أول دستور عراقي صدر عام 1925، والذي أُطلق عليه القانون الأساسي للعراق، قد نصّ على أن «للعراقيين حرية التعبير عن الآراء ونشرها والالتقاء بها
أرجأ مجلس النواب العراقي، جلسته التي كانت مقررة للتصويت على مشروع قانون «حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي»، في ظل تصاعد التحفظات المحلية والدولية على بنود المشروع، وغياب التوافق السياسي حوله. وفي إجراء عقابي، وجّه النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي بنشر أسماء النواب المتغيبين وقطع مبلغ مليون دينار من رواتبهم.,, وعبر مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية هو الآخر عن رفضه لصيغة المشروع، وسجل خمس ملاحظات رئيسية وصف فيها القانون بأنه يمثل تراجعاً عن الحريات ويكرّس ثقافة تكميم الأفواه بأساليب ناعمة. وانتقد المركز اشتراط الحصول على موافقة مسبقة للتظاهر، وإشراك القضاء في إجراءات معقدة تُفقد الحق في التظاهر مرونته، فضلاً عن تقييد التظاهرات العاجلة وربطها بتقديرات الجهات الأمنية، إلى جانب الاستناد إلى قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، وهو ما اعتبره المركز عودة إلى ممارسات الحقبة الدكتاتورية,,, وكانت منظمة العفو الدولية قد دعت المشرّعين إلى التصويت ضد المشروع أو إدخال تعديلات جوهرية عليه، مشيرة إلى أن تمرير القانون خلسة ودون نقاش علني أو شفافية يعكس توجهاً مقلقاً نحو مزيد من التضييق على الحريات. الباحثة في الشأن العراقي لدى المنظمة، رازاوصالحي، حذرت من أن القانون قد يُستخدم لملاحقة النشطاء والصحفيين استناداً إلى مواد غامضة، واعتبرت أن مسودات المشروع تتضمّن عقوبات قاسية تصل إلى السجن عشر سنوات، وتشكل امتداداً لسلسلة من الإجراءات القمعية,, وذكرت المنظمة في تقريرلها أن “مجلس النواب العراقي من المقرر أن يناقش قانوناً جديداً قد يفرض قيوداً غير مبررة على حرية التعبير والتجمع السلمي”، مشيرة إلى أن “القانون المقترح يهدد بمزيد من تقييد الفضاء المدني، ويضفي الطابع الرسمي على ممارسات القمع المتزايدة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة,,, واوضحت الباحثة في شؤون العراق بمنظمة العفو، رزاوز صالحي، أن “على النواب التصويت ضد أي تشريع يضيف أدوات جديدة للسلطات تقوّض حرية التعبير أو التجمع”، مؤكدة أن “مشروع القانون بصيغته الحالية يتعارض مع التزامات العراق الدستورية والدولية”.وأضافت صالحي، أن “الصحفيين والنشطاء في العراق يواجهون بالفعل تهديدات ومضايقات واعتقالات تعسفية، على خلفية تعبيرهم عن آراء مشروعة”، لافتة إلى أن “السلطات تعتمد على مواد غامضة في قانون العقوبات مثل التشهير والمساس بالنظام العام لقمع الأصوات المعارضة”.,, وتابعت المنظمة، أن “عملية إعداد مشروع القانون جرت في أجواء من السرية، دون مشاورات حقيقية مع المجتمع المدني”، محذّرة من أن “عدم الشفافية في هذا المسار التشريعي يُنذر بفرض مزيد من القيود، خاصة وأن النص القانوني لا يوفّر ضمانات فعلية لحماية الحريات الأساسية”.
ورغم هذه الانتقادات، أكدت لجنة حقوق الإنسان النيابية أن تعديلات جوهرية أُدخلت على المسودة، وشملت حذف الفقرات التي تتضمن عقوبات جزائية، وإلغاء إلزامية الموافقات المسبقة، فضلاً عن تغيير اسم القانون إلى “قانون التجمع السلمي”. النائبة نيسان الزاير، عضو اللجنة، أوضحت أن التعديلات تهدف إلى حماية المتظاهرين وحرية الصحافة، وأن اللجنة تتابع الإجراءات الحكومية بعد إقرار القانون لضمان تطبيقه دون تقييد الحريات.
المسودة المعدّلة، المؤلفة من 17 مادة، تعرّف التظاهر السلمي بأنه تجمّع المواطنين للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم، وتسمح بعقد الاجتماعات الخاصة دون إذن مسبق، لكنها تشترط تقديم إشعار قبل خمسة أيام لعقد الاجتماعات العامة. المشروع يحظر التظاهرات بين العاشرة ليلاً والسابعة صباحاً، ويفرض عقوبات مشددة على التحريض على الكراهية أو الطعن بالمعتقدات الدينية، كما يمنع ارتداء الأقنعة أو حمل الأسلحة والأدوات الجارحة خلال التظاهرات.,, ورغم إعلان البرلمان عن تضمين ملاحظات المجتمع المدني في النسخة الأخيرة من المشروع، إلا أن منظمات حقوقية لا تزال تعتبر أن المسودة تفتقر إلى الشفافية والمشاركة المجتمعية، محذّرة من تمريرها ضمن توافقات سياسية مغلقة قد تقوّض الحريات المدنية ,, مع تزايدالمخاوف من قبل نشطاء وصحفيين حول قانون الجرائم المعلوماتية، وإمكانية استخدامه ضد حرية التعبير، فضلاً عن دخول “الأمزجة السلطوية” في تطبيقه، لكن هناك العديد من المختصين يتحدثون عن أن القانون ربما ينهي الصراع بين وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات، من حيث الصلاحيات والإجراءات
وتحتوي الكثير من الفقرات على عقوبات شديدة تمس حرية الرأي في المجتمع ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وفق المالكي الذي أشار إلى أن هذا ما خرجت به نقاشات اللجنة القانونية بالتشاور مع لجنة النقل والاتصالات ولجنة الثقافة ,, واعتبرت اللجنة القانونية النيابية ان القانون المطروح حاليا له أولوية في الدورة النيابية الحالية، لكنه يجب أن يعمد على حفظ حقوق وحريات المواطنين وعدم المساس بها، وبالمقابل يحد من الجرائم الالكترونية مثل حالات الابتزاز والتشهير وتضليل الرأي العام وغيرها”، مشيراً إلى أن تشريع مثل هكذا قوانين مهمة لها علاقة بحرية الرأي والمعلوماتية تحتاج لنقاشات عميقة داخل البيت التشريعي للوصول للصيغة النهائية بعد وصول المسودة من الحكومة
وخلال العامين الماضيين، أثار قانون جرائم المعلوماتية جدلاً كبيراً في الأوساط العراقية، خاصة مع إنهاء مجلس النواب قراءته الأولى بطلب تقدمت به وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري، وانقسمت آراء العراقيين بين متخوف من إقراره، ومؤيد له لمراقبة محتوى النشر على الفضاء الإلكتروني. واضافت ان تشريع القانون يمكن أن ينظم وسائل التواصل الاجتماعي التي تسودها الفوضى حالياً، مما أدى إلى انتشار ظواهر الابتزاز الإلكتروني والإساءة للقيم والأعراف الاجتماعية والعائلية بدواعي حرية التعبير”، فيما يسبق رأي الوزيرة وجهة نظر من منظمة “هيومن رايتس ووتش” بأن “عدم مضي مجلس النواب في عرض مسودة قانون جرائم المعلوماتية يعد انتصاراً لحرية التعبير الإلكترونية في العراق”، بحسب بيان رسمي للمنظمة. هناك اعتراضات كانت تظهر في السابق على امتلاك وزارة الاتصالات الحق في منح التراخيص لشركات الانترنت لأنها صلاحيات يجب أن تكون للهيئة، لكن الأمر دفع الوزارة للاتجاه إلى القضاء ورفع دعاوى قضائية ضد الشركات وهذا لا يجوز”، مؤكداً أن “القضاء العراقي قال كلمته الفصل ومنح الهيئة حق منح التراخيص للشركات، وعاد مرة أخرى ليمنع الوزارة من حجب المواقع والمواقع الإعلامية، لافتقادها إلى السند القانوني
في أوقات سابقة تم تصنيف العراق على أنه بلد خطر على الصحافيين. تبخرت كذبة حرية التعبير سريعا. كان هناك من يفاخر بأن الناس في العراق صاروا يقولون علنا ما كانوا يفكرون فيه بالسر. كل الذين قُتلوا من الصحافيين كانوا قد صدقوا تلك الكذبة فدفعوا حياتهم ثمنا لذلك الخطأ. وإذا ما كانت الميليشيات هي التي تقتل فإن الدولة ليست جادة في حماية المواطنين من القتل. بل إن الدولة في الجزء الأمني منها تُدار من قبل زعماء تلك الميليشيات ,, هناك الآلة الإعلامية تعمل ليل نهار على غسل أدمغة العراقيين من أجل فرض واقع جديد تكون فيه إيران هي سيدته التي لا غنى عنها وتكون الطائفية المدعومة بالميليشيات هي البديل للمواطنة ويكون الفساد هو المحرك لحياة العراقيين. أما مَن يقف ضد تطبيع الهيمنة الإيرانية والتمزق الطائفي والفساد فإن رصاصة ستكون ثمن حياته. الكلمة ثقيلة فيما الرصاصة خفيفة. هناك الكثير من حملة السلاح مقابل أقلية لا تملك سلاحا سوى الكلمة. المسلحون لا يخسرون شيئا حين يتخلصون من رصاصة أما الكلمة فإنها تخسر الكثير حين يصمت واحد من حملتها.
قُتل في العراق بعد احتلاله أكثر من مئتي صحافي. في حين قُتل 69 صحافيا في الحرب العالمية الثانية وفي حرب فيتنام قُتل 63 صحافيا. يتفوق العراق في قتل الصحافيين بسبب تواطؤ النظام السياسي مع الميليشيات التي تمارس القتل وهو ما يفسر عجز القضاء واتساع دائرة الإفلات من العقاب كما أن المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة لا تمارس عملها بطريقة مهنية إذا تعلق الأمر بالعراق لكونه لا يزال محمية أميركية وكل ما حدث له وما يحدث فيه هو صناعة أميركية وإن بدا بغطاء إيراني , ويتكوّن مشروع القانون الحالي، من 17 مادة، اقترحت اللجنة تعديل أو حذف العديد منه , ومن المفترض أن يهدف المشروع إلى تنظيم التعبير عن حرية الرأي، والذي يصفه بـ«حرية المواطن في التعبير عن أفكاره وآرائه بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بأية وسيلة أخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة , ويعرّف المشروع التظاهر السلمي بـ«تجمع عدد غير محدود من المواطنين للتعبير عن آرائهم أو المطالبة بحقوقهم التي كفلها القانون… والتي تُنظّم وتُسيّر في الطرق والساحات العامة , وينصّ المشروع كذلك على حظر «الدعوة للنزاع المسلح أو التحريض على التطرف ودعم الأعمال الإرهابية أو بث الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو الطائفية»، إلى جانب حظر «الطعن في الأديان والمذاهب والطوائف والمعتقدات، والانتقاص من شأنها أو من معتنقيها».وأجاز مشروع القانون للمواطنين «حرية عقد الاجتماعات الخاصة من دون الحاجة إلى إشعار أو إذن مسبق»، لكنه يشترط لعقد الاجتماعات العامة «الحصول على إذن مسبق من رئيس الوحدة الإدارية قبل 5 أيام على الأقل، على أن يتضمن طلب الإذن موضوع الاجتماع والغرض منه، وزمان ومكان عقده، وأسماء أعضاء اللجنة المنظمة له».ويمنع مشروع القانون «إجبار المواطنين على المشاركة أو عدم المشاركة في الاجتماعات العامة أو التظاهرات السلمية». كما يحظر «حمل السلاح الناري بجميع أنواعه، والأدوات الجارحة، أو أية مواد أخرى تُلحق الأذى بالنفس أو الممتلكات عند الاجتماع»، ويمنع أيضاً «تنظيم التظاهرات قبل السابعة صباحاً أو بعد الساعة العاشرة ليلاً»، كما اقترحت اللجنة حظر «ارتداء الأقنعة والأغطية من قبل المجتمعين أو المتظاهرين أو المعتصمين
يشير مختصون قانونيون،، إلى أن “القانون لم يضع تعريفاً واضحاً للفرق بين النقد والانتقاد وهو المهم مع الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي في حين نلاحظ أن قانون العقوبات ميز بشكل واضح بين السب والقذف والتشهير”، مبيناً أن “النقد يراد منه الإصلاح والتقويم والخير في حين أن الانتقاد هو لوم وكشف المستور ونشر الغسيل”. وتابعوا، أن “النقد يخلو من ركن الجريمة المعنوي والذي هو أساس جرائم السب والقذف والتشهير، لكن الانتقاد هو إسناد واقعة لشخص إذا صحت ستجعله موضع ازدراء في قومه وأيضاً هو المساس بالمشاعر، ولذلك فالنقد يمثل حسن النوايا وظاهر الخير وباطن الجمال، أما الانتقاد فهو يمثل مخالفة العادات والتقاليد والأعراف السائدة, واكدوا ان النقطة الأهم في القانون هو ضرورة تشخيص الجهة الرقابية على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يجب أن يتم إنشاء قسم خاص في هيئة الإعلام والاتصالات يكون بمثابة تعديل لقانون ٦٥ لسنة ٢٠٠٤ ويضم هذا القسم مجموعة من المختصين في الإعلام والقانون”، مبيناً أن “مهمة الفريق المختص تكون مراقبة ما يتم نشره وهو يرتبط بالمدير التنفيذي للهيئة حتى يتم إحالة أية جريمة تشخص إلى المحكمة المختصة مع ربط الفريق وهذا العمل بجهات أمنية أيضاً لتبادل المعلومات معها,, وقبل أشهر من الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يحاول البرلمان تكثيف نشاطه لتشريع قوانين إشكالية، بعد أن واجه سيلاً من الانتقادات على خلفية اضطرابات سياسية عطلت قائمة طويلة من القوانين الأساسية، كما يرى مراقبون