خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
بمجرد إعلان الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، عن خطته للحرب في “غزة”، انتشر بيان “وزراء خارجية” دول: “السعودية، وتركيا، وقطر، والأردن، ومصر، وأندونيسيا وباكستان والإمارات”، لكن القراءة السائدة لا تعكس بشكلٍ دقيق مضمون هذا البيان. بحسّب ما استهل “صابر گل عنبري”؛ تحليله المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على (تليغرام).
وقبل أي شيء فكما قلت سابقًا؛ فإن موقف بعض الدول الغربية من مثل: “إسبانيا”، المعارض لاستمرار الحرب والضغط لإيقافها أكثر تقدمًا من المواقف العربية والإسلامية؛ حيث لم تستخدم هذه الدول إمكانياتها في وقف الإبادة الجماعية. مع هذا يجب أن نتعامل بواقعية وإنصاف في تحليل الوقائع واتخاذ المواقف.
ورغم أن التحليلات حول بيان وزراء خارجية الدول الثماني العربية والإسلامية، تُشير إلى ترحيب هذه الدول بخطة “ترمب” وقبولها الكامل لها وضغطها على (حماس)، فإن الحقيقة هي أن مضمون البيان لا يتضمن هذا التفسير. ومن الواضح أن البيان مكتوب بدقة واهتمام خاص.
بعض الملاحظات حول هذا الموضوع:
أولًا: البيان لا يتضمن نصًّا صريحًا يُثبّت ترحيب هذه الدول بخطة “ترمب” بشكلٍ كامل. بل على العكس، تؤكد هذه الدول أولًا على الترحيب بجهود الرئيس الأميركي الرامية إلى إنهاء الحرب على “غزة”، وتقديرها لثقته في إيجاد طريق للسلام.
ثانيًا؛ اقتصر الترحيب على فكرة إعلان “ترمب” عن المقترح، وهذا يختلف عن الترحيب بالخطة نفسها.
وفي هذا الجزء من البيان؛ جرت الإشارة إلى أن الخطة تتضمن إنهاء “حرب غزة”، وإعادة إعمارها، ومنع تهجير الفلسطينيين، ودفع عملية السلام العادل، ورفض ضم “الضفة الغربية”. ولا توجد أي إشارة إلى البنود الأخرى من خطة “ترمب” التي تتعلق بنزع سلاح (حماس)، تشكيل “مجلس دولي”، نشر قوات عربية ودولية في “غزة”، وبقية النقاط التي يُعارضها الجانب الفلسطيني.
ثانيًا: عبّر وزراء الخارجية الدول الثماني في جزءٍ آخر من البيان، عن الاستعداد للتفاعل الإيجابي والبناء مع “الولايات المتحدة” والأطراف المعنية، بهدف تحقيق الاتفاق وضمان تنفيذه. وهنا تؤكد الدول على ضرورة التوصل إلى اتفاق من خلال التفاعل الإيجابي والبناء مع جميع الأطراف المعنية.
وهناك نقطتان هامتان في هذا الجزء، الأولى: ضرورة أن تكون الخطة مناسبة لجميع الأطراف، وألا تكون مفروضة من جانبٍ واحد. الثانية: أن المشاركة الفعالة من جميع الأطراف هي شرط أساس لتحقيق هذا الاتفاق، مما يحمل ضمنيًا رسالة بضرورة الحوار مع (حماس).
ثالثًا: أكد الجزء الأخير من البيان، على التزام الدول الثماني بالتعاون مع “الولايات المتحدة” في إنهاء الحرب على “غزة” من خلال اتفاق شامل، يتضمن: إدخال المساعدات الإنسانية إلى “قطاع غزة” دون قيود، وعدم تهجير الفلسطينيين، وإطلاق سراح الأسرى، وإنشاء آلية أمنية لضمان أمن جميع الأطراف، وانسحاب “إسرائيل” الكامل من “غزة”، وإعادة إعمار القطاع، وتثبّيت عملية السلام الشامل بناءً على “حل الدولتين”، ودمج “قطاع غزة” و”الضفة الغربية” في “دولة فلسطينية” وفقًا للقانون الدولي.
كما يتضح عدم وجود أي إشارة للبنود المثيرة للجدل التي تُعارضها الأطراف الفلسطينية. بشكلٍ عام يمكن القول: يُركز البيان على النقاط التي تتماشى بشكلٍ أكبر مع مطالب الفلسطينيين و(حماس). لكن ما إذا كان هذا هو الموقف الفعلي وراء الكواليس أم لا، فهذا أمر آخر.
ويتضح من مضمون البيان:
01 – عدم رغبة الدول الموقّعة على البيان؛ سواء بشكلٍ فردي أو جماعي، بالدخول في مواجهة مع “ترمب” أو إغضابه.
02 – لا تُريد هذه الدول أن تتحمل مسؤولية فشل خطة “ترمب”.
من ثم يعكس البيان موقف الدول الثماني المشترك؛ ولا يعني بالضرورة أن كل دولة من هذه الدول تتبّنى نفس الموقف حرفيًا.
من بين هذه الدول، هناك دول مثل: “الإمارات والسعودية”؛ التي لا تجد مشكلة أساسية في بقية بنود خطة “ترمب” بشأن نزع سلاح (حماس) وغيرها، بل ربما تُشجع عليها، بينما دول أخرى مثل: “تركيا وقطر وإندونيسيا وباكستان”، التي تربطها علاقات جيدة مع (حماس)، لا توافق على هذه البنود.
لكن بشكلٍ عام، لا يقدم هذا البيان “العربي-الإسلامي”، الكثير لـ”فلسطين” و(حماس)، بسبب الحذر والمخاوف من رد فعل “ترمب”، لكنه لا يضغط بالوقت نفسه على فصائل المقاومة، خاصة في ما يتعلق بشرط نزع سلاح (حماس) أو نشر القوات الأجنبية.
كذلك تُشير بعض المصادر؛ إلى أن “ترمب” ربما قد يكون خدع قادة هذه الدول ولم يأبه لاعتباراتهم وحاول وضعهم أمام الأمر الواقع. فإذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فمن المحتمل أن هذه الدول قد أشارت في بيانها فقط إلى النقاط التي توافقوا عليها.