بلا مقدمات سأبدأ الدخول في ما اريد فأقول: يدعي البعض ان العرب خصوصاً والشرق الاوسط عموماً اسوأ خلق الله تعالى ولذلك بعث فيهم الانبياء والرسل جميعاً فكل النبوات والرسالات السماوية نزلت في الشرق الاوسط والدليل الذي يوردونه على انهم (الشعوب الشرق اوسطية) اسوأ من غيرهم بكثير هو ان كل دول العالم الشرقي والغربي والشمالي والجنوبي (الا ما ندر) قد استقرت وبنت نظم سياسية وثقافية واجتماعية شبه مستقرة بل انها مستقرة الى حد كبير (ولو ظاهرياً فقط في الكثير منها) وفي معرض الجواب على هذا الادعاء اود ان اشير الى حقيقة تاريخية وهي ان المدة المقدرة لنزول ادم عليه السلام الى الارض لا تتجاوز الخمسة عشر الف سنة او عشرين الف سنة على اقصى تقديرات وقد استمرت فترة بعث الانبياء والرسل الى حد قبل 1435 سنة وطيلة هذه الفترة كانت البشرية متمركزة في الشرق الاوسط فلم يكن بعد هناك اي بشر لا في امريكا الشمالية ولا امريكا الجنوبية ولا استراليا ولا شمال اوروبا وانما تركزت الحضارات والتجمعات البشرية بشكل رئيسي هنا في الشرق الاوسط لأن ابونا ادم عليه
السلام نزل الى الارض هنا ولأن ابونا الثاني نوح عليه السلام حطت سفينته هنا بعد الطوفان فكان من الطبيعي والمنطقي ان يتم بعث الرسل الى المناطق التي يتواجد فيها السكان وبكثرة والا فما فائدة بعث الرسل الى مناطق غير مأهولة بالسكان؟
فضلاً عن ذلك فأن لبعثة الانبياء والرسل مقدمات قد توافرت في حينها في مناطقنا الشرق اوسطية ولم تتواجد في تلك المناطق في الشرق والغرب ومن هذه المقدمات الحضارة (ولو نسبية) والتي كانت تتواجد في بلاد الرافدين ووادي النيل وبلاد فارس واليونان وروما والهند حيث كانت هذه الحضارات القديمة هي مراكز العالم القديم ولذا فالأنبياء لم يبعثوا الى العرب والشرق الاوسط لأنهم سيئين وانما لأنهم كانوا الوحيدين في زمن بعثة الانبياء ومنهم توسعت وانتشرت البشرية الى بقية اصقاع المعمورة وكان من المفترض ان يحمل هؤلاء المنتشرون معهم هدي الرسالات والنبوات ووحي السماء الا ان انتشارهم استناداً الى مطامع دنيوية ومكاسب اقتصادية وسياسية جعل ما يصل الى اطراف الارض صورة مشوهة عن الاديان مما جعل الاجيال تلو الاجيال هناك يبحثون عن منهج بديل للصورة المشوهة للأديان فظهرت الافكار المادية والالحادية واللادينية والنظريات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي تبحث لحد الان عن الكمال وتحتوي الكثير من النواقص والتناقضات التي لا يمكنهم معالجتها ما لم يعتمدوا على منهج السماء الذي يعرف الكثير منهم انه الحل الاوحد والامثل (ان اجيد فهمه وتطبيقه) ولكن برمجتهم المسبقة المعارضة للدين والسماء تمنعهم من الاعتراف بذلك كله بل انهم نصبوا انفسهم اعداء لكل ما يمت للدين بصلة بعد ان رأوا تأثيرات الدين المشوه المدمرة على البشرية والامثلة على ذلك كثيرة ومنها ما فعلته محاكم التفتيش في اوروبا بعد ان اقل نجم الاسلام لديهم فأخذوا يقتلون ويحرقون كل من جاء بنظرية جديدة او فكرة مخالفة لما تسالموا عليه من فهمهم المنقوص لأديانهم والمثال الاخر الذي جعل الناس (في الشرق والغرب) تنفر من الدين هو النموذج القبيح الذي قمه ويقدمه بعض من المحسوبين على الاسلام والاسلام منهم براء من قطع للرؤوس واغتصاب للنساء واعتداء على الحريات وفرض ما يخطر وما لا يخطر على بال أي انسان الامر الذي جعل الكثير من شعوب وحكومات العالم يحاولون بشتى الطرق الابتعاد عن الاديان وحرفها عن اهدافها الحقيقية لأنهم اكتفوا بما يرون ويقرأون من مأسي الحاضر والتاريخ وظهرت عبر التاريخ منظمات ودول كان همها الوحيد محاربة الدين وتشويه صورته عالمياً ولكن انى لهم ذلك وقد وعدنا رب العالمين بأن يظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون وانا لذلك من المنتظرون الا انه تعالى قد اخبرنا بأمر اخر وهو انه تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فالكرة الان في ملعبنا كما يقل فأن اردنا لأنفسنا وابنائنا حياة افضل ولديننا ان يسود ويحكم الحياة وينير الوجود بما فيه من رحمة وحب ونظام واحكام فلا بد من ان نقدم الصورة الاجمل والافضل للدين ونبتعد عن كل ما يسيء ويقبح صورتنا وان نكون كما امرنا الامام الصادق عليه السلام دعاة الى الدين بغير الالسنة وانما بالأفعال والتصرفات التي تعكس جمال ورقي ديننا والخير العظيم فيه وفي تطبيقه وان لا نكتفي بشجب واستنكار افعال المنحرفين باسم الدين بل يجب قتالهم وتجريمهم وتعرية حقائقهم ليعرف العالم اجمع انهم ليسوا من الدين في شيء.