الجهل لا يسقط كما تسقط الورقة في الخريف،

ولا يُقتل كما يُقتل العدو في الميدان.

الجهل كائن خفي، يسكن في زوايا القلب، وفي طيات العقل،

وفي الموروث، وفي الصوت العالي، وفي الصمت الجبان.

الجهل لا يهزم بالصراخ، بل بالضوء.

لا ينهار أمام الشتائم، بل يرتجف حين تقترب منه الأسئلة.

هو يخاف من الطفل الذي يسأل “لماذا؟”

ومن العجوز الذي يعترف “ربما كنت مخطئًا”،

ومن الشاب الذي يفتح كتابًا بدل أن يرفع راية.

لا يقضي على الجهل من يحاربه بسيف الحقد،

بل من يصبر عليه كما يصبر النور على الظلمة؛

يتسلل إليه، شقًّا بعد شقّ، حتى تذوب العتمة.

الجهل لا يرحل حين يُهان، بل حين يُفهم.

حين نرى من أين جاء،

ومن أطعمه،

ومن وضعه على العرش،

ومن ركع له.

هو يعيش في المجتمعات التي تمجّد الصوت بدل العقل،

وتكرّم الجلاد وتلعن السؤال،

ويُقضى عليه حين تصبح الكرامة في المعرفة، لا في الطاعة.

سيُهزم الجهل،

حين يعرف الناس أن من يخاف على عقولهم من النور،

هو نفسه من يربح من بقائهم في الظلام.