توزيع الهدايا أو المال أو أي نوع من المنافع للناخبين مقابلالتصويت يعد مخالفة صريحة في معظم دساتير وقوانين دولالعالم، ويصنف غالبا تحت عنوان، الرشوة الانتخابية
في الدساتير الديمقراطية، مثل الولايات المتحدة، دول الاتحادالأوروبي، كندا، وغيرها يعتبر أي تحفيز مادي لتوجيه الناخبين نحوالتصويت لمرشح معين جريمة انتخابية
العقوبة قد تشمل السجن والغرامة، وأحيانا إلغاء نتائج الانتخابات
في الدول النامية أو ذات الأنظمة الهشة للأسف هذه الممارسات قدتستخدم بشكل واسع رغم أنها قانونيا غير مشروعة، ولكن ضعفالرقابة أو التواطؤ أحيانا يسمح بمرورها دون محاسبة. في العراقمثلا (كمثال حي) وفق قانون الانتخابات العراقي، يمنع بشكلواضح تقديم الهدايا أو الأموال للناخبين. نعود ونذكر المادة (32) منقانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2020 تؤكد على ذلك
إذا، لمن يسأل: هل يجوز أن أوزع هدايا، أو بطانيات، أو أجهزة، أوأموال للناس حتى يصوتوا لي؟
الجواب هو: لا. وهذا يعتبر، خرقا للقانون. تقويضا لمبدأ المساواة فيالانتخابات. استخفافا بكرامة الناخب ووعيه
الفرق الجوهري بين “الدعم العلني” وبين “شراء الأصوات بالمال أوالهدايا“، وهنا تكمن النقطة القانونية والأخلاقية
ما هو الدعم المشروع؟
مثلًا: عندما مثلا اذا قامت شخصية مشهورة أو رجل أعمال كبير يعلن على تويتر أو في الإعلام دعمه لمرشح معين أو يتبرع لحملتهبشكل قانوني ومعلن. أو ينشر آراءه عن برنامجه الانتخابي علنا. هذا النوع من الدعم يعتبر، حرية تعبير ومشاركة سياسية مشروعة
وتخضع التبرعات لقوانين تمويل الحملات الانتخابية (يتم التصريحبها رسميا، وتحدد سقوفها)
ما هو الدعم غير المشروع؟
هو عندما يقوم المرشح أو أحد أنصاره بـتوزيع مال، أو هدايا، أومواد غذائية، أو خدمات مباشرة للناس، بهدف كسب أصواتهم أويربط الحصول على فائدة معينة بشرط التصويت له
وهذا يعتبر في كل قوانين العالم تقريبا، رشوة انتخابية، تشويشعلى إرادة الناخب، تقويض لنزاهة الانتخابات
إن ما يحدث في بعض المجتمعات خلال المواسم الانتخابية لم يعدمجرد تجاوز فردي أو اجتهاد خاطئ من قبل مرشحين، بل أصبحفي كثير من الأحيان ظاهرة منظمة وممنهجة تهدف إلى السيطرةعلى إرادة الناس عبر استغلال فقرهم وحاجتهم، وحرمانهم منممارسة حقهم السياسي بشكل حر ونزيه
في المقابل، هناك فرصة عظيمة أمام الناخبين خاصة في الدولالتي تسعى إلى بناء نظام ديمقراطي حقيقي أن يستعيدوا دورهمكمواطنين فاعلين، لا كأرقام تُشترى وتستغل فالتغيير الحقيقي لاتصنعه الهدايا، بل يصنعه وعي الفرد، وإيمانه أن صوته ليس مجردورقة، بل صرخة ضمير وموقف أخلاقي
وعلى السلطات الرقابية، من مفوضيات الانتخابات إلى القضاءوالإعلام، أن تتحمل مسؤوليتها في رصد هذه الممارسات المشبوهة،وتوثيقها، ومحاسبة المتورطين بها مهما كانت أسماؤهم أو نفوذهم. فبلا ردع قانوني حقيقي، ستبقى الرشوة الانتخابية وباءً يفتكبجسد الديمقراطية، ويقوض الأمل في أي إصلاح.
في النهاية، تظل المعركة الحقيقية في صناديق الوعي، لاصناديق الإغراء. ويبقى الأمل معقودا على الجيل الصاعد، أنيرفض بيع صوته، ويقاوم الترغيب والترهيب، ويعيد للانتخاباتمعناها الحقيقي: اختيار نابع من القلب والعقل… لا من الحاجةالمؤقتة أو الهدايا الزائفة .