جلسة البرلمان كشفت انهيار العملية السياسية وفشل النخبة

 جلسة البرلمان كشفت انهيار العملية السياسية وفشل النخبة

من تابع جلسة الانعقاد القصيرة جدا للبرلمان العراقي صباح الثلاثاء والفوضى التي سادتها يخرج بانطباع مؤكد بأن الازمة العراقية ستطول، وفرص حلها شبه معدومة، والحرب الاهلية بشقيها الطائفي والعرقي هي الاحتمال الاكثر ترجيحا في جميع الاحوال.
آمال عديدة جرى تعليقها على الجلسة الاولى للبرلمان الجديد الذي جرى انتخابه في تصويت حصل فيه نوري المالكي وكتلة (دولة القانون) على العدد الاكبر من المقاعد (95 مقعدا من 328 مقعدا)، على صعيد حل الازمة وانتخاب الرئاسات الثلاث، اي رئاسة الجمهورية (الاكراد) ورئاسة البرلمان (السنة العرب) ورئاسة الوزراء (الشيعة) ولكن هذه الآمال تبددت منذ الدقيقة الاولى.
حاول مهدي حافظ الذي ترأس الجلسة، لانه الاكبر سنا، ان يسيطر على الوضع بعد انفجار الاتهامات بالعمالة والخيانة بين نواب اكراد وآخرين من كتلة السيد المالكي، ولكن محاولاته لم تكلل بالنجاح فاختار اقصر الطرق اي الدعوة الى استراحة لمدة نصف ساعة على امل تهدئة النواب دون اي جدوى مما دفعه الى تأجيل الجلسة الى السابع من الشهر الحالي.
المعلومات المتوفرة في كواليس المشهد العراقي تفيد بان الخلافات والانقسامات الحادة هي العنوان الابرز، فالكتل الشيعية فشلت في اختيار مرشح توافقي يكون بديلا عن المالكي، ونظرائهم السنة منقسمون بدورهم حول خليفة اسامة النجيفي في رئاسة البرلمان، ويتردد ان الاكراد تفاهموا فيما بينهم على تعيين برهم صالح رئيسا للجمهورية خلفا لجلال الطالباني المريض.
المالكي يرفض ان يغادر منصبه ويصر على التمسك به لولاية ثالثة، وهو ما ترفضه معظم الكتل السياسية العراقية، بما في ذلك التحالف الوطني الشيعي الذي اجتمع ليلة امس في بيت رئيسه ابراهيم الجعفري وطرح ثلاثة اشخاص لرئاسة الوزراء، ورفضها كتلة الملكي جميعا.
ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي قال انه متمسك برئيسه مرشحا وحيدا لرئاسة الوزراء ولن يتفاوض على تشكيل الحكومة القادمة من دون وجوده، وهذا الموقف يشكل تحديا للتحالف الوطني الشيعي ولمقتدى الصدر الذي نصحه بعدم الترشح، ولجون كيري وزير الخارجية الامريكي الذي طار الى بغداد الاسبوع الماضي على امل ايجاد مخرج من الازمة عنوانها اقناع المالكي بالتنحي والتفرغ لمواجهة الخطر الاكبر المتمثل في تحالف الدولة الاسلامية بقيادة “الخليفة” ابو بكر البغدادي.
العراق كله يسير بخطى متسارعة على طريق الفوضى والحروب الاهلية، ومن الطبيعي ان تنهار معه العملية السياسية التي ولدت من رحم الاحتلال الامريكي ووضع خطوطها العريضة بول بريمير الحاكم العسكري، وفشلت في تحقيق آمال العراقيين في بناء العراق الجديد القائم على العدالة الاجتماعية والتعايش والحد الادنى من متطلبات العيش الاساسية.
الاكراد يتجهون بسرعة لاعلان دولتهم المستقلة في الشمال ويجدون من اسرائيل دعما قويا، وموافقة مبدئية من تركيا، والبغدادي زعيم الدولة الاسلامية جرى تتويجه خليفه للمسلمين في دولته التي تقول خرائطها انها ممتدة من خراسان (افغانستان) الى الاندلس وجنوب فرنسا وما بينها.
الامريكان هشموا العراق بغزوهم له ولا هم قادرون الان على اعادة بنائه من جديد، والقوات التي ارسلوها ويتزايد عددها يوما بعد يوم ستكون عنوانا لتفاقم الازمة وليس للخروج منها.
 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة