* في خطابه الاسبوعي شدد رئيس الوزراء نوري المالكي على الالتزام بالدستور. لكن، بعد انتخابات 2010 عقدت جلسة مفتوحة لمجلس النواب استمرت لأشهر حتى تم تشكيل الحكومة وتعرض الدستور الى اكبر انتهاك دستوري. من الانتهاكات الدستورية الاخرى هيمنة السيد رئيس الوزراء على الهيئات المستقلة (مجلس القضاء، المحكمة الدستورية العليا، مفوضية الانتخابات، هيئة الاعلام). يضاف الى ذلك انتهاك رئيس الوزراء للدستور حينما قام بتعيين قيادات الاجهزة الامنية دون الرجوع الى مجلس النواب، مثلما حصل حينما لم يتم تعيين وزير الداخلية ولا وزير الدفاع واديرت عدة وزارات بالوكالة. وانتهك الدستور حينما أعلن حالة الطوارئ حسب قانون السلامة الوطنية. وتم انتهاك الدستور من قبل المالكي ورؤساء الكتل حينما وقعوا اتفاق أربيل الذي يحوي بنودا مخالفة للدستور وبموجبها شكلت حكومة المالكي الثانية. من زاوية أخرى، لن يستمع المالكي لا لرأي المرجعية ولا للدستور إن كان يشك أن معارضيه قادرون على تشكيل الحكومة بحجة الوضع الامني المتردي، مثلما يرى بعض المحللين.
* لماذا دائما هناك انسجام وتماهي مصالح ومواقف بين إيران ومرجعية السيستاني والمالكي. كلما احتاج المالكي الى فتوى او بيان من المرجعية يجده بمساندة ايرانية واضحة! المرجعية صمتت حينما غزي العارق 2003، وحينما كانت بغداد ومحافظات اخرى تغرق بالدم، وحينما اصبح العراق على رأس قائمة الفقر والفساد؟ وما أن اصبح المالكي في موقف حرج جدا بعد احداث الموصل تأتي المرجعية لتعلن الجهاد الكفائي الذي اصبح انقاذا لحكمه من الانهيار؟ ولماذا حينما اصبح من مصلحة المالكي اقامة جلسة النواب الاولى أعلنت المرجغية الدينية على ضرورة عقد الجلسة الاولى؟ حاولت
ايران عندما اتفقت الكتل السياسية على سحب الثقة، حاولت تثبيت دعائم حكم المالكي من خلال ضغطها على هادي العامري ومقتدى الصدر. تستخدم ايران المالكي كورقة في صفقة تضم لبنان وسوريا والعراق وتستخدم في ذلك المرجعية الدينية في النجف. ثمة رأي يقول ان عمر السيستاني ومرضه وعدم اتقانه العربية تثير الريبة في أن ما يصدر عن المرجعية ما هو الا أجندة ايرانية مؤثرة في مكتب ابن السيستاني. وفي حال تتبع المصالح الايرانية تجد أن المرجعية دائما ما تصدر فتاوى وارشادات مطابقة لهذه المصلحة.
* يبدو ان كتلة المواطن التابعة لعمار الحكيم وتيار الاحرار التابعة لمقتدى الصدر في موقف محرج. فالمرجعية تطالب بالمسارعة في عقد الجلسة الاولى والتي قد تؤدي في نهاية المطاف الى اعادة انتخاب المالكي لولاية ثالثة. هذا من جهة، من جهة أخرى يبدو معارضو المالكي متمزقين. فالصدر والحكيم محاصران بالمد الشيعي والفتاوى والضغط الشعبي، والاكراد متزمتون، يبحثون عن مصالحهم القومية بحيث يضعون حلفاءهم في احراج، والسنة ممزقون بين جيش المالكي وحماية الاكراد ومطامعهم ومصالح السياسيين السنة الضيقة المتناحرة. وهذا ما يعول عليه المالكي: تفتت معارضيه، وعدم رغبة امريكا في ازالته عن السلطة دون الرجوع الى الاطار الدستوري العراقي مع الاخذ بنظر الاعتبار وجود ايران المؤثر في المعادلة السياسية في العراق.
* بعد الانتخابات صرح مسئول ايراني أن العراق قد يمر بفراغ (حكومي) لمدة سنتين يدير خلالها المالكي السلطة التنفيذية. فعلا، ليس هناك سلطة تشريعية ولا يلوح بالافق ان مجلس النواب سيعقد قريبا، او يمارس مهامه في ظل الظروف الراهنة.. وخلال الاسابيع الثلاثة القادمة سيتوضح مستقبل المالكي وموقف الاكراد والتحالف الشيعي وتحركات السنة، وتوافق ايران وامريكا والسعودية أي باختصار: مستقبل العراق كله رهين بالايام القليلة القادمة.