خاص: كتبت- نشوى الحفني:
لم تُسّفر القمة التي اتجهت إليها أنظار العالم في “آلاسكا”، الجمعة، بين الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، ونظيره الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، عن أي اتفاق للتوصل إلى حل أو لوقف الحرب في “أوكرانيا”، على الرغم من أن الزعيمين وصفا المحادثات بأنها: “مثَّمرة”.
وخلال ظهور مقتَّضب أمام وسائل الإعلام عقب الاجتماع؛ الذي استمر نحو ثلاث ساعات، قال الزعيمان إنهما أحرزا تقدمًا في: “قضايا غير محدَّدة”، لكنهما لم يُقدّما أي تفاصيل، ولم يتلقيا أسئلة من الصحافيين. واكتفى “ترمب”، الذي عادة ما يُطيل في تصريحاته، بالتأكيد: “لقد أحرزنا بعض التقدم… لا يوجد اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق”.
ولم ينَّتج عن المحادثات أي خطوات ملموسة لوقف إطلاق النار في الصراع، الذي وصفه “ترمب”؛ قبل القمة، بأنه الهدف الرئيس من لقائه مع “بوتين”، مشيرًا إلى أنه أكثر الحروب دموية تشهدها “أوروبا” منذ (80) عامًا.
ورُغم غياب النتائج العملية؛ شكّل اللقاء وجهًا لوجه مع الرئيس الأميركي مكسبًا سياسيًا لـ”بوتين”، الذي واجه عُزلة من قادة الغرب منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”، في عام 2022.
دعوة لمحادثات واشنطن..
وبعد اللقاء؛ قال مصدر مطلع لوكالة (رويترز)، إن زعماء أوروبيين تلقوا دعوة لحضور محادثات بين الرئيسين الأميركي؛ “دونالد ترمب”، والأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، في “واشنطن”، يوم الإثنين.
وأضاف المصدر أنه لم يتضح بعد من هم الزعماء الذين سيحضّرون المحادثات.
وكشف “زيلينسكي” تفاصيل مكالمة أجراها مع “ترمب” عقب لقاء “بوتين”، وقال في منشور عبر حسابه الرسمي بمنصة (إكس): “أجرينا محادثة مطولة وعميّقة مع الرئيس الأميركي”.
وأضاف: “بدأنا بمحادثات ثنائية قبل دعوة القادة الأوروبيين للانضمام إلينا. استمرت هذه المكالمة لأكثر من ساعة ونصف، بما في ذلك نحو ساعة من محادثتنا الثنائية مع الرئيس ترمب”.
وأشار إلى أن: “أوكرانيا تؤكد استعدادها للعمل بأقصى جهد ممكن لتحقيق السلام. أطلعنا الرئيس ترمب على نتائج لقائه مع الزعيم الروسي وأهم محاور نقاشهما. من المهم أن يكون لقوة أميركا تأثير على تطور الوضع”.
وبحسّب تسّريبات من لقاء القمة الأميركي الروسي؛ أبلغ “ترمب”؛ “زيلينسكي”، بأن “بوتين” عرّض تجميّد خطوط المواجهة في أماكن أخرى إذا انسحبت “أوكرانيا” بالكامل من منطقتي “دونيتسك ولوغانسك” الشرقيتين في إطار الاتفاق.
تقديم ضمانات أمنية لـ”أوكرانيا”..
وأعلنت الرئاسة الفرنسية، أمس السبت، أن قادة (تحالف الراغبين) سيجتّمعون بعد ظهر اليوم الأحد عبر خاصية الاتصال المرئي، وذلك قبل زيارة الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، إلى “واشنطن”، المَّقررة غدًا الإثنين.
وقالت الرئاسة إن الاجتماع سيرأسه الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، والمستشار الألماني؛ “فريدريش ميرتس”، ورئيس الوزراء البريطاني؛ “كير ستارمر”.
وقال المستشار الألماني؛ “ميرتس”، أمس السبت، إن “الولايات المتحدة” مستَّعدة للمشاركة في تقديم ضمانات أمنية لـ”أوكرانيا”، وذلك بعد القمة التي جمعت “ترمب” و”بوتين”.
وجاءت تصريحاته؛ خلال مقابلة أجرتها معه قناة (زد. دي. إف) الألمانية، بعد أن أطلعه “ترمب” على نتائج محادثاته مع “بوتين”.
نحو اتفاقٍ شامل..
واستبعد “ترمب”، السبت، وقفًا فوريًا لإطلاق النار في “أوكرانيا”، مشيرًا إلى أنّه يدفع مباشرة نحو: “اتفاق سلام”، غُداة “قمة آلاسكا”.
وكان “ترمب” أكد أنّه يُريد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في “أوكرانيا”، وذلك قبل القمة التي لم يُحقّق خلالها الرئيسان أي اختراق على طريق إنهاء النزاع الدامي المستَّمر منذ ثلاثة أعوام ونصف عام.
ولكن بعد عودته إلى “واشنطن”، قال في منشور عبر منصته (تروث سوشيال): “قرّر الجميع أنّ أفضل طريقة لإنهاء الحرب المروّعة بين “روسيا” و”أوكرانيا”، هي الذهاب مباشرة إلى اتفاق سلام من شأنه أن ينُهي الحرب، وليس مجرد اتفاق لوقف إطلاق النار لا يصمدَّ في كثير من الأحيان”.
وأشار إلى أنه سيستّقبل نظيره الأوكراني في “البيت الأبيض”؛ بعد ظهر الإثنين.
وأضاف: “إذا سارت الأمور على ما يرام، فسنَّحدد موعدًا للقاء مع الرئيس بوتين”، مشيرًا إلى قمة ثلاثية مع الرئيسين الروسي والأوكراني: “من المحتَّمل أن تُنقذّ حياة ملايين الأشخاص”.
حل سلمي لجميع القضايا..
قال الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، خلال اجتماع مع مسؤولين كبار في (الكرملين)، السبت، إن زيارته إلى “آلاسكا” كانت: “مفيدة للغاية وجاءت في وقتها”.
وأكد “بوتين”؛ للمسؤولين خلال الاجتماع الذي بثه التلفزيون، احترام “روسيا” لموقف “الولايات المتحدة” إزاء الصراع في “أوكرانيا”، مشدَّدًا على أن “موسكو” تسّعى إلى إنهائه سلميًا، على ما أفاد موقع (روسيا اليوم).
وأوضح “بوتين” أنه بحث مع “ترمب” أسباب الأزمة في “أوكرانيا”، قائلًا: “أتيحت لنا الفرصة، وهو ما حدث بالفعل، للحديث عن جذور هذه الأزمة وأسبابها”، مشدَّدًا على أن: “القضاء على هذه الأسباب الجذرية هو ما ينبغي أن يُشكل أساس التسوية”.
وأشار إلى أن: “روسيا نتحترم موقف الإدارة الأميركية، التي ترى ضرورة إنهاء الأعمال القتالية بسرعة، ونحن أيضًا نرغب في ذلك، ونرغب في المُضّي قُدمًا في حل جميع القضايا بالوسائل السلمية”.
وختم “بوتين”: “كانت هناك فرصة في آلاسكا لعرض موقف روسيا بهدوء وبالتفصيل، ناقشنا سبُل تسوية الأزمة الأوكرانية على أسس عادلة”.
نصر كبير لـ”بوتين”..
أكدت شبكة (سي. إن. إن)؛ أن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، حصل على كل ما كان يتمناه من “قمة آلاسكا”، بينما خرج الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، بمكاسب محدودة جدًا قياسًا على المعايير التي وضعها لنفسه قبل القمة.
وذكرت الشبكة أن “ترمب”؛ رُغم إعلانه أن القمة كانت: “ناجحة للغاية” ووصفها بأنها: “10 من 10″، إلا أن النتائج أظهرت أنها مثّلت نصرًا كبيرًا لـ”بوتين”، الذي تمَّكن من استغلال اللقاء لإعادة تقديم نفسه كزعيم عالمي بعد سنوات من العُزلة واتهامه بارتكاب جرائم حرب في “أوكرانيا”.
تراجع عن العقوبات..
وأفادت (سي. إن. إن)؛ بأن “ترمب” قدّم تنازلًا مهمًا عندما تبنّى الموقف الروسي القائل إن أي تحرك نحو السلام يجب أن يرتكز على اتفاق نهائي شامل، وليس على وقف إطلاق النار الفوري، ما يمنح “بوتين” مزيدًا من الوقت لمواصلة استنزاف “أوكرانيا”، كما أشارت إلى أن “ترمب” تراجع مؤقتًا عن تهديداته السابقة بفرض عقوبات إضافية على “موسكو” أو الدول التي تشتري “النفط الروسي”.
وأضافت الشبكة؛ أن بداية القمة كانت بعرض للقوة عبر تحليق قاذفة (B-2) وطائرات (F-22)، لكن “بوتين” استغل موقع اللقاء في “آلاسكا” ليقول لـ”ترمب”: “مساء الخير أيها الجار العزيز”، في إشارة إلى أن “واشنطن” و”موسكو” جارتان بينهما مصالح مباشرة لا ينبغي أن تُعطّلها حرب أوروبية بعيدة.
ارتياح أوروبي..
وبحسّب (سي. إن. إن)؛ شعر القادة الأوروبيون بالارتياح لعدم خروج: “خطة تبادل أراضٍ” بين “روسيا” و”أوكرانيا” من القمة، لكنهم يخشون في الوقت نفسه من ضغوط قد يمَّارسها “ترمب” على الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، خلال لقائهما المرتقب في “البيت الأبيض”.
وأوضحت الشبكة أن فشل “ترمب” في الحصول على وقف لإطلاق النار يُعدّ مؤشرًا خطيرًا، لأن “روسيا” تُجيّد الدخول في مفاوضات طويلة الأمد تتَّيح لها مواصلة القتال بالتوازي مع المحادثات، بينما يحتاج الأوكرانيون إلى وقف فوري للهجمات الجوية والصاروخية.
كما ذكرت (سي. إن. إن)؛ أن “ترمب” يسعى بوضوح وراء صورة: “صانع السلام العالمي” و”جائزة نوبل”، لكنه يواجه الآن أسئلة صعبة: هل يواصل الضغط على “كييف” من أجل اتفاق مفروض يُعزّز مكاسب “روسيا”؟ هل يعود إلى سلاح العقوبات لإجبار “بوتين” على التراجع؟ أم يكتفي بقبول الرؤية الروسية لمحادثات طويلة ومفتوحة؟.
“بوتين” استغل “ترمب”..
واعتبرت الشبكة الأميركية المحافظة؛ أن أسلوب “ترمب” المعتَّمد على: “المظاهر قبل الجوهر” ارتدّ عليه في “آلاسكا”، حيث بدا “بوتين” أكثر استعدادًا، بينما ظهر “ترمب” وكأنه يفتقر إلى خطة واضحة. كما رأت أن “بوتين” استغل رغبة “ترمب” في الاستعراض الإعلامي، ونجح في دفعه إلى تقديم تنازلات دون مقابل ملموس.
الحرب الأصعب..
وقالت إن فشل “ترمب” في تحقيق ما وعد به بشأن إنهاء حرب “أوكرانيا” بسرعة، إضافة إلى تورط إدارته في الأزمة الإنسانية في “غزة”، يجعل حُلمه بالحصول على جائزة (نوبل للسلام) بعيد المنّال.
واعترف “ترمب” نفسه بعد القمة: “كنت أظن أنها ستكون الأسهل بين جميع النزاعات، لكنها اتضح أنها الأصعب”.