بصمت مبهم وأنوار خافتة غرق بدخان سكائره أبحر في خياله ليلتقط الدر ، لم يعثر على شيء . أمسك فرشاته وراح يرسم صورة . ضرب الفرشاة على لوحته أنتج بحراً من المغالطات ، رسم حوتاً مُلقى خارج البحر ، تخرج وراءه الأسماك الصغيرة تأكل منه وتعود …
رمى فرشاته جانبا دون ان يمعن النظر في ما فعلته ، شهق بنفس طويل وكأنه مختنق راميا جسده على كنبة حتى زاره الصباح . استيقظ . بمجرد ان فتح عينيه صارت لوحته امامه مكتملة انبهر بما رأته عيناه وراح يمعن النظر ماسحا عن عينيه بقايا النوم .
أبيض … أسود
صورتي مصلوبة على الجدار منذ أن كنت طفلا . اكبر يوما بعد يوم وهي ما تزال مصلوبة يحملها مسمار . المسمار يتوسط جمجمتي . هذا المسمار ، قد يكون سببا في بقاء مزاحي مع الكبار والصغار بطريقة طفولية ؟؟؟
والإطار الخشبي الذي اشتراه أبي من صديقه النجار ما زال يحمل صورتي بلونيها الأبيض والأسود . جعلني أكون أكثر انعزالا أمام المشاغبين وأتصنع الكبرياء .. أتصنع الشجاعة .. أتصنع عشقي للعاهرات . لكنني لم اقرب واحدة ….!!
مسرحية
… ولأن خشبة المسرح غير كافية لاستيعاب الممثلين ، ارتأى المخرج أن يجلس الجمهور على الخشبة ويشغل الممثلون الكراسي . يعلو صوت الموسيقى فيصطدم بصرخة من الجمهور .. تتعالى الموسيقى .. تسكت كل الأصوات المدوية . لا أحد يسمع الآخر . كما خرسان . الإضاءة تخفت وتقوى حتى يغمضون عيونهم غير قادرين على أكمال المشهد الأول .يشرع الممثلون بالانصراف من القاعة واحدا تلو الآخر .حتى يبقى الجمهور وحده .. ترفع الستارة من جديد تصفق الكراسي في نهاية العرض .
قُبلة
كلما نلتقي أنا وهند ، حبيبتي التي عشقتها بجنون تختلف عن تجاربي الأخرى . صادقة في حديثها معي . اختبرتها أكثر من مرة اسألها عن موضوع بنفس السؤال فتجيبني دون أي إضافة .. وقبل ان ننهي لقائنا اترك قبلة على شفتيها سرعان ما تسحب دفترا صغيرا من حقيبتها وتدون ملاحظات . لا ادري ما كنهها ؟ . ذات مساء سحبت الدفتر من يدها بسرعة . امتنعت . لكنني خطفته وقرأت ما لا يخطر إلا في رأس “ماركيز ” تدون تاريخ القبلة ورقمها . سألتها “من أين أتيت بهذه الفكرة الغريبة ؟؟” ردت والضحكة تملأ فمها ” من كتاب سرقته منك ـ ذاكرة غانياتي الحزينات ـ !! ” …