لا اعتقد إن شيئاً في الحياة يعطي للإنسان بعده وملامحه الإنسانية وتحقيق الهدف من وجوده على الأرض ، مثل قضية تحمله للمسؤولية مع كل ما تحمله هذه القضية من تبعات ونتائج .
فقد خلق الله سبحانه و تعالى الإنسان مسؤولاً بفعل ما أودع فيه من قابليات وطاقات العقل والإرادة وفطرة السعي المنضبط لتلبية احتياجاته الحياتية المشروعة وتحقيق طموحاته .
ومن هنا فان الابتلاء والامتحان الإلهي للإنسان يجعله يقترب نحو التكامل في سيرته الحياتية ، وبالتالي يمثل ذلك حركة العبور نحو الفوز والنجاح والثواب في الحياة الآخرة .
ومثلما وضع الله للأشياء قوانينها التي بها تستمر الحياة على هذه الأرض فان لتحمل المسؤولية قوانينها وأصولها وقواعدها ، وعندما يخرج أي فعل إنساني أو يتخلف عن تلك القواعد والأصول والقوانين فانه يصبح شيئاً أخر لا علاقة له بالمسؤولية من قريب أو بعيد ..
جاءت فتوى المرجعية الدينية الحكيمة الرشيدة بـ ( الجهاد الكفائي ) تعبيراً وتجسيداً عن المسؤولية العظيمة الملاقاة على
عاتقها ، حتى لا يحل الإسلام الأموي والعثماني والوهابي محل الإسلام المحمدي و العلوي والحسيني ولتفويت الفرصة على أولئك الذين يحاولون خلط الأوراق عبر خلط الحسابات والنتائج.
إما مسؤوليتنا كشعب بعد فتوى المرجعية فلخصها سماحة السيد عمار الحكيم حين دعا الشعب العراقي بقوله : (عليكم إن تتحملوا مسؤوليتكم وان تهبوا و تقفوا بوجه الإرهاب وتدافعوا عن كرامتكم وعن أرضكم ومناطقكم … ) .
و ايضاً دعوت المرجعية على لسان الشيخ عبد المهدي الكربلائي : ( على إلام إن تحث ابنها والاب ابنه و الزوجة زوجها على الثبات والصمود بوجه الارهاب …) .
كلنا يعرف إن الدنيا كل يوم في حال وكل منا يعرف إن ما تسلبه منا لا يمكن استنقاذه منها ، ومن منا لا يعرف إن العمر يمضي سريعاً ، ولكن كم منا وظف هذه المعرفة واستثمرها ؟ ولعلمنا بأن ذهاب الفرصة غصة ، ألا تدعونا هذه الحقيقة على استثمار هذه الفتوى في شبابنا قبل شيخوختنا وفي قوتنا فبل ضعفنا وفي غننا قبل فقرنا وفي جاهنا قبل وضعتنا ، لاسيما إن الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته وخلافته وصلاح الأرض وعمارتها ، وان العبادة لا تكون عبادة حقيقية إلا بتحمل المسؤولية المترشحة من تلك العبادة ، فهذا رسول الله ( ص ) يقول : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ، أذن الكل مسؤول ، وهذا الحديث الشريف يجعلنا أمام حجة بالغة لا نستطيع إن نتنصل عن مسؤوليتنا ، لذا لم يبق أمامنا إلا أن نؤمن ان أي لبنة مهما كانت صغيرة لها مكانها في البناء لا يحتله غيرها ، وهذا يدلنا على إن الإنسان مهما كان مكانته لابد له من أن يؤدي دوره ،امتثالاً وطاعة للواجب والتكليف الشرعي والوطني .