لهذه المنظّمة المؤسّسة للكثير من الأنشطة العالميّة منها “الفيفا” قد يكون توقيت اقتحام الموصل و “كأس العالم” شغّال! , وللدرجة , أنّ نتيجة ما حصل للعراقيين من أهوال بات بعض العراقيين يفضّل إيران على مكوّن الأمّة العربيّة ! ذلك ثانياً .. هي جهات واضحة وضوح الشمس ,كما أعتقد تقود وتموّل ما يجري في العراق إذا ما أشّرنا بالقلم بحثاً عن المستفيد ! قطعاً بقاء السلطة بيد “الائتلاف الوطني” يعني للطرف الآخر أنّ السلطة بيد إيران ! لا شكّ في ذلك البتّة , وهنا بيت قصيد رفض تلك “الخارجيّة” بقاء الائتلاف فخطّطوا له , لقد سرق المحتلّ شيعة الجنوب عندما سلّمها لكلّ من استغلّهم يتحدّث باسمهم فعكسوا انطباعاً لا يليق عن التشيّع .. جذر “اللعبة” من سايكس ـ بيكو تشتيت الجهد السياسي العراقي الوطني وذلك بأنّك يجب أن تظنّ في الطرف الأخر ولاءه لإيران في الوقت نفسه يظنّ الطرف الخصم بالمقابل أنّك ولائك للوهّابيّة و”لأحفاد اميّة” ممثّلة بشيوخ الخليج ! تجلّت ظاهرتها على يد بريمر فيما بعد بعدما عاودت فرصة إعادة إنتاج الخصومة تلك , بعد الاحتلال : “مكوّن حكومي قابل للتصادم داخليّاً وخارجيّاً في الوقت المناسب !” , خيار معاوية ! , لذا هنا مثلاً نستطيع تلمّس المبرّر الّذي يمكن أن يدفع “المستفيد” من “الثورة” لو حقّقت المطلوب بوضوح شديد , وهو طرف “+ خليجي” كما وهي من بركات جميع الأحزاب الّتي تتبرقع بالدين تتكلّم بالوطنيّة لكن من بنية “جغرافيّة” مفتوحة “لا وطنيّة” ! لذلك قُسّمت السودان بها وأردوغان مستعدّ بها لتقبّل تركيا العنصريّة بطبعها العلماني والموروث من العثماني إعلان دولة للكورد طالما “عقيدته” تسمح له بذلك وفق الفهم الضّيق للدين بدل أن يكون بفهم أوسع لأهداف الإسلام الّذي عزّز روح الوطنيّة , يوحّد لا يفرّق , وحّد العرب بعد أن كانوا شراذم , كما وفي نفس الوقت , لولا الاسلام لما كان اليوم ولا قبلاً على خارطة أوروبّا شيء اسمه تركيا ! .. العراقي ولأنّ فهمه للانتماء الإنساني عميق جدّاً سرعان ما تآخى مع “خصيمه” والّذي “يجب ان يكون فإن لم يكن فسيوجده بنفسه !” ما أن بذرت بفعل فاعل بينهم بذور الفتنة , الشيعة كانوا أقلّيّة قبل ألف ومائة عام ومع ذلك لم يمنعهم “المذهب” لأن يصلّوا في جوامع السنّة ولغاية ما جاء البريطانيّون فاختلقوا “الحسينيّات” لغرض زرع الفرقة رغم ذلك استمرّوا يؤدّون الفرائض في الجوامع والمساجد , بالمقابل أيضاً سوّف السنّة فتنتهم تلك بسعة الفهم الصحيح للدين فأصبحت الحسينيّات جوامع بالنسبة للسنّة ! .. لم يكن العراقيّون , جميعهم ليدخلوا الإسلام بتقديري لولا ولعهم جميعاً بحبّ الإمام عليّ وآل بيت علي تحديداً ! ..