في بيان له عدّ نجل مؤسس حزب الدعوة الإسلامية جعفر محمد باقر الصدر , إنّ ما يحصل في العراق حاليا نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة التي انتهجها القائمون على الحكم من انفراد بالسلطة وفي اتخاذ القرار وتهميش الآخرين واختلاق الأزمات والدخول في محاور إقليمية كان لها الأثر البالغ في تأزم الوضع وشّل العملية السياسية والمساس بوحدة الوطن وشعبه , ومقترحا قيام حكومة وحدة وطنية جامعة لكل مكوّنات الشعب ويقوم على عاتقها معالجة الأزمة التي تمرّ بها البلاد , وإقصاء المسؤولين المباشرين عليها , خاصا بالذكر رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي الذي فشل كما يقول في كل الملفات حتى صار عامل فرقة لا وحدة .
والغريب في هذا البيان ليس ما ورد فيه من أسباب لتأزم الوضع السياسي والأمني ودخول البلد في حرب غير مباشرة مع السعودية وقطر وتركيا , ينفذها البعث المجرم والإرهاب الدوّلي من القاعدة وداعش وباقي المنظمات الإرهابية وغيرهم , فهذه الأسباب يرددها أعداء العراق والشعب العراقي بشكل عام وأعداء التشيّع بشكل خاص , وخصوصا الإعلام القطري والسعودي وبشكل يومي , فلا جديد فيها , لكنّ الغريب في الأمر أن يقوم شخص مثل جعفر الصدر البعيد تماما عن السياسة ومجرياتها , بإصدار بيان يتبّنى فيه ويردد ما يقوله أعداء العراق والشعب العراقي في إعلامهم الأصفر , ويدعو بمثل ما يدعون إليه بضرورة إقصاء نوري المالكي في حكومة الوحدة الوطنية التي يقترحها لحل هذه الأزمة .
فأي حكومة وحدة وطنية هذه التي يدعو إليها جعفر الصدر من دون نوري المالكي الفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية والمتصدي الأول للإرهاب والبعث المجرم ؟ وأي وحدة وطنية هذه التي تأتي بالخونة والمتآمرين على وحدة العراق وسيادته وثروته ودستوره والمتخاذلين عن الدفاع عن ترابه , وتقصي من يتصدّى للإرهاب والقتل ويدافع عن وحدة هذا الوطن وسيادته ودستوره , ومن يرفض سرقة نفطه والتصرّف به بعيدا عن إشراف وموافقة الحكومة الاتحادية ؟, وأين هي احترام إرادة الشعب الذي اختار المالكي وتحالفه ؟ وهل الدعوّة لإقصاء نوري المالكي عن أي حكومة قادمة تنمّ عن وطنية صحيحة غير مغلّفة بأجندات ونوايا أطراف سياسية هي أحد أهم أسباب هذه الأزمة ؟ ومن الذي أوحى لجعفر الصدر في هذا الوقت الحرج الذي يخوض فيه شعبنا العراقي وقواته المسلحة البطلة أشرف المعارك والحروب ضدّ أعداء الله والوطن ليدلي بهذا البيان المشبوه ؟ أم أنّ جعفر الصدر هو الآخر يريد أن يكون خليفة لنوري المالكي ؟ .
فإذا كانت الأمور قد اختلطت على جعفر الصدر بسبب أكاذيب الإعلام المعادي للعراق وشعبه , فنوّد أن نوّضح له أنّ ما يحصل في العراق هو امتداد لما يحصل في سوريا وفي عموم المنطقة من أحداث سياسية وحروب طائفية تستهدف محاصرة إيران والإطاحة بنظامها من خلال الإطاحة بنظامي الحكم في العراق وسوريا ومحاصرة حزب الله والقضاء عليه , وما يقوله الآخرون عن إقصاء وتهميش أهل السنّة في العراق , هي أكذوبة يراد منها إيجاد مبرر للخروج على النظام والقانون وإعلان الحرب عليه , أمّا القول بتفرّد المالكي بالحكم واتخاذ القرار , فهي الأخرى كذبة سخيفة يعرفها حتى الطفل في العراق , وإن كان جعفر الصدر لا يعرفها فليسأل وزراء التيّار الصدري المشاركون في الحكومة عن آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء , وهل لنوري المالكي أكثر من صوته عند التصويت على هذه القرارات ؟ , وكيف يمكن لنوري المالكي أن ينجح في مهام حكومته وجميع الشركاء في الحكومة بما فيهم أعضاء التيّار الصدري لا همّ لهم سوى وضع العصى في دواليب عجلة الحكومة من أجل عرقلتها في إنجاز مهامها في تقديم الخدمات وتحقيق الأمن للناس , وهل يعلم جعفر الصدر أنّ أطرافا سياسية في العملية السياسية قد تآمرت مع الأجندات الخارجية المعادية للعراق من أجل تمزيق وتفتيت وحدة العراق ؟ فلماذا يترك جعفر الصدر المتآمرين على وحدة البلد واستقراره ويوّجه سهامه لنوري المالكي ؟ أهذه وطنية أم أنّ البقر قد تشابه على السيد جعفر الصدر ؟ .