ومن هذه النظريات افتقار كردستان إلى منفذ بحري، والتي يفندها وجود عديد من الدول في اسيا واوروبا وافريقيا وامريكا الجنوبية غير مطلة على البحار. وقبل قيام الكيان الديمقراطي الوطني في جنوب كردستان عام 1991، نسف الأعتقاد الشائع أن حل القضية يمر عبر بغداد فقط وذلك حين أقدمت دول التحالف على تعيين خط العرض الـ (36) لحماية الكرد العراقيين من الجيش العراقي، ومن دون الرجوع إلى بغداد. ورأى بعضهم ان مبدأ (عدم التدخل) يحول دون تمتع الكرد بالحرية والاستقلال، إلا أن ذلك المبدأ ولى وحل محله مبدأ (واجب التدخل) الذي صاغه الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران والذي كان له الفضل في ظهور الكيان الديمقراطي الكردي وتأسيس دولة البوسنة المسلمة في قلب أوروبا. واليوم يتردد أن البارزاني لن ينجح في مسعاه لأجل نيل الاستقلال لكردستان، لأعتراض بغداد وطهران وأنقرة عليه بيد أن هذا الاعتقاد يتبدد أمام فشل تآمر العواصم: دمشق، طهران، انقرة الذي أتخذ شكل (أجتماع العواصم الثلاث) لمجابهة ووأد النظام الكردي الديمقراطي شبه المستقل الذي توج الانتخابات البرلمانية في كردستان عام 1992، ولقد دامت أجتماعات تلك العواصم لسنين، إلى ان تكللت بالفشل وسارعت عاصمتان منها: انقرة وطهران الى تحسين علاقاتهما مع كردستان، وفاق حجم العلاقات التجارية لتركيا معها الـ(11) مليار دولار، وبمرور الأيام راحت أشكال التعاون بين أنقرة وأربيل تتوسع وتتجذر وكذلك مع طهران أيضاً. عليه فأن حصول تفاهم بين كردستان ودول الجوار، أشد أحتمالاً واذا كان ثمة أعتراضاً من العاصمتين طهران وانقرة على استقلال كردستان، فأنه سيكون وقتياً حتماً، مثلما كان (أجتماع العواصم الثلاث) في الماضي وقتي وسيذعنان الى منطق العقل والحكمة والأمرالواقع .
ومن الذرائع الواهية للتشكيك بقدرة كردستان على أن تكون دولة القول أو السؤال: هل تتمتع كردستان بشروط الاستقلال والدولة، هل تملك بنية تحتية؟.
الجواب على السؤال اعلاه، ان عشرات من الدول قامت بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية وفي مطلع الستينات حين الغت الأمم المتحدة نظام الأستعمار، من غير أن يتبادر الى الذهن السؤال ذاك، ويقال أنه عندما نالت تونس استقلالها لم يكن فيها سوى طبيب واحد و(9) ممرضين، في حين تتمتع كردستان بعشرات الألوف من الأختصاصات في مجالات الطب والهندسة والتعليم والعسكر..الخ، وان السنوات الماضية دلت على تقدم كردستان ليس على العراق فحسب بل على كثير من الدول، كما ان كردستان راحت تعتمد على قدراتها المالية في
أستمرار نظامها، في وقت نجد فيه العديد من الدول في العالم تتلقى سنوياً دعماً مالياً امريكياً يعينها على البقاء، الأمر الذي لم يحصل مع جنوب كردستان الذي يعوم فوق بحر من النفط والثروات الزراعية والمائية والسياحية وغيرها. وفوق هذا فان هناك دولاً لا تتمتع بالكثير من الثروات واراضيها شبه صحراوية ومع ذلك تسير أمور شعوبها. ولتسقط كل المفاهيم والنظريات العائقة لاستقلال كردستان وتأسيس الدولة الكردستانية. ولأستقلال كل الشعوب التواقة الى الحرية والاستقلال والسيادة.