19 ديسمبر، 2024 12:47 ص

حوار بين عاص ومؤمن

حوار بين عاص ومؤمن

العاصي: المهم ان يكون قلبك طيبا وتحب ان تخدم الناس، حتى وان بدر منك بعض المعاصي كالزنا وشرب الخمر.
المؤمن: ان تخدم الناس بقلبك الطيب هذا حسن، ولكن اعلم ان من اهم الأمور التي يتقبل الله تعالى منك الخدمة هو تركك المعصية، والا فان عملك الحسن يكون كالحليب الذي تركله البقرة بعد استحلابه!!.
العاصي: مهلك ايها المؤمن انا ليس كما تدعي، فإنني مواظب على الصلاة والصيام وقراءة القران منذ نعومة اظفاري.
المؤمن: لا ينفعك ذكر ولا فكر في تصفية القلب، اذ لا فائدة من خدمة الله تعالى من جهة، ومخالفته من جهة أخرى.
العاصي: ونعم بالله تعالى فانه أرحم الراحمين يغفر لي ذنوبي ما دامت محبا للخير ملتزما بأمور الدين.
المؤمن: فأي سلطان اعظم من سلطان السلاطين جل وعلا، وأي مخالفة أعظم من مخالفته، فافهم مما ذكرته لك.
العاصي: ان للقلب اقبال وادبار فان اقبلت احملها على الطاعات، وان ادبرت لا بأس بان احملها على بعض المعاصي، فان الله غفور رحيم.
المؤمن: ان طلبك للمحبة الإلهية مع ارتكاب المعصية أمر فاسد جدا.
العاصي: من أين جاءت تلك المفسدة وان قلبي محب لله ولرسوله ومن اجتبى من عباده الصالحين؟!.
المؤمن: كيف يخفى عليك ان المعصية سببا للنفرة، والنفرة لا تجتمع مع المحبة أبدا.
العاصي: كيف اذن اصل الى مبتغاي في حب الله تعالى لكي احظى برضاه وانجو من عذابه.
المؤمن: اذا تحقق عندك ذلك، ان ترك المعصية أول الدين وآخره وظاهره وباطنه.
العاصي: كيف أقدر على ذلك وان نفسي تريد ان أروّح عنها بعد الفينة والأخرى؟!.
المؤمن: تمتع بالحلال الطيب دون الحرام الخبيث، وبادر الى المجاهدة، واشتغل بتمام الجد بالمراقبة، من يقظتك، من نومك، في جميع آناتك، الى نومك ثانية.
العاصي: هذا أمر صعب لا يقدر عليه الا من امتحن الله قلبه بالإيمان، وهل يكون ذلك لمثلي!.
المؤمن: اذا اعتقدت انك امام حضرة الخالق، والتزمت الأدب في قدس حضرته، وعلمت انك بجميع أجزاء وجودك ذرة ذرة أسير قدرته، فإنك ستراعي حرمة شريف حضوره، وتعبده كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك.
العاصي: هل استطيع ان اصل الى ما ذكرت من المراقبة والرياضة وكف النفس عن الهوى واقحامها في فضاءات التقى؟!.
المؤمن: نعم تستطيع ذلك، اذا التفتّ دائما الى عظمة الله وحقارتك، ورفعته ودنائتك، وقوته وذلتك، وغناه وحاجتك.
العاصي: ألستم تقولون ان الله تعالى يغفر الذنوب جميعا، ولا سيما اللمم منها؟!
المؤمن: نعم نقول ذلك، ولكن كيف بك اذا جاءك الموت بغتة وانت منهمك بالذنوب والمعاصي، وعليه لابد ان لا تغفل شناعة غفلتك عنه جل جلاله، مع التفاته اليك دائما، وقم بين يديه مقام العبد الذليل الضعيف، لكي توفق في الدنيا وتنجو من أهوال الآخرة.