عندما يتوافقُ القضاءُ معَ دفوع المحامي المبدع يصدر قرارا رائعاً

عندما يتوافقُ القضاءُ معَ دفوع المحامي المبدع يصدر قرارا رائعاً

يلعب المحامي، دورا حيويا، ومهما في تحقيقِ العدالة، وسيادةُ القانون، وتطويرَ المؤسساتِ القانونيةِ للدولة، والمساهمةُ في بناءِ الدولةِ الحديثةِ، منْ خلالِ تطويرِ وتحديثِ القوانينِ والتشريعاتِ النافذة، والدفاعُ عنْ حقوقِ الأشخاص، ، وتعزيزَ العمليةِ الديمقراطية، وجوانبُ عديدةٌ أخرى، يعرفها ذوي الشأنِ القانونيِ .

   منْ خلالِ متابعاتي وقراءتي، لبعضِ القراراتِ القضائية، التي يصدرها القضاءُ العراقيُ بمختلفِ تشكيلاته، من محاكم مجلسِ القضاءِ الأعلى، أوْ مجلسِ الدولة، الى المحكمةِ الاتحاديةِ العليا، منْ أجلِ التنورِ بالمعرفة، والثقافةُ القانونية، كونني محام، وأستاذ أكاديمي، ولتوسيعِ آفاقي القانونية وجدت بعض القرارات الرائعة التي يجب أن تتأطر نصوها بلوحات جدارية مطرزة بأثمن المعادن، وتعرض في متاحف العدالة، لتزينها بالعدالة الحقيقية، لما ، تتضمنه، من أبعاد وطنية،واجتماعية، وإنسانية.

      استوقفني بعضُ القراراتِ القضائيةِ المتميزة، التي أصدرتها المحكمةُ الاتحاديةُ العليا، التي كانَ خصمها السلطةُ التشريعيةُ في الدولة، رغمَ إقامتها منْ قبلِ المحامي المختص، لموضوعٍ محدد، ولمصلحةَ شخصية، تجاوزتْ أبعادهاالأشخاص المدعين بها، لتمتدّ، وتشملَ شرائحَ أخرى منْ المواطنين، وبعضَ مؤسساتِ المجتمع والدولة، لتصبَ في إصلاحِ المنظومةِ السياسيةِ والقانونيةِ للدولة،ليسَ في مصلحةِ الأحزابِ والكياناتِ السياسيةِ الحاكمة ، وتصبح مبدأً، يسترشدَ بهِ المحامونَ في دفوعهمْ القانونيةِ للحالاتِ المشابهة.

    إن العراقَ أكبرَ وأهمَ منْ المسمياتِ الأخرى الزائلة ، كما يذكرنا التأريخ، فيانهيار، وتفككَ أقدمَ وأكبرِ الأحزابِ في العالم، إلا، وهوَ الحزبُ الشيوعي، الذي انتشرتْ أفكارهُ في بدايةِ القرنِ التاسعِ عشر، وما بعدها، لمعظمِ دولِ العالم، وخاصةً الدولَ الأوربيةَ الشرقيةَ سابقا. وانتهى في ليلةِ وضحاها، ولمْ يبقَ منهُ سوى اسمهِ، وبصيغتهِ الشكليةِ البسيطةِ لبعضِ الدول، وأزيلتْ تماثيلُ رموزهِ التاريخية، وركنتْ أفكارهُ في رفوفِ المتاحف.

     من خلال متابعتي لبعض الدعاوى، التي توكلُ بها المحامي المبدعُ (شوكتْ فاضلْ السامرائي ) أمام المحكمة الاتحادية ، ودفوعه القانونية المقدمةِ لها، وتجاوب المحكمة معها وإصدارها لقراراتها الرائعةَ مستندةً إلى الدستورِ النافذ، والتشريعاتِ النافذة. لتخدم المجتمع قبل المدعي، وتسهم في رسم خطوط الدولة الحديثة. هذا لمْ يحصلْ لولا، ذكاء، وثقافةُ المحامي الزميل، وما يدخر في جعبته القانونية من أسانيد ودفوع لخلقَ المبرراتِ والأسبابِ القانونيةِ، ودمجها مع الوطنيةالمعروف بها. على أثرها، أصدرتْ  المحكمة الموقرة ، قراراتها الرائعةَ في دعمِ العمليةِ السياسيةِ، وبناءُ مؤسساتِ الدولةِ بالشكلِ الصحيحِ وفقَ مبادئِ الدستور، وتوجيه السلطتين التشريعية والتنفيذية الى المسار الصحيح لبناءٍ لدولةِ الحديثة. التي أصابها الخللُ الكبيرُ بسببٍ (المحاصصةُ ) ، التي أسهمتْ  في تفكيكه وتقسيمه ، لفئاتٍ متعددة؛ ما بينَ القوميات، الأديان، الطوائف، والمذاهب

       لقدْ اخترتُ قرارينِ للمحكمةِ الاتحاديةِ العليا، منْ التي ترافعَ فيها، زميلنا؛ الأستاذُ ( شوكتْ السامرائي) في الشأن الديمقراطي؛

  أولهما؛ القرارُ المرقمُ (89/ اتحادية/ 2019) المتضمن، إلغاءُ المحاصصةِ السياسيةِ في المناصبِ العليا للدولة، ويكون الترشيحُ لها حسبَ الكفاءة، وعدمَ امتلاكِ السلطةِ التشريعيةِ صلاحيةَ التعيينِ للأحزابِ الحاكمةِ لهذهِ الوظائفِ ذاتِ الدرجاتِ الخاصة، لمخالفتها مبدأَ تكافؤِ الفرصِ لكلِ العراقيينَ بموجبَ الدستور. ( إنَ السيرَ في خلافِ ما نصَ الدستورُ عليه، قدْ خلقَ ما يدعي بتتْ (المحاصصةُ السياسية) في توزيعِ المناصب…..).

     ثانيهما؛ القرارَ المرقمَ (23/ اتحادية/ 2020) ، وهوَ الأكثرُ، إبداعاً وتقبلاً منْ النخبةِ المثقفة،  وروادُ الديمقراطية من أبناء شعبنا، المتعلقَ بحريةِ الرأيِ والتعبيرِ والتظاهر السلمي، المتضمنَ (15) فقرة، يعد منْ أروعَ ما صدرَ منْ محكمتنا الاتحاديةِ الموقرة، في مجالِ الحرياتِ وحقوقِ الإنسان، وكأنما إصدار قانون جديد، وليسَ قرارُ حكم. فقد، أبدعَ قضاتنا المحترمينَ في تفاصيله، وكأنهمْ منْ العاملينَ في مفوضيةِ الأممِ المتحدةِ الساميةِ لحقوقِ الإنسانِ في جنيف، إذ؛ يصلحَ أنْ يكونَ كتابٌ منهجيٌ يلحقُ بمادةِ حقوقِ الإنسانِ ، التي تدرسُ في المرحلةِ الأولى في جامعاتنا العراقية، ضمنَ منهاجها الدراسيِ المقررِ منْ وزارةِ التعليمِ العلميِ والبحثِ العلمي.     ( . . . تجد المحكمةُ الاتحاديةُ العليا أنَ نطاقَ حريةِ التعبيرِ عنْ الرأيِ والتظاهرِ السلميِ ليسَ ثابتا في كلِ زمانٍ ومكان، وإنما يتغيرُ في الزمانِ الواحدِ بتغيرِ المكان، وبالمكانِ الواحدِ يتغيرُ الزمان، تبعا للظروفِ والملابساتِ المحيطةِ باستعماله، وعلى أساسِ ذلكَ فلا يجوزُ المساسُ بما يهدرُ جوهرَ الحقِ والحريةِ أوْ ينتقصُ منْ محتواهما . . .) .

     وهكذا يكونُ المحامي المبدع، عندما، يتجاوزَ الأطرَ الكلاسيكيةَ في الترافعِ  وتقديم الدفوع القانونية، معززةً بأسانيدها، وبتجاوبَ  القضاءِ العادل معها. ويخلق سوابق قانونيةٍ تسترشد بها الدولة ، لتتساوى في منزلتها معَ القوانينِ النافذة ، ويتناسى، الجوانب المالية والشخصية في الربحُ أوْ الخسارةِ في دعواه، بلْ يخلق، مبدأٌ قانونيا، تتداولهُ الأجيالُ في كتاباتها، يستندَ إليهِ، طالبوا العلمِ في ثقافتهم، والمحاكمُ في إصدارِ قراراتها، والمحامينَ في دفوعهمْ القانونيةوهنا، لنا وقفة قصيرة، يتطلب من نقابة المحامين الموقرة ، أن تكرم محاميها المتميزين من المساهمين في ترسيخ العدالة، وبناء المجتمع ، ونختمُ مقالتنا، بقولهِ سبحانهُ وتعالى: ) وقلَّ رب زِدْنِي عِلْمًا ) .صدقَ اللهُ العظيم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات