حوار مع بروفيسورة علم النفس والتي يواظب على حضورها صفاً تلو صف من تضاريس الأغتراب في مدينة ما تبقى من ( الفرتقال ) الشاعرة الدكتورة وحيدة حسين
حوار / راضي المترفي
وحيده حسين ..
وملامح من وجوه الكتابة
في الشعر والنفس
————————-
– الرغبة بالأكتشاف غريزة لا شعورية قد تتشكل على صورة دافع ملهم للأبداع ..
– الشاعر كائن يتفرد برغبته الملحة في التعبير عن ..
– اكثر من اداة يعتمدها الباحث في التحليل النفسي و..
– قراءات النفس دالة منحازة لمفازة الشعر
– الوعي واللا وعي اهم مؤشرات المدرسة التحليلية ..
. هناك من يقرأ ليحفظ وينال ميدالية الببغاء وهناك …
– ازقة الفراشات كما لحن الماء ..
قد تفسر الضوع والهدير ووو
– لا أريد أن اتجنى على الغد ولكن ..
————————————————————————
عندما تراها او تقترب منها تشعر انها اختك او قريبتك ولو كنت صغيرا في السن وليس عجوزا مثلي لربما شعرت انها اقرب خالاتك إلى نفسك وقد تشكو لها همومك في هذه الحياة كيف لا وانت تراه صنو امك والعوض عنها في غيابها لكنها تختلف عندما تدخل قاعدة الدرس
وتلقي نظرتها الفاحصة الأولى على طلابها فقد يرتعد من أهمل في تحضير مامطلوب من درس كيف لا وهي اختصاص بما تخفي النفوس ومن الذين يوصفون بأنهم ( مايفوت عليهم قرش قلب) وتعالوا معي لنطرح عليها اسئلتنا من دون خوف من قراءة الأسئلة بشكل خاص بعلم النفس..
س/ ماهي قصة تسميتك ( وحيدة ) علماً ان اخر وحيده عرفها العراقيين قبل أكثر من ( 70 ) عام ..؟
— أما عن أسمي ..
فمن الممكن أن تطرق باب أُمي فهي التي ذرفت دمع الوحدة بين أزقة كركوك ..
عندما تزوجتَ من أبي واخذها من أحضان الناصرية الدافئة الى جديد وغريب ومثير كركوك لتبقى وحدها في غربة اللغة وملامح الفرشاة التي رسمت لها وجوهاً غير مستنسخة وشوارع معبدة تاهت في ضراوة سعتها ..
وحدها كانت وابي رجلاً عسكرياً يتركها طويلاً شهراً وشهرين كل يوم ويومين في أعالي الجبال من حصاروست الى رانيا و چمچال ومواقع اخرى أيام الحرب الدائرة بين الجيش وثورات الأكراد في البحث عن الهوية ..
وكانت نغمات ( وحيدة خليل ) وهي تشكو ألم الغربة والوحدة تحاكي رصيف قلبها لتبحث هي عن هويتها المتساقطة يوماً بعد آخر حتى وُلدت فأسقطت عليّ هذه الوحدة ، تلبستها آلفتها ، واتسعت لي بما يشبه المصير ورغم ترحالي بين المدن كما اراد عمل ابي ومسايرة أمي كزوجة مسحوقة في الانسياق والخنوع من كركوك الى بغداد والى الناصرية وحتى ديالى ..
بقيتُ كما ارادت أمي في لا وعيها الممزوج دمعة وفقد لا ينتهي ( وحيدة ووحيده ) ..
س/ مالذي دفعك لدراسة علم النفس هذا التخصص العلمي الدقيق والمتعب والذي يفقدك علاقتك الودودة مع الآخرين عندما تتم مصارحتهم بالحقيقة التي يكتشفها الغوص العميق في مجاهل النفس ..؟؟
— الرغبة في الأكتشاف هي غريزة موجودة لدى الانسان عموماً ، اما فيما يخصني فهي تحركني كثيراً وتدفعني بأتجاهها بشكل لا حدود له ، لهذا وجدتني وانا في المرحلة الاعدادية اقرأ كثيراً عن علماء النفس وارائهم المستفزة او اللاذعة في السلوك الانساني او قراءة القصص والروايات المحبكة في تفسير الدوافع النفسية وكيف توجه السلوك وتعلله بما يجيب عن الكثير منّ الأسئلة التي كانت تشغلني كثيراً عن النفس واسرارها فقرأت الكثير والكثير ولكن ازداد نهمي في المعرفة ووجدتُ نفسب اكتب اول ما اكتب في انسبابية القبول المركزي اسم هذا التخصص الذي كان بالنسبة لغزاً محبباً وغامضاً فرض عليّ اتباعه مغمضة البيان والعنوان ..
س/ الأطباء اختصاصات مختلفة وكل منهم يفحص العضو المختص فيه باللمس او المشاهدة واحياناً يعتمد الأعراض ..
وانتم كيف تفحصون وفقاً لاختصاصكم ( النفس ) وهي ليست بالكيان المنظور .. ؟
— هناك ادوات عدة في الفحص النفسي وكما يقول الامام علي عليه السلام
( المرء مخبوء تحت لسانه لا تحت طيلسانه ..)
فالكلام هو من اصدق اساليب التفحص ولكن الكلام الذي نبحثه ليس هو الكلام المنظم والمنمق والذي يتفوه به الانيان وهو مستريح ومسترخِ ويفكر ثم يقول ..
اكثر الكلام صدقاً هو الذي يتأتى من المقولة الشهيرة ..
( غاضب صديقك أو نافسه واتعبه .. تستطلع سرائره ..)
فالانسان كائن ذكي يرتب الكلام بما يحفق له حماية النفس ، وكلما زاد في اسلوبه لحماية نفسه زاد البحث النفسي حوله وازدادت الاسئلة كثافة والحاحاً ، فالمبالغة هي آلية دفاعية لا واعية في التغطية على حقائق وتفاصيل كامنة في اللاوعي والبحث عنها يحتاج الى طريق وآخر في البحث والتقصي..
اذن فأساليب البحث في النفس لا تكون ناجحة اذا كانت مباشرة صريحة لان النفس الانسانية فيها من الجيوب والازقة ما تستهوي الباحث محاولات ومحاولات وادوات تختلف عن ادوات
هناك الكلام المباشر كالمقابلة مثلاً وهناك اساليب تقريربة كالكتابة وهناك مواقف قد تكون عفوية وغير منظم لها لاستسقاء الحقيقة بشكل اصدق وادق ..
س/ كيف تزاوجين بين الخيال ( الشعر ) وبين قراءة النفس ( العلم )
— قد تكون قراءات النفس دالة منحازة لمفازة الشعر ..
الشعر زاوية ثرية ومحصلة كبيرة ولا محدودة من مجموع العلوم والفنون المختلفة مسهمة بشكل كبير في أثراء الكتابة الشعرية..
وعندما اكتب قصيدة فأن كتابتي موسومة بشكل ما بتضاريس علم النفس وطقوسه المتشعبة ، وهذه التداخلية تساهم كثيراً في تحقيق هويتي الخاصة في القصيدة وكثيراً ما أشار النقاد الى شعرية قصيدتي الشعورية واللا شعورية تأثراً بعلم النفس بحيث ان لدي مجموعة شعرية ب أسم ( في لا وعي نخلة ) والوعي واللا وعي من اهم ملامح المدرسة التحليلية لعلم النفس وتكاد تكون ركيزة اساسية في دراسة النفس بل ومفسراً عميقاً للسلوك الانساني عموما وما الشعر الا شكلاً من اشكال هذا السلوك ..
اما عن النفس الانسانية وكيف يسهم الشعر في تفسيرها ، فأنما يُعد الشعر سلوكاً إبداعياً مغايراً وذو مرتبة عليا للتفكير ، فالشاعر كائناً متفرداً في التعبير عن الحاجات النفسية بشكل صريح او ضمني قد يكون دلالياً مجازياً يستخدم الاستعارة والرمز في التعبير وهذا يعتبر اسلوباً مدركاً للجمال وطرق التعبير عن الذات من خلاله مما يشير الى الذكاء اللغوي الذي يحتكم عليه الشاعر وثقافته العميقة والكبيرة في وصف وتفسير تطلعاته ومفهوماته في مختلف تفاصيل المحيط العام والخاص ..
س/ قرأت بعضاً من نتاجاتك الشعرية فوجدت كثيراً منه يتميز بأستعاارت متمايزة من عالم إلى آخر بحيث تكون الصورة الشعرية فيه صادمة احياناً بدلاً من أن تكون موحية .. ؟
— ربما يلجأ الشاعر للتغيير في اساليب التعبير ، وهذا من اهم ما يميز الكتابة الابداعية ، المفروض أن يكون الشاعر وهو يكتب القصيدة متمايزاً عن غيره ممن يكتبون ولا يكون نسخة مكررة لهم ، بل يفترض به ان يكون متمايزاً حتى عن نفسه بين فترة كتابية واخرى ..
س/ بماذا تختلف الحياة الزوجية عند المختصين بعلم النفس عن غيرهم ..؟
— لا يُشترط ان تكون مختلفة ..
هناك من يقرأ ليحفظ كالببغاء ويردده على سطور الأستماع ربما من باب التمظهر السطحي او ادعاء ما لا يعيّ أو يستطيع ..
الحياة الزوجية محنة وهي حتماً بحاجة الى ادوات الدراسة النفسية لنساعدها على العدول عن تنفس الصبح .. وعند الظهيرة تتساوى الاسماء تحت سماء واحدة ، فتبدو الالوان متصالحة مع اسمائها ، وهنا يكون الحل أسهل ، والعبور اكثر يسراً ، والتورية تضمحل ..
كل هذا مشروطاً بتوقيت الظهيرة من حساب القلب ..
وهنا على القلب ان يكون فقيهاً ويستوعب ما بين الأبيض والأسود من تصورات وارراق وحجرات متداخلة ..
س/ كيف تكون وحشة الصفصاف ..؟
—عندما لا يصغي اليك قلب الصديق اكثر مما يصغي ل أضغاث صوته ..
س/ بماذا تختلف ازقة الفراشات عن غيرها .. ؟
— أزقة الفراشات كما لحن ماء لا يعيّ سوى صوت القارب ..
وهكذا هو العطر الذي تبحث عنه المسافات في غريزة الفراشات ..
س/ هل للأسماء رموش
وماهو شكلها .. ؟
— لأسمك عنوان قد يكون مندساً في جيبك ، وقد يثرثره الحلم في نية نيسان
وقد تنساه في بريد الشجر ..
معلقاً في كَم التمني
س/ هل للحروف لهفة ..
وهل لهذه اللهفة شرود ..؟
— اللهفة في ذاكرة الحرف تذبل اذا كان الوقت خارجاً من اصلاب الندى ..
ليكون الشرود حيلة غير واعية للخروج بعيداً عما يهدد جبين الميعاد ..
س/ صفيّ لي صدر القصيدة وذراع الريح .. ؟
— عندما تنتمي لكبرياء المعنى فأنت مسدداً على صدر القصيدة .. واذا خرجت من غيرك ف أنت مشتتاً على ذراعي ريح .. ولا يستدل عليك العبير
س/ هل شممت رائحة العينين وهل كانت لهما رائحة اصلاً ..؟
— العين هي التي تشمُ رائحة الأشتياق من لمحة لؤلؤة مكتوبة على سطور القلب ..
والقلب هو الدليل على صوت المعنى في سريرة الكلمات
س/ بماذا تمرغ ظنون الحليب ..؟؟
— العقوق هو الذي يمرغ نوايانا في حب الحب .. ويخدشنا الندم في عقر الأمومة
ولكن الأمومة لا تندم مهما أستعان بها الحساب ..
لان الحساب قلبه أعمى
والأمومة مدّ حافل بالسنبلات من أجل خبز لا ينطفأ هديره
س/ هل للهيل طفولة ..
ومتى يبلغ الحلم .. ؟
__ ما دام الرجاء في طوع المفتاح
فأن للهيل طرقات ونهر
س/ متى يسيل كحل اللقاء ..؟
— يسيل الكحل عندما يخبرني الغد بأنني على موعد معه ..
س/ متى يجف لحاء الود ..؟
— يجف لحاء الود عندما تنبض السااعات خارج رحم التحسس الندي
س/ هل يُمشط الفرح ..
ومتى ؟؟
— نمشط الفرح على سبيل صدفة والصدفة لا تثق بالموعد ..
س/ متى يكون الصوت أعزل
ومتى يتسربل بالسلاح ..؟
— الصوت الأعزل هو أنطفاء الابتسامة في وعيّ الكلام ..
ويتسربل صوتي بالرصاص عندما يتلبسني القنوط ..
س/ من يندمل أسرع.. الجرح او الأرق ومن منهما يوضع في ماعون الليل .. ؟
— الأرق هو الدليل على يقظة الجرح والجرح هو السبيل لتنفس الأرق عبر الساعات اليتيمة ..
س/ من هو آخر الشعراء الذي آمن بمريم وماهي اخر قوافيه .. ؟
— ربما يكون شاعراً من البنفسج .. سيأتي من تضاريس الملح
ولا تذبل قافيته في أبجديات الحب ..
س/ حدثيني عن بعض قمح ايامك ..؟
– لا أريد أن أتجنى على الغد .. ربما يقول لي ما لا يقوى عليه النهر الهارب من أصابعي
بعد هذا السير الطويل المتعرج احياناً والذي يلفه الغموض في بعض الجوانب
مقابل سطوع في زوايا أخرى قررت أن ارفع الراية البيضاء واعلن عدم قدرتي على المطاولة لان المتسلحين في ( علم النفس) يسيرون في دروب تأخذنا نحن الذي لانملك غير كلمات لاتفضي الا لمعنى واحد وهو التيه البعيد …
حوار / راضي المترفي