العملية السياسية بعد سقوط النظام البائد تحملت الكثير من النكبات ، والصدمات ، وكادت في اكثر من مرة ان تتعرض الى الانهيار اكثر من مرة ، ويمكن ان نعزوه الى اسباباً عدة ، فمرة يكون عدم التعاطي الجدي مع العملية السياسية من السياسين أنفسهم ، وهذا سببه يعود الى ضعف القراءة والرؤية السياسية لدى البعض ، والذي بالتالي انعكس بالسلب على العملية السياسية ، ومرة نعزوه الى فقدان الثقة بين السياسيين أنفسهم ، فالاكراد هم أنفسهم الأكراد قبل السقوط ، ونفس الشخصيات التي كانت تقف مرة بالضد من صدام او التي تقف معه وتحارب الأطراف الاخرى الكردية ، والجانب السني هو الاخر ابتلي بسنيته ، فكان الجميع يحسب انه من أتباع النظام البائد ، ويحسبون على هذه الفترة حتى وان كان جزءً منهم ممن عارض صدام او خالفه او خرج على طاعاته ، فأصبح يحسب من المعارضة ، وأما الشيعة فهم عاشوا كل الفترات وهم على حالهم لم يتغير شيء في واقعهم ، بل ابتلوا بسياسيين لا يفقهون شيئاً من السياسية ، وأصبحنا على انهم لم يكون في اسطر اجنداتهم شيء للشعب .
هذا الواقع جعلنا نقرا الواقع السياسي ، بانه واقع مزري ولكن يمكن له الصمود مطلقاً ، وكان في اغلب الأوقات يتعرض للاهتزازات القوية ، ولكن تتدخل المرجعية الدينية ، وتقف على الخطأ وتصيح بأعلى صوتها لعلها توقظ النائمين من سباتهم ، كما ان هذه الأزمات والصراعات بين السياسيين أنفسهم خلقت نوعاً من العداء الذي نمى حتى اصبح مواجهة في بعض الأوقات ، فكان صراع المركز من الأكراد صراعاً وصل فيه الطرفان الى المواجهة المسلحة ، والتهديد والوعد والوعيد .
وآخر ما خلفته هذه الخلافات هو سقوط مدينة كبيرة ومهمة الا وهي الموصل بيد التحالف “الارهابعثي ” والذي كان موجودا في المدينة ، وكان متعشعش فيها ، ولكن ما جعله يظهر هو الخلافات بين السياسين من اجل مغانم السلطة ، وفعلا تحقق الامر ودخلت العصابات الإرهابية الى الموصل ، وهربت القيادات وهرب المحافظ بسلام دون اي مقاومة تذكر !؟
تساؤلنا يأتي ياترى هل كان المحافظ يعلم بالمخطط ، وهل القادة فعلا كانوا ضحية هذا التامر ، والذي اغلب التقارير الإخبارية تشير بصورة واضحة انه عملية احتلال الموصل تم بتنسيق السعودية وتركيا وأطراف داخلية سياسية ، من اجل السيطرة على كركوك والتمهيد لإعلان الدولة الكردية التي طالما حلم بها البارزاني ولكن الممانعة والمصدات الداخلية ، واعتراض الدول الإقليمية جعل حلم السيد البارزاني يتأخر قليلاً، وهذا بالتأكيد ناتج عن انعدام الثقة بين الأطراف الكردية وبين حكومة المركز ، والتي هي المستفيدة الوحيدة من كل هذه الأزمات ، فهناك نواباً لهم في بغداد ونواب في الإقليم ، ووزراء في بغداد ومثلها في الإقليم ، ويسكنون في الخضراء ، وفي أربيل ، ويتمتعون بالامتيازات هنا في المنطقة الحمراء ، وهناك في الإقليم ، وغيرها من امتيازات حصلوا عليها ليس من مصدر ضعف ،بل من مصدر قوة ، لان الطرف المقابل لهم كان يسعى باي طريقة كانت من أجل البقاء في السلطة ، لهذا كانوا يسعون الى استغلال هذا الموقف أسوء استغلال ، وهذا ما حصدها ثماره اليوم في دخول القوات الكردية الى كركوك ، وعدم الانسحاب منها مهما كان الثمن ؟!
ما حصل في الموصل أيقظ النائمين من سباتهم ، وربما اقظ مضاجع حماة المنطقة الخضراء بقذائف الهاون التي أطلقها السيد السيستاني في فتواه “الجهاد الكفائي ” لتبدأ مرحلة جديدة قائدها سيستاني العراق ، وتسقط كل الأصنام ، وتعود الحياة لدى شعبنا من جديد ليبدأ برسم ملحمة وجوده ، ومستقبله الجديد والذي بالفعل يمكن ان نسميه اليوم العراق الجديد .
اليوم سقطت جميع المخططات ، وسقطت أرادات الولاية الثالثة التي كانت من اهم أسباب غزو بلادنا من خفافيش الظلام ، وتبدأ مرحلة جديدة يكون فيها الإرادة للشعب العراقي ومرجعيتها الدينية العليا .
اليوم سقطت جميع المؤمرات التي أرادت ببلادنا الشر ، وينهض من جديد قويا ينفض تراب التعب عن جبينه ، ويجعل ترابه مقبرة للغزاة والطامعين بأرضه.
اليوم على الجميع ان يقف للعراق من سياسيين ، ويكون لهم دور في هذه الملحمة التاريخية للشعب العراقي ، كما يجب عليهم ان يشاركوا شعبهم هذه المواجهة ، والخروج من منطقتهم الخضراء ان كانوا ما زالوا يسكنوها ، ان انهم اليوم بحسب التقارير تعيش فارغة من رجال السياسية والمسؤولين ، وذهاب بعضهم اما الى شمال العراق ،او الى الراحة والخلاص من هموم العراق وشعبه ،وبعيدا عن المفخخات والتفجيرات التي كان الضحية فيها المواطن العراقي لا غيره .
فياترى هل سيكون العراق جديدا بسياسيه كذلك ، ام ان هذه اليقضة هي يقظة الموت السياسي ، وولادة طاغية جديد؟!