رسالة مفتوحة إلى دولة الرئيس محمد شياع السوداني المحترم

رسالة مفتوحة إلى دولة الرئيس محمد شياع السوداني المحترم

دولة الرئيس،
‏في كل مرة تزورون مدينة الموصل، يلمس المواطنون تطورًا عمرانيًا ملحوظًا، كما يشاهدون حفاوة الاستقبال من قبل المسؤولين وشيوخ العشائر وجموع الناس الذين يهتفون بحياتكم. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على المحبة والثقة التي تكونت بينكم وبين أبناء هذه المحافظة.
الآن، يا دولة الرئيس، وبعد أن تحقق الأمن والأمان بفضل قواتنا الأمنية… ومن موقعي كمواطن نينوي مستقل، بعيدًا عن مجاملات السياسيين أو مصالح بعض الشيوخ الذين يركضون وراء صورة يتباهون بها، أجد نفسي مضطرًا أن أنقل لكم صوتًا آخر؛ صوت الشارع الذي يئن تحت وطأة المعاناة.
‏يا دولة الرئيس،
‏إن افتتاح مطار الموصل – الذي طال انتظاره – خطوة مهمة، لكنه في موقعه الحالي داخل المدينة سيخدم بدرجة أكبر أبناء الطبقة البرجوازية والسياسيين، أكثر مما يخدم المواطن البسيط. فهل يكفي المطار ليغطي على معاناة الناس اليومية مع الروتين القاتل في دوائر الدولة، ومعاملات عوائل الشهداء والمفقودين التي ما زالت عالقة منذ أكثر من ثمان سنوات؟
‏‏هل سألتم يا دولة الرئيس عن مئات الأبرياء من أبناء نينوى الذين ما زالوا يقبعون في السجون بانتظار العفو العام؟ كثيرون منهم ينتظرون حريتهم منذ سنوات دون بارقة أمل.
‏وهل تعرفون ان نسبة البطالة في نينوى مرتفعة بشكل مخيف، والشباب يواجهون انسداد الأفق. فما فائدة المطار والهتافات واللافتات إن لم يجد هؤلاء فرص عمل تحفظ لهم كرامتهم؟
‏وكيف يُعقل أن تُعلن وزارة الخارجية قائمة تضم 90 سفيرًا دون أن تضم بينهم سفيرًا واحدًا من الموصل، مدينة الكفاءات والعلماء والأدباء؟ أليست هذه إهانة لتاريخها العلمي والثقافي؟
‏واذا عدنا الى موضوع غلاء المعيشة والقطاع الصحي
‏فان  المواطن الفقير في الموصل يئن من ارتفاع الإيجارات التي وصلت إلى أرقام خيالية، فيما الخدمات الصحية تكاد تكون معدومة. مستشفياتنا تعاني الإهمال، والأدوية شبه غائبة، والمريض يضطر لشراء علاجه من خارجها بأسعار مرهقة. أما المتقاعد المسكين، فقد بات راتبه يضيع نصفه على العلاج والنصف الآخر على المولدات الأهلية، ليبقى القليل بالكاد يسد رمق عائلته.
‏أما التعليم، فحدث ولا حرج. الصف الواحد يضم أكثر من 50 طالبًا، وبعضهم بلا رحلات يجلسون على الأرض. وان الجامعات تعيش حالة إحباط كبيرة، حتى الطالب المجتهد ذو المعدل العالي لم يعد يجد مكانًا في كليات الطب بسبب ارتفاع معدلات القبول إلى أرقام غير معقولة تجاوزت المئة!
يا دولة الرئيس، ألم تلاحظ أن القطاع الصناعي في الموصل وتلك المعامل الكبيرة التي كانت تمتلكها الدولة قد توقفت بالكامل وأصبحت كومة من حديد الخردة؟ ألم يشرح لك أحد المسؤولين عن معاناتها؟ ألم يشرح لك أحد عن معاناة الواقع الزراعي، حيث أصبح الفلاح عندما يريد تسليم محصوله من الحنطة إلى الدولة يدفع مبالغ نقدية ضخمة لتحقيق ذلك؟ كل هذه المعاناة ربما لا يتحدث عنها الطبقة السياسية لأنها لا تعنيهم في الأساس، فهم يركضون خلف المشاريع التي يحققون منها أرباحهم فقط.
‏وكلمتي الأخيرة يا دولة الرئيس،
‏نحن نُقدّر ما أنجزتموه في مجال الإعمار ونلمس خطوات ملموسة في هذا المجال، لكننا نطمح أن يكون لمدينة نينوى نصيب أوفر، خاصة في المستشفيات والمدارس والمشاريع السياحية.
‏ولكي تكون الزيارات القادمة مثمرة، نرجو أن تلتقوا بالمثقفين والأدباء وأصحاب الأقلام المستقلة، بعيدًا عن زيف بعض السياسيين الذين لا ينقلون لكم الحقيقة. اجلسوا مع الناس ببساطة وشفافية، بعيدًا عن السيارات المصفحة، لتسمعوا الواقع كما هو.
‏نحن نرحب بكم بقلوبنا قبل ألسنتنا، ونقولها بصدق:
‏اعمل، فإن الله سيرى عملك والمؤمنون، واعمل فإن العراقيين لا ينسون الفضل، ويحبون من يسهر الليالي في سبيلهم.
‏وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات