شخصيا اشعر بالمرارة والاسى ،ولوعه الذكرى،  وصور اقاربي ومنهم ابن خالي وابن عمتي والالاف من العراقيين والايرانبين ، من الذين قضوا في هذه الحرب. صورهم لا زالت تناشدني وتناشد الجميع بان لا مجال للعيش في هذه الارض الا بالمحبة والاخوه والسلام.
فعند تناول الحرب العراقية–الإيرانية (1980–1988) لا بد أن ننطلق من منهج التحليل الموضوعي البعيد عن العاطفة والانحياز. فالتاريخ العسكري والسياسي لا يُقاس بالشعارات أو المواقف المسبقة، بل بالأرقام والمعطيات والنتائج الميدانية التي تكشف حقيقة ما جرى، وكيف أثرت القرارات القيادية الخاظئة، على مصير الدول والشعوب. والمراجعة العلمية لهذا الصراع تمنح فهمًا أعمق لآليات صنع القرار وأخطائه، وتوضح كيف يمكن للحسابات الخاطئة أن تتحول إلى كوارث استراتيجية تمتد آثارها لعقود.
كانت الحرب العراقية–الإيرانية مثالًا واضحًا على الكلفة المدمرة للقرارات السياسية الخاطئة. فقد دخل نظام صدام حسين الحرب في سبتمبر/أيلول 1980، وهو يعتقد أن الحسم سيكون سريعًا، مستندًا إلى تقديرات استخباراتية وسياسية مضللة عن ضعف إيران بعد الثورة. لكن الصراع سرعان ما تحوّل إلى حرب استنزاف مفتوحة امتدت لثمانية أعوام، التهمت موارد البلدين وأرهقت شعبيهما.
بالأرقام، وقد تكون الارقام غير دقيقة) فقد دفع العراق ثمنًا باهظًا:بخسارة ما يقارب 200 ألف جندي، وإصابة أكثر من 400 ألف آخرين، وفقدان معدات عسكرية بمليارات الدولارات، وتراجع الناتج المحلي بما يقارب 50%. أضف إلى ذلك ديونًا خارجية تجاوزت 80 مليار دولار، وخسارة مساحات استراتيجية مثل أجزاء من البصرة ومناطق حدودية، قبل أن يستعيد بعضها في المراحل الأخيرة من الحرب.
ومع تراكم الاستنزاف البشري والاقتصادي، وجد النظام العراقي نفسه عام 1988 متوجها إلى وقف إطلاق النار، والعودة إلى اتفاقية الجزائر التي سبق أن أعلن إلغاءها مع بداية الحرب. وقد يكون المشهد نفسه كان حاضرًا على الجانب الإيراني، .
في المحصلة. فالحرب، رغم نهايتها على الورق بوقف إطلاق النار، خلّفت جرحًا غائرًا في جسد البلدين، وغيّرت موازين القوى في المنطقة، وأظهرت أن سوء التقدير الاستراتيجي يمكن أن يفرغ الدولة من قوتها البشرية والاقتصادية، ويضعف نفوذها الإقليمي لسنوات طويلة.
لقد أثبتت هذه التجربة أن الحروب الطويلة لا تصنع أمجادًا، بل تصنع أجيالًا مثقلة بالخسارة، وأن الانتصار في معارك الدبلوماسية والحسابات الدقيقة قد يكون أقل تكلفة وأطول أثرًا من أي نصر يُنتزع من فوهة البندقية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات