عندما يختار الكاتب عنوانًا لمقالته، قد ينحاز قلمه أحيانًا إلى شخصية بعينها تأثر بها، ليس فقط لعِلمه أو مكانته، بل لما قدّمه من إنجازات وخدمات إنسانية لا تُعد ولا تُحصى. واليوم، وجدتُ نفسي أكتب عن طبيب ليس كغيره من الأطباء… عن إنسان استطاع أن يُعالج الأمراض المستعصية بعِلمه المتطور، ويداوي جراح النفوس بطِيب قلبه ورِقّة لسانه.
إنه الدكتور شيت مطلگ الجبوري، الطبيب الإنسان، والاختصاصي الفذ في أمراض القلب، وبالتحديد كهربائية القلب. رجل جمع بين حكمة العلم ونُبل الأخلاق، فكان بحق أنموذجًا مشرفًا للطبيب العراقي.
وُلد الدكتور شيت في قرية الخضرانية، التابعة لقضاء الشرقاط في محافظة صلاح الدين، تلك القرية الوادعة التي تتوسط الطريق بين مدينة الموصل من الشمال وتكريت من الجنوب. قريةٌ صغيرة بمساحتها، كبيرة بعطائها، أنجبت الأدباء والعلماء والمثقفين، حتى باتت تُعرف بين أهلها بـ”قرية الأطباء والعلماء”. فيها نشأ وترعرع الدكتور شيت، وهناك خطت خطواته الأولى نحو طريق العلم والمعرفة، فكان نبوغه واضحًا منذ طفولته.
اليوم، وأثناء زيارتي له في عيادته بمدينة تكريت لغرض إجراء كشف طبي بسبب تسارع في ضربات القلب، وجدتُ نفسي أمام رجلٍ يختصر في شخصه كل معاني الإنسانية. كان استقباله لي يفوق الوصف، وابتسامته الصادقة كانت كفيلة بأن تُخفف عني الألم قبل أن يبدأ الفحص.
لم يكن مجرد لقاء بين طبيب ومريض، بل كان لقاءً مع رجل شعرت وكأني أعرفه منذ سنوات. يُصغي لك بكل حواسّه، يسألك بدقة، ولا يستعجل التشخيص لأجل “الكشفية”، كما يفعل البعض. بل يُجري فحوصاته بدقة، ويتعامل مع حالتك وكأنك أحد أفراد عائلته.
ولعل أكثر ما لفت انتباهي وأثّر فيّ، هو احترام المرضى له، خصوصًا كبار السن، الذين كانوا يدعون له من أعماق قلوبهم، ويذكرون أهله بالخير والدعاء، لأنه كان ثمرةً صالحة لذلك البيت الطيب. وحق لهم أن يفخروا به، فالدكتور شيت لم يرفع فقط اسم عائلته، بل رفع راية الطب النزيه في بلد أنهكته الظروف.
صدقًا، إنني أكتب هذه السطور وكل كلمة فيها تنبع من القلب، لأن ما رأيته منه يستحق التوثيق والثناء. هو ليس فقط طبيبًا متميزًا في اختصاصه النادر، بل إنسانٌ يملك من الصفات الحميدة ما يندر أن تجتمع في شخصٍ واحد.
ولن أنسى تشخيصه الدقيق لحالتي، وتوجيهه لي بأسلوبٍ مبسّطٍ فيه الكثير من التطمين والثقة. وقد قررت أن أستمر معه في المتابعة، حتى يمنّ الله علي بالشفاء التام بإذن الله.
شكراً لك، دكتور شيت، ليس فقط لأنك طبيب بارع، بل لأنك إنسان نبيل.
شكرًا لأنك جعلت من مهنتك رسالة، ومن علمك نورًا، ومن عيادتك بابًا مفتوحًا للراحة والأمل.
دمتَ ذخراً لهذا الوطن، ودمتَ كما أنت… قلباً ينبض بالعلم والرحمة….