نتيجة الاحتلال الامريكي وتأسيس السياسة العراقية على وفق أطر طائفية وقومية، صار لزاما لكل جهة أن تفكر بطريقة مرنة، وهادئة، كي تصل الى اهدافها بطريقة سليمة، أدناه سياحة فيما يجب أن يتفكر به العقل السياسي في المناطق الغربية من العراق (الموصل، صلاح الدين، الانبار والمناطق ذات الاغلبية السنية).
بدءاً، على الساسة السنة أن يعوا أن الاسلوب الذي اتخذوه منذ 2003 حتى 2014 لم يحقق لهم سوى التهميش والاضطهاد والفقر والاضطراب، وشبح التقسيم والحرب الطائفية. في حالة وعي ذلك، عليهم أن يفكروا في منهج مختلف للتفكير السياسي. إذا تحقق وعيهم بضرورة التغيير نكون على العتبة الاولى الضرورية للانطلاق نحو المستقبل.
بعد وعي التغيير، ينبغي للساسة أن يبدءوا فورا بتنحية جميع الخلافات الداخلية للبيت السني، ومحاولة كسب أكبر قدر ممكن من السياسيين الآخرين والعشائر لتوحيد الرؤيا حول التحركات القادمة. إذا استطاعوا أن يشكلوا كتلة كبيرة لا تستثني أحدا من المكون السني بصرف النظر عن سلوكياته السابقة او أفكاره ما قبل سقوط الموصل وإذا تم الاتفاق على الاستراتيج العام نكون بصدد رقم صعب ومؤثر في المعادلة العراقية القادمة.
اول وأهم تحرك بعد توحيد صفوف العرب السنة هو كسب العرب الشيعة (كأفراد ومرجعية ومقدسات) الى جانبهم من خلال: اقصاء أي تفكير تكفيري تجاه الشيعة، وطمأنتهم كشركاء وأخوة وعدم التأثر بالصراع السني – الشيعي في المنطقة لخصوصية الحالة العراقية.. سيكون مهما ترسيخ هذه الفكرة كإيمان ذاتي عند عامة
السنة وارسال رسائل ايجابية فيما يخص التقارب بين الطوائف. يجب ان يشعر الشيعي أنه غير مستهدف من التحرك السني الوحدوي، ويجب بناء علاقة راسخة مع الشيعة وعدم استهدافهم بل والبراءة من أي تحرك ضدهم مستقبلا.
على السنة في العراق أن يفصلوا أنفسهم كليا عن الحركات المتطرفة وعدم تبني اطروحاتهم من قبيل داعش والنصرة والقاعدة، وبناء الاسلام السني الوسطي اجتماعيا يهيئ الارض لبذر بذور التسامح وتقبل الاخر سواء كان شيعيا او مسيحيا. هذا الفصل ضروري جدا لرفع اللبس الحاصل بين المكون السني والحركات الارهابية.
من الافكار المركزية في بناء أي كيان مستقر هو تقليل الاعداء الى ادنى حد وتكثير الاصدقاء والحلفاء الى ابعد حد. على الساسة السنة أن يؤمنوا بضرورة تحييد قضاياهم الخاصة وعدم مشابكتها مع الصراعات الدائرة في المنطقة. على سبيل المثال: ينبغي عليهم بناء علاقات وطيدة مع (ايران) او على الاقل الابتعاد عن استعدائها وعدم الاصطفاف مع السعودية في الصراع. إن تحييد أيران عن التدخل في المناطق الغربية هو أحد المفاتيح المهمة التي تؤدي الى الاستقرار. من جهة اخرى، يمكن ترصين العلاقة بتركيا، والابتعاد عن المواجهة السورية العربية من خلال عدم الدخول كطرف في النزاع. كذلك، يجب الدخول مع الاكراد في سلسلة علاقات ودية ومتوازنة تضمنهم كحلفاء لا اعداء وترتيب المسائل العالقة بين الاقليم الكردي والمناطق الغربية بوسائل الحوار وتبادل المنافع. ينبغي ايضا توثيق العلاقات مع الخليج العربي ولا يستتبع ذلك خوض حروب الخليج في العراق بالنيابة. يمكن الاستفادة من الخبرة الخليجية (الاماراتية- السعودية) في انعاش المنطقة اقتصاديا الى اقصى حد ممكن في الوقت نفسه ابعاد المنطقة عن الصراعات الاقليمية بين الخليج وايران.
العمل على التفاهم مع الحكومة المركزية (بشرط ازالة المالكي من الحكم) بحيث تكون العلاقة بناءة وايجابية ومساندة الحكومة في القضاء على الارهاب والجماعات المسلحة، ومحاولة تقوية مجلس النواب بشقه التشريعي والرقابي وضمان حقوق المنطقة الغربية من الموازنة وازالة عوامل الهياج الشعبي المقترنة بحكومة المالكي الاولى والثانية.
العمل ايضا على انعاش الاقتصاد المحلي ودخل الفرد والاسراع في انجاز الخدمات والاعتماد على الخبرة الذاتية فيما يخص القوات المسلحة والامن الداخلي.. لحفظ حدود المناطق الغربية من التسلل الداخلي والخارجي. أهم ما في الموضوع أن يشعر جميع ابناء المنطقة الغربية بوطنيتهم وحقوقهم بحيث يؤدي ذلك الى تماسك داخلي يدفع عن المنطقة أي اختراق او مؤامرات.
ايجاد حلفاء غربيين مؤثرين يسندون التجربة، سواء الاتحاد الاوربي او امريكا والابتعاد عن استعداء العالم وتخويفه بكيان سني قد يكون مركزا للارهاب في العالم.. ينبغي هنا تغيير التفكير بحيث يشعر المواطن بالانسجام مع العالم وبرغبته بصداقة الجميع (الشيعة، الحكومة، الاكراد، ايران، تركيا، الخليج، اوربا) وعند الوصول الى هذه المرحلة نكون عند نقطة الشروع الحقيقية للرفاه والسلام والمستقبل.