دبلوماسي إيراني سابق يقرأ .. أزمة “غزة” والزلزال السياسي في “هولندا”

دبلوماسي إيراني سابق يقرأ .. أزمة “غزة” والزلزال السياسي في “هولندا”

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

تقدم “كاسبار فيلدكامب”؛ وزير الخارجية الهولندي، باستقالة بعد رفض أحزاب (VVD) و(BBB) مقترحاته بخصوص فرض عقوبات جديدة على الكيان الإسرائيلي، وأكد: “كانت الحكومة الهولندية قد اتخذت خطوات مهمة، مع هذا استشعر ضرورة القيام بالمزيد من الخطوات فيما يخص مدينة غزة والضفة الغربية”. بحسّب ما استهل “محمود فاضي”؛ الدبلوماسي الإيراني السابق ومحلل الشؤون الدولية، تحليله المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.

وكان قد تعرض غير مرة للمعارضة فيما يخص العقوبات المفروضة على الكيان الإسرائيلي، ولم يُعدّ قادرًا على تنفيذ خططه وبرامجه، ولذلك قرر التنحي والاستقالة.

وكان قد وصل إلى نتيجة بأنه لم يُعدّ في موقع يخوله فرض المزيد من الإجراءات للضغط على “إسرائيل”، وأن الحكومة الهولندية لا تدعم إجراء تدابير مهمة ضد “إسرائيل” لحربها على “غزة” واستمرار بناء المستّوطنات في “تل أبيب”. وكان قد واجه خلال اجتماعات الحكومة معارضة شديدة لفكرة فرض المزيد من الضغوط على “إسرائيل”.

“هولندا” في أزمة سياسية غير مسبّوقة..

وفتحت استقالة “فيلدكامب” الباب أمام موجة انسحابات متتالية، وانضم إليه؛ “إيدي فان هيوم”، وزير الشؤون الاجتماعية، و”جوديث أوترمارك”؛ وزيرة الداخلية، و”إيبو بروينز”؛ وزيرة التعليم، و”دانييل يانسن”؛ وزيرة الصحة، إلى جانب أربعة وزراء دولة.

وهذه الاستقالات تضع “هولندا” في أزمة سياسية غير مسبّوقة، وهي باعتبارها عضو أساس في “الاتحاد الأوروبي”، تعرضت على مدار الأشهر الأخيرة لضغط كبير من الرأي العام، لاتخاذ موقف أكثر حدة تجاه الإجراءات الإسرائيلية.

و”هولندا” واحدة من إحدى وعشرين دولة أخرى، وصفت تصّويب مقترح كبير للتوسع في بناء المستوطنات الإسرائيلية بـ”الضفة المحتلة”: بـ”الإجراء غير المقبول ويتعارض مع القانون الدولي”.

إجراءات جريئة وترحيب فلسطيني..

يُذكر أن وزير الخارجية الهولندي السابق، كان قد وصف في تموز/يوليو الماضي، وزراء اليمين الإسرائيلي المتطرف: “بتسلئيل سموتريش” وزير المالية، و”إيتمار بن غفير” وزير الأمن الداخلي، بالشخصيات غير المرغوبة، على خلفية دورهم في تحفيز المستوطنين على العنف ضد الفلسطينيين، وذلك بغرض حظر على دخولهما “هولندا”.

كذلك قرر إلغاء ثلاث تصريحات لتصدير قطع غيار السفن البحرية إلى الكيان الإسرائيلي، وحذر من الوضع المتدهور في “غزة”.

بدورها رحبت حركة (حماس) باستقالة “فيلدكامب” وغيره من الوزراء بالحكومة الهولندية، ووصفت هذا الموقف: بـ”الشجاع والأخلاقي”، واعتبرته رد على الجرائم الإسرائيلية في “غزة” ومشاريع التوسع في بناء المستوطنات بـ”الضفة الغربية” و”القدس”.

ووفق الحركة؛ يُجسّد قرار الاستقالة القيم الإنسانية، والالتزام بمباديء القانون الدولي، ويوجه رسالة واضحة بضرورة اتخاذ إجراءات تهدف إلى وقف فاشية العدو ضد المدنيين الأبرياء.

وضع حرج داخليًا..

باستقالته؛ تظل “هولندا” بدون وزير خارجية في وقتٍ يتفحص فيه “الاتحاد الأوروبي” ضمانات أمنية لـ”أوكرانيا”، وتواصل المفاوضات مع “الولايات المتحدة” بشأن التعريفات الجمركية. وستواصل الحكومة الهولندية الحالية، التي تشّكلت بتاريخ 03 حزيران/يونيو 2025م، بعد سحب الثقة من الحكومة السابقة، وتعمل كحكومة تصريف أعمال، مهامها حتى تشّكيل الحكومة الجديدة.

تأتي الأحداث السياسية في “هولندا”؛ عقب استقالة وزير الخارجية، حيث امتنع البرلمان، رغم معارضة بعض الوزراء لسياسات البلاد تجاه “حرب غزة”، عن فرض عقوبات على النظام الإسرائيلي والاعتراف بـ”دولة فلسطين”، وتجنب اتخاذ إجراءات مثل مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وحظر شراء الأسلحة من “إسرائيل”.

الاعتراف الهولندي بـ”دولة فلسطين المستقلة”..

ورغم دعم بعض أحزاب المعارضة للإجراءات ضد “إسرائيل”، إلا أن مقترحاتهم لم تحظَ بالدعم الكافي للتمرير. وكان أحد مطالب بعض أعضاء البرلمان هو الاعتراف بـ”دولة فلسطين المستقلة”، ولكن هذا الطلب لم يحظَ بالموافقة أيضًا.

كذلك شملت مطالب “فيلدكامب”؛ مقاطعة المنتجات المصَّنعة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية ووقف شراء الأسلحة من هذا النظام.

بالوقت نفسه، طالبت (73) كنيسة بروتستانتية في “هولندا”، حكومة البلاد بالاعتراف بـ”دولة فلسطين” ووقف شحنات الأسلحة إلى “إسرائيل”، وكذلك الضغط على “إسرائيل” للقبول بوقف إطلاق النار، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى “غزة”، ووقف العنف في “الضفة الغربية”، والإفراج المتبادل عن الأسرى.

في آخر تصريحاته؛ وصف وزير خارجية “هولندا”، مخطط الاستيطان الإسرائيلي في “شرق القدس”، بغير القانوني، ودان قرار “إسرائيل” بالمضي قدمًا في مشروع (E-1) الاستيطاني غير القانوني، لأنه يُقسّم “الضفة الغربية” إلى قسمين، وقال: “هذا المخطط يُمثّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ويجعل تشكيل دولة فلسطين في المستقبل أمرًا مستحيلًا عمليًا. لقد رفضت هولندا والاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة مثل هذه المخططات وتوسيع المستوطنات غير القانونية… نحن مُلتزمون بحزم بحل الدولتين القائم على المفاوضات ونطلب من إسرائيل عدم اتخاذ إجراءات من شأنها إضعاف هذا الأمر”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة