الديبلوماسية الايرانية تصارع حاليا في اصعب مرحلة من مراحل المواجهة مع الدول الغربية واسرائيل ،حيث تضغط كل من بريطانيا والمانيا وفرنسا على الجمهورية الاسلامية تحت مطرقة التهديد بتفعيل آلية ( سناب باك ) مالم ترضخ طهران للشروط الاسرائيلية – الاميركية .
آلية سناب باك تعني : اعادة فرض جميع العقوبات الواردة في ست قرارات صدرت عن مجلس الامن من عام 2006 والى تاريخ اتفاق ( صيغة العمل المشترك ) في تموز يوليو عام 2015 .
واقرت الية سناب باك بموجب قرار مجلس الامن رقم 2231 الصادر في 20 تموز يوليو 2015. ومن المفترض ان ينتهي مفعول هذه الالية في 18 اكتوبر 2025 اي بعد اقل من شهرين .
قرب نهاية الية التهديد ، حولها الاوروبيون والاميركيون الى فرصة لزيادة الضغط على ايران ، معتبرين ان عليها الاستجابة للشروط في غضون 50 يوما وقبل ان يسارع الغرب نحو مجلس الامن وعقد جلسة لتفعيل هذه الالية .
ويطالب الاورپيون نيابة عن اسرائيل ، بتفكيك ثلاث من اهم المنشآت النووية وعدم تخصيب اليورانيوم الى الابد ، بالاضافة الى وتفكيك الصواريخ التي يتجاوز مداها 1000 كم ..هذا الى جانب شروط اخرى تتعلق بالقضايا الاقليمية .
الى ذلك ، تنعقد اجتماعات وتجري اتصالات بين طهران وعواصم الدول الاوروپية الثلاثه في محاولة لثني الاورپيين عن لعب دور ( شرطي الدورية ) لتنفيذ الشروط الاسرائيلية .
وبحسب صحف اوروبية واميركية ، فإن الاتصالات الاخيرة بين الوزير عراقچي ونظراءه في الترويكا الاوروبية ، لم تتوصل الى نتيجة باستثناء الاتفاق على استمرار الاتصالات .
وفي سياق السعي الايراني لتخطي المتبقي من عمر الية سناب باك وبالتالي الرهان على اسقاط هذه الورقة القانونية بايدي الغرب ، تحاجج طهران بان العديد من التوقيتات في القرار 2231 قد انقضت وكانت لصالحها ، مثل حظر استيراد الاسلحة الذي انتهى عام 2020 وحظر استيراد الصواريخ الذي انتهى في عام 2023 ، وايضا انتهاء حظر التخصيب اكثر من 5% في عام 2022 .. فلماذا يتعين على ايران الاذعان للشرط الجزائي بينما الطرف الاخر لم يلتزم باي من التزاماته سواء الواردة في القرار الدولي ام في الاتفاق النووي ( صيغة العمل المشترك ) لعام 2015 ؟ !
بالمقابل يحاجج الاورپيون بان التعاون معهم عبر النافذه الاوروبية وتقديم تنازلات ، افضل بكثير من الخيار الاميركي ، حيث تتربص ادارة ترامب بطهران وتنتظر موعد 18 من اكتوبر لتعلن بان ايران اخلت بالتزاماتها الواردة بالقرار الاممي المنقضي في ذلك الموعد والذي قد يكون مبررا للرئيس ترامب لشن العدوان مرة اخرى .
الى ذلك ، يفهم الايرانيون بان هذا الظلم وغياب العدالة في تطبيق بنود القرار الدولي 2231 ، يتأتى من معيار القوة واختلال المعادلات والتوازن وذلك في حالة فرضتها ادارة الرئيس ترامب ، ومعها اسقطت قاعدة ،( إحلال الامن والسلم في العالم ) والتي على اساسها أنشئت الامم المتحدة وتشكل مجلس الامن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية .
وإزاء هذا الحالة المقلقة ، تحتاج الجمهورية الاسلامية الايرانية الى بذل جهود مضاعفة تفضي الى زج اصدقائها وحلفائها في أطر واليات جماعية للتفاوض مع الجانب الغربي ، وكذلك اشراكهم في اعادة التوازن لتحسين عناصر القوة لحماية مصالح الجميع في هذه المنطقة .
ويبدو ان الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني مسعود بزشكيان الى الصين للتعاقد على توريد منظومات دفاع جوي فائقة التكنلوجيا ، وايضا تسلم طهران دفعة جديدة من طائرات ( سو-35) الروسية ، تاتي في سياق اظهار ايران قدرتها على اشراك الاصدقاء والحلفاء في هذا الاتجاه .
ديبلوماسيا ، ينبغي على الوزير عراقچي الاستماع جيدا للسيد لاريجاني بشان ضرورة اعادة المفاوضات على اساس ( 5+1) وتفادي الخطأ الذي وقعت فيه الديبلوماسية الايرانية في نيسان ابريل الماضي حينما اعتقد الوزير عراقچي ان المفاوضات المنفردة مع اميركا هي الطريق الاقصر للاتفاق مع سمسار عقارات يؤمن بالصفقات السريعة .
فالخطأ حصل حينما وجد الجانب الاميركي ان الاجتماعات المنفردة مع الجانب الايراني قد غاب عنها الشهود والشركاء وبالتالي صار متاحا لسمسار العقارات ان يلغي الصفقة ويمزق اوراقها وقبل اكتمالها كونه غير مقيد بالتزامات لم يتم التوصل اليها بعد .