شهدت الصادرات التركية إلى العراق تراجعاً كبيراً خلال شهر حزيران الماضي ، حيث بلغت قيمة الصادرات 626 مليون دولار فقط، مسجلة انخفاضًا بنسبة 37% مقارنة بشهر أيار 2025 الذي بلغت فيه الصادرات 991 مليون دولار، وبنسبة 14% مقارنة بشهر حزيران 2024 الذي سجل 727 مليون دولار .
ان حركة التبادل التجاري تشكل مقياسا للإجراءات بين البلدين وتطمين المصالح المتبادلة والعلاقات المتكافئة والطيبة , ان هذه العلاقات وضعت تحت مجهر النقد والدعوة لربطها بموقف تركيا السلبي من بعض الملفات وتعقيداتها وبقائها من دون حلول , فمنذ سنوات والفعاليات الاجتماعية وبعض القنوات الرسمية والخبراء والمختصين في المجالين السياسي والاقتصادي يدعون الى مراجعتها وربط أي تطوير لها , وتحقيق طموحات تركيا باستجابتها الى المطالب الوطنية العراقية المشروعة التي وضعت الجارة في احدى اذنيها طين والاخرى هجين مثلما يقال , فمشكلة المياه لم تعالج وترفض حلها على وفق القانون الدولي وحصول بلدنا على حصة عادلة وثابته من المياه وانقاذ الرافدين وشعبهما من سياسة التعطيش , وليس هبات بأمره.
الى جانب ذلك مؤخرا انهاء اتفاق انبوب النفط واشتراط اعادة السماح بمرور النفط وعمله بطاقة قدرها 5ر1 مليون برميل يوميا , أي على العراق الغاء جزء من تصدير نفطه من البصرة بمد انبوب الى ميناء جيهان ومضاعفة رسوم المرور , أي تقاسم الثروة مع تركيا ورهنها بسياستها , كما على العراق مشاركة تركيا في الصناعة البتروكيمياوية , باختصار انها تريد رسم السياسة النفطية للبلد , انه شكل من اشكال الاستعمار الاقتصادي ..
علاوة على ذلك تنتهك تركيا السيادة الوطنية وتحتفظ بعشرات القواعد العسكرية ونقاط السيطرة ولا يلوح في الافق انها تحترم السيادة العراقية , لأنها مطمئنة على مصالحها الاقتصادية , حتى انها لا تنفذ حكم محكمة باريس ..
هذا غيض من فيض ما يعيق تطور العلاقات الاقتصادية للبلدين ويعمق النقد للحكومة العراقية ويوجه تهمة التقاعس من ان تجعل الربط بين تنمية العلاقات الاقتصادية والمصالح الوطنية العراقية نهجا لها مع الجارة .
على ما يبدو ان هذا التراجع جاء لأسباب فنية وعارض وليس بنمو الاقتصاد الوطني , وانما ارتبط بالإجراءات التنظيمية الجديدة من تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية وبدء تطبيق نظام “الأسكودا” لتنظيم دخول البضائع , انه ليس سياسة ونهجا , فلو كان الامر كذلك لباشر العراق في العمل على اضافة منافذ جديدة لتصدير النفط مع دول الجوار الاخرى , أي البحث عن بدائل غير مرتهنة بالغير , بما في ذلك طريق التنمية.
نريد سياسة ثابته ورصينة تضع المصلحة الوطنية اولا وعلى اساس التعاون المتكافئ الذي يحفظ علاقات حسن الجوار والشراكة الحقيقية التي لا تغمط حق احدا ولا تفرط به .