في أروقة الأمم المتحدة، حيث تتقاطع مصائر الأمم وتُصاغ خطط السلام والحروب، يبرز مشهد يُلخص مأساة العراق المعاصر: اجتماع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مع قادة دول عربية وإسلامية كبرى – مصر، السعودية، الإمارات، الأردن، قطر، تركيا، باكستان، وإندونيسيا – لمناقشة خطة لإنهاء حرب غزة وإعادة بنائها، دون أن يُذكر اسم ( العراق ) ولو في هامش واحد. هذا الاجتماع، الذي عُقد في 23 أيلول 2025 على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة، لم يكن مجرد إغفال دبلوماسي؛ بل كان صفعة علنية للحكومة العراقية، التي اصبحت تُدار كدمية في يد إيران عبر أذرعها الميليشياوية والفصائل الولائية المسلحة ، مُحوّلةً بلد الحضارات إلى كائن منبوذ، يُعامل كالمجذوم الذي يُبتعد عنه الجميع خوفاً من العدوى. هنا، في نيويورك، تُكشف الحقيقة المُرّة : العراق لم يعد له أي وزن دبلوماسي، ولا صوت مدوي في المحافل الدولية، ولا حتى دعوة إلى موائد القادة، لأنه أصبح امتداداً لطهران، مُحَكَّماً بقبضة الحرس الثوري وميليشياته والفصائل الولائية المسلحة .
في قلب نيويورك، حيث تتجمع قادة الأمم يُسدل الستار عن مأساة العراق: بلدٌ كان يوماً مهد الحضارات، علّم العالم الكتابة والقراءة و التشريعات القانونية ، أصبح اليوم أسيرَ قبضة إيران الحديدية، مُدَرَّساً ومليشياتها المُنْتَهِكَة التي تُدير الحكومة كدميةٍ بائسة. وفي سياق اجتماعٍ تاريخي استضافه الرئيس الأمريكي ” ترامب ” لمناقشة مستقبل قطاع غزة وتبادل الافكار والآراء مع قادة الدول العربية والاسلامية والتي كانت اجتماعاتهم كالشبه بالمائدة المستديرة ، دُعي قادة مصر والسعودية والإمارات وغيرهم، بينما طُرد العراق من الحسابات، كما يُطرد المجذوم من مجلس الأصحاء. هذا الإقصاء ليس مجرد إهانة دبلوماسية، بل إعلانٌ صارخٌ وصريح ورسالة مباشرة موجهة لا تقبل الشك او التأويل بأن العراق – تحت سيطرة أذرع طهران – وقد أصبح شبحاً منبوذاً، بلا وزن ولا هيبة، محكوماً بالعزلة والرفض الدولي، كلُّ ذلك بفضل نخبة سياسية تُفضّل الخضوع لإيران على استعادة كرامة كدولة مثل العراق ؟ هل أصبحت باكستان وإندونيسيا أكثر تاثيرآ في المحافل الدولية من العراق !؟ .
الحقيقة التي يحاول الاخر ان يلغيها او حتى يطمسها ومنذ 2003، تحول العراق إلى ساحة لعبٍ إيرانية، حيث تسيطر طهران على مفاصل الدولة عبر ميليشيات وفصائل واحزاب ولائية تجهر كل يوم علنا وبدون خجل او حياء بان : ” ايران اهم من العراق ” ؟ . هذه الأذرع، المدعومة بالسلاح والمال الإيراني، لا تقتصر على فرض أجندة طهران، بل تُحكم قبضتها على القرار السياسي، مُحوّلة الحكومة إلى دمية بائسة تُدار من قم حيث تسيطر بصورة مباشرة على العديد من الاحزاب والفصائل الولائية المنضوية تحت مؤسسة الحشد الشعبي، وقد يُستخدمون في أي لحظة كأداة للابتزاز ونشر الفوضى أذا لم يأتي القرار الحكومي السيادي بما يخدم مصالح إيران أولآ وقبل كل شيئ وحتى قبل مصلحة العراق ؟ ، وسواء عبر هجمات على القواعد الأمريكية أو تهريب النفط الذي يكلف العراق مليارات سنوياً . هذه السيطرة المقنّع بشعارات “المقاومة”، حول العراق إلى جثة سياسية هامدة ، عاجزة عن الوقوف، تتآكلها الفوضى والفساد. الرئيس “ترامب “، منذ عودته للبيت الأبيض في 2025، وجه انتقادات لاذعة لحكومة بغداد وما يزال يوجه اقسى التبويخ والانتقادات ، واصفاً إياها بـ”الدولة الفاشلة” التي تخدم مصلحة إيران، ومُهدداً بتصنيفها داعمة للإرهاب إن لم تفكك ميليشياتها. إدارته جددت سياسة “الضغط الأقصى” على طهران، مطالبة العراق بإنهاء اعتماده على الطاقة الإيرانية ودمج الحشد الشعبي في مؤسسة الجيش الرسمية، لكن حكومة بغداد، المُخدَّرة بالتبعية، تظل صامتة، تُفضل الخنوع على استعادة سيادتها و تهادن قادة الفصائل والأحزاب الولائية . وتدخلات في الشؤون السورية واللبنانية، مُجْعِلَةً العراقَ ساحةَ حرب بالوكالة.الأسوأ أن هذه السيطرة ليست سرّاً؛ إنها جريمة معلنة تُدانها الإدارة الأمريكية مراراً وتكراراً. منذ تولي “ترامب” سدة رئاسة البيت الابيض أصدر مذكرة أمن قومي تُعِيدُ “الضغط الأقصى” على إيران، وإنهاء الإعفاءات من العقوبات على شراء الطاقة الإيرانية. هذه الانتقادات ليست جديدة؛ إدارة البيت الأبيض السابقة، وترامب في فترته الأولى، أدانت مراراً نفوذ إيران، مُصَنِّفَةً المليشيات كـ”أدوات للإرهاب”، ومُطَالِبَةً بإنهاء هجماتها على القوات الأمريكية. لكن بغداد، المُخَدَّرَةُ بالتبعية، تُفَاضِلُ الصمتَ على الإصلاح، مُحَوِّلَةً نفسَها إلى عدوٍّ للعالم الحرّ.
النتيجة؟ العراق منبوذ، محذور منه كالجذام في المجتمع الدولي. لا اعتراف ضمني بحكومته، ولا دعوة إلى الاجتماعات الرئيسية، ولا حتى ذكر في أوراق المؤتمرات. في اجتماع ترامب الأخير، الذي شارك فيه قادة يمثلون مليارات المسلمين، لم يُدعَ الوفد العراقي – ليس بسبب إهمال ، بل لأن واشنطن تراه “بلا فائدة أو أدنى تأثير”، ما دامت مليشياته تخدم أجندة إيران. هذا الاجتماع، الذي ركز على إنهاء حرب غزة وإعادة بنائها بقوات عربية ومسلمة، كان إثباتاً على أن العراق خارج الحسابات الدولية، سواء بالإيجاب أو السلب. القادة العرب والمسلمون يتحاورون مع “ترامب” على مستقبل الشرق الأوسط، بينما يجلس العراقيون في العزلة، مشاهدين كيف يُحولون إلى طفل منكر في عائلة الأمم . هذا الرفض ليس مؤقتاً؛ إنه كلمة فلسفية للعالم: العراق مرفوض، منبوذ، مخْرَج من حسابات القوى الكبرى. في 2025، أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن العراق يعاني من عزلة دولية تتزايد بسبب فساده وتدخل إيران، مع انخفاض الدعم المالي والعسكري، وتحذيرات من انهيار الاستقرار الداخلي. الهيبة الدبلوماسية، التي كانت للعراقيين صولات وجولات في مؤتمرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ذهبت مع العصر الفارسي المستعير، تاركة وراءها شمساً منكسرة وشعباً يصرخ في العزلة. ومن مهد الحضارات إلى الجذام دبلوماسيي ؟ العراق، بلد الحضارات والرسل والأنبياء، الذي علّم العالم معنى القراءة والكتابة في أور و بابل، أصبح اليوم منبوذاً كالجرب المعدي، لا أحد يريد التقرب منه، ولا شأن له ولا وزن. في وقت تتحدث فيه الدول عن مستقبل المنطقة، يجلس العراق خارج الحساب، القادة الذين كانوا يوماً ما يصنعون التاريخ، أصبحوا اليوم يُحاربون في أوراق المؤتمرات كمثال على فشل الحكم المتعارض مع العالم.هذه المأساة ليست مصادفة؛ إنها نتيجة خيانة سياسية تحول بلداً عظيماً إلى مقبرة الهيبة. المليشيات الإيرانية ليست حامية للعراق، بل مستعمرة له، تسرق موارده وتبيد استقلاله، وتجعله منبوذاً والصرخة من الهاوية السحيقة .. فهل يستيقظ العراق قبل الانهيار؟في نهاية الأمر، يقف العراق على حافة الهاوية، منبوذاً من قادة العالم بسبب تبعيته المقيتة، وانتقادات ترامب والبيت الأبيض الصارخة التي تصنفه كدولة فاشلة ومنبوذة. هذا ليس مجرد رفض دبلوماسي؛ إنه إعدام للكرامة الوطنية، ودفن لهيبة بلد أعطى البشرية أبجدية الحياة البشرية الاولى . إن لم يستفق العراق من غيبوبته، ويقطع أوصال الميليشيات والفصائل الولائية المسلحة ، فإن المجتمع الدولي سيتركه يغرق في عزلته، كما ترك الجذام يموت وحده. أين القادة الحقيقيون الذين يصنعون التاريخ، لا يحرفونه؟ العراق يصرخ من قعر الهاوية: استيقظوا قبل أن يدفنكم العالم أحياء!