الوعي هو بصيرة لا تُلقَّن

الوعي هو بصيرة لا تُلقَّن

الوعي ليس علماً يُسكب في الذهن، ولا كتاباً يُطالَع، ولا محاضرةً تُرتّل على المسامع.
الوعي يقظةٌ تسكن القلب، ونباهةٌ تُضيء العقل، وصدقٌ في النظر إلى الذات قبل أن تُحدّق في العالم.
ليس الواعون هم الأكثر حفظاً، ولا الأوسع اطلاعاً، بل هم الذين يُحسنون الصمت حين يعلو اللغو، ويتكلمون حين يُطلب الحق، ويعرفون ما يستحق أن يُقال، وما يُترك للزمن.
الوعي أن ترى الأشياء كما هي، لا كما يُراد لك أن تراها…
أن تُدرك أن الكثرة لا تصنع الحق، وأن الضجيج لا يُثبت الصواب، وأن كل ما يلمع ليس ذهبًا.
الوعي، يا بنيّ، ليس أن تمشي مع القافلة، بل أن تعرف وجهتها.
ليس أن تُقنع الناس، بل أن تُقنع نفسك أولاً، أن تكون صادقاً في بحثك، نزيهاً في حكمك، أميناً في رؤيتك.
الجاهل قد يُخطئ فيؤذيك، أما من لا يعي، فيؤذيك بثقة الجاهل وغرور من يظن أنه يعلم.
فكن يقظاً لا تغرّك العناوين البراقة، ولا تُبهرنك الواجهات المصقولة، وابحث عن الجوهر، وإن كان تحت ركامٍ من الغبار.
فالوعي ليس أن تعرف كل شيء، بل أن تُدرك ما هو أهم شيء، وأن تتصرف على هديه، بثباتٍ لا يُزعزعه صخب، وببصيرةٍ لا تُطفئها الظنون.

أحدث المقالات

أحدث المقالات