الفلسفة علم له مرديه ومؤلفاتها الكثيرة من حيث الاصطلاحات والرجال ، وان كان التعريف فيه بعض الضبابية الذي يجعل منه بحاجة الى فلسفة فيصبح خارج دائرة المعرفة .
اصلا كلمة فلسفة تعني الحكمة والحكمة تختلف عن المتاهات التي يعتمدها الفيلسوف الان في اثبات شيء ، وهنالك من ندم على دراسته الفلسفة ومنهم مثلا ابن العربي .
في الحوزة العلمية منتصف خمسينيات القرن الماضي منع الشيخ صدرا البادكوبي من تدريس الاسفار لملا صدرا المتالهين لانه لايخدم مناهج الحوزة الا ان السيد محمد باقر الصدر كان من المهتمين بالفلسفة فحسب ما ذكر في سيرته انه درس الاسفار على يد الشيخ البادكوبي لوحده في بيته خفية طوال خمس سنوات .
وبعد ذلك ظهر كتاب فلسفتنا الذي يعتبر من الكتب الرائعة في الرد على المادية وجاءت روعته بنفس اسلوب اثبات المادية فلسفيا فرد عليهم فلسفيا ، ولكن لو لم يرد عليهم السيد الصدر فهل ستبقى فلسفة المادية رائجة ؟
لنضرب مثالا على الفلسفة كما ذكره السيد الصدر وهو الكرسي والنجار ، فالخشب الذي يعتبر المادة الاساسية لصناعة الكرسي يعتبر العلة المادية والنجار الذي صنع الكرسي العلة الفاعلية ، يعني لولا العلة الفاعلية لما صنع الكرسي وهذا تاكيد لولا الله عز وجل لما وجد العالم ، هذه الاجابة الفلسفية ، رد عليه احد دعاة الفلسفة المادية ( مهدي النجار) على هذا المثال قائلا ان الكرسي مادة، النجار ايضا مادة و النجار لم يخلق الكرسي الذي تعتبر مادته اصلا موجودة اضافة الى أن النجار سيتخلى عن كرسيه بعد الانتهاء من صناعته، فهو ليس ملازماً له ، يعني حسب ادعاء السيد الصدر كذلك ان الله سيتخلى عن العالم بعد صناعته .
وعاد السيد الصدر ليرد على المعترض انه استدل بهذا المثل لاثبات العلة الفاعلية والعلة المادية حيث ذكر انه إثبات الثنائية بين العلة المادية والعلة الفاعلية من خلال دراسة المادة على ضوء الفيزياء أولاً، ثم على ضوء الفلسفة ثانياً، ثم على ضوء الوجدان ثالثاً، والمعطيات العلمية :الفيزيولوجيا والبيولوجيا وعلم الوراثة وعلم النفس.
وانا اقول هذه احدى متاهات الفلسفة التي ابعدت المعترض عن الاقتناع ، ثم قسم السيد الصدر في كتابه فلسفتنا المعرفة الى ضرورية ونظرية وعاد المعترض مهدي النجار ليدعي ان هنالك معرفة ثالثة وهي الوحي والاستشراق الذي يعتبر أساساً لكثير من المعارف من وجهة نظر دينية ، وهنا رد عليه السيد الصدر فلسفيا قائلا : الحقيقة أن الوحي إذا نظرنا إليه من زاوية الشخص الموحى إليه، فهو معرفة ضرورية على مستوى الحس، وإذا نظرنا إليه من زاوية غير الموحى إليه من الأشخاص المؤمنين به فهو معرفة نظرية تقوم على أساس الاستدلال والاستنتاج، لأن غير النبي يثبت النبوة والوحي وما يرتكز عليها من حقائق بالدليل، وبذلك معرفته نظرية .
وهناك فرق بين الوحي والإشراق يجدر الإشارة إليه : إذ أن الإشراق هو عملية الارتفاع إلى مستوى الكشف والاتحاد مع المعارف والحقائق. أما الوحي. قهر تلقى المعرفة بصورة موضوعية من الخارج ، فلا موضع لجعل الوحي قسماً ثالثاً إلى جانب المعارف الأولية والمعارف .
وانا اقول النتيجة لا المعترض اقتنع ولا السيد الصدر اقتنع انا اصلا مقتنع بما يريد اثباته السيد الصدر بخصوص الالوهية لكن اسلوب الفلسفة عقدها وباعدها
اما عن التاريخ فالفلسفة حقيقة عقدت اثبات المطلوب لان الاشكال الاول هو الاستدلال بالروايات وبالرغم من فيها الضعيف والمحرف والموثق فان الفيلسوف يستنجد بالرواية التي تتفق وبراهينه حتى ولو كانت ضعيفة
ومن المباحث التاريخية التي عالجها السيد الصدر فلسفيا هي اية ان الناس كانوا امة واحدة وبعد بعثة الله للانبياء مبشرين ومنذرين وفق شريعة سماوية حتى يحكم بينهم بالحق فتفرقوا ، هنا يعتبر التشريع السماوي سبب تفريق الامة . وهنا ياتي البحث كيف كان الناس قبل بعثة الانبياء ؟ وعن اجابة هذا السؤال كتب السيد الصدر : ” وفي الحديث عن الإمام الصادق عندما سأله سائل عن البشر : أفي ضلالة كانوا قبل النبيين أم على هدى ؟ فأجاب عليه السلام : لم يكونوا على هدى. كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق الله ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله. أما تسمع يقول إبراهيم (لان لم يهدني ربي لأكونن من الضالين ).
وبدا البحث عن المدلول الاجتماعي الكامل للآية، أي ( وكان الناس أمة واحدة ) . وهنا لنا وقفة مع هذه الاية وفق مفهومنا التاريخي ، الن يختلف ابنا ادم وهم في الجنة هذا اولا ، ثانيا ان مسالة كان البشر امة واحدة لانه لا قانون ينظم حياتهم والاقوى يفعل ما يشار والاضعف ينفذ رغما عن انفه ولكن كيف يمكن لهم تمييز الحق عن الباطل ؟ واكثر هذه الامم كان النبي فردا من افرادها قبل ان يعلن نبوته ، واغلبهم عندما يعلنون نبوتهم ويبلغون رسالات الله عز وجل لتنظيم حياتهم من المؤكد يحصل الاختلاف فهنالك من يلتزم وهنالك من يعترض ولكل جهة جماعتها ، ونرى ان اغلب الانبياء يتبعهم الضعفاء الذين اضطهدوا من قبل الاقوياء (وما نراك اتَّبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) ، وفي قصة اخرى طلب الاقوياء طرد الضعفاء حتى يؤمنوا برسالة الله وهذا ما لم ينفذه النبي
ومسالة ما يتعلق بالنبي ابراهيم عند طلبه الهداية من الله فانها اية ضمن ايات لعدة مفاهيم قصد منها النبي ابراهيم الاستدلال لقومه ان الافول ليست من صفات الله ، وهو يسايرهم في تفكيرهم لكي يوصلهم الى قناعة تامة بالله عز وجل كما ذكرت كتب التفاسير .
واخر ما اختم به ما جاء في كتاب الامام الصادق عليه السلام كما عرفه علماء الغرب (وقد قسم الصادق (عليه السلام) نظريته بشأن تعريف العلم والفلسفة إلى شقين، فقال في الشق الأول إن العلم يوصل المرء إلى نتيجة واقعية حتى ولو كانت صغيرة ومحدودة ولكنها نتيجة حقيقية فعلا، أما الفلسفة فلا توصله إلى نتيجة ما.)