اذ شهدت الأيام القلائل الماضية توقيع اتفاقية دفاع ستراتيجي مشترك بين باكستان والسعودية ( علماً أنّ العلاقات الأمنيّة والعسكرية بين الدولتين عريقةٌ منذ عهودٍ وسنين ” حتى انّ فرقة عسكرية باكستانية جرى ارسالها الى المملكة في بداية الحرب العراقية – الأيرانية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي , كإجراءٍ وقائي واستباقي لأحتمالات اتّساع رقعة الحرب من الجانب الأيراني بأتجاه المملكة ” ) , ولعلّ الأهمّ من كل ذلك هو بقاء وديمومة هذه العلاقات بين البلدين بالرغم من تغيّر الحكومات في كليهما .. من الواضح أنّ توقيع هذه الإتفاقية جاء كإجراءٍ استباقي سعودي لمواجهة حالات الإندفاع والتهوّر الأسرائيلية في توجيه ضَرَباتٍ عسكرية خارج حدودها كما حصل في قطر وسوريا , لمحاولة تخفيف الضغط الداخلي في اسرائيل ولفت وجرّ الأنظار الى الخارج وإبعادها عن الجرائم الدموية المتوحشة في غزة .
ثُمّ , وبغضّ النظر عن هذا الإسترسال الذي طال والذي كان لابدّ منه , فَلَمْ تمضِ يومان اوثلاث على توقيع هذه الأتفاقية الدفاعية , حتى سارعت دولة الإمارات الى توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع الهند < ومن اللافت سرعة هذا التوقيت عمّا قبله .! > , وبغضّ النظر كليّا ونهائيا من أنّ الهند دولة غير اسلامية كباكستان .! لكنّ دولة الهند من اكثر الدول في التعاون العسكري مع اسرائيل , حتى انها تستورد من اسرئيل اسلحة خاصة ومعدات تكنولوجية حربية متطورة , ولعلّ التوقيت السريع لهذه الأتفاقية قد يغدو ” في احدى زواياه الضيقة ” وكأنّه رسالة موجّهة الى السعودية “, بينما في جانبٍ آخر اكثر اهمية فهو رسالة اخرى الى الصين التي بطائراتها المقاتلة اسقطت باكستان احدث الطائرات المقاتلة الهندية حتى في داخل اراضيها او اجوائها في معركة الشهر الماضي , وبالتالي فهذه الخطوة تشكّل استرضاءً آخر للأمريكان ” ولا نقول لإسرائيل ” .
ما هي جدلية الموقف من هذه التناقضات والتضادات في هذه الأتفاقيات ؟ سواءً المبررّة او غير المسوّغة .! كما ماذا يشكّله مجمل ذلك أمام الدول الأخرى لمجلس التعاون الخليجي , والتي تفتقد القُدُرات على التعليق على ما جرى من هذه المجريات , ولا نعلّق عن وجهة نظر الجامعة العربية من ذلك , اذا ما كان لديها ايّ وجهة نظر غير الصمت المطبق .!