لكل قوم منتظَرهم، سواء أكان مسيحاً أو ملكاً أو إماماً، كل الأمم والشعوب تنتظر مخلصها على مدى قرون، لا تيأس ولاتقنط، وهي بذلك تقرّ ـ ضمناً ـ أن ما تعيشه ليس ما تحلم به، وأن الحقيقة الإنسانية تنحرف دوماً باتجاه آخر تسيطر عليه الشهوات والأخطاء. البابليون واليهود والمسيحيون والأحباش والهنود والبوذيون والمسلمون، وحتى الطورانيون في العصر الحديث، حلموا بعودة منقذهم، كما حلم العراقيون يوماً بعودة الزعيم عبد الكريم قاسم، وحاكوا حول ذلك قصصاً منوعة، وكل هذه الأفكار لم تصل إلى ما وصل إليه الفكر الشيعي من اهتمام بفكرة الموعود. فقد امتلأت بطون الكتب المعتبرة بروايات متواترة في نسبه وولادته وحياته، ولم يكن مجرد إيقونة للتغيير، أو مساحة ضيقة من الأمل فرضتها قوانين الظلم والجور.
يتابع منتظرو الإمام المهدي (عج) حياته، ويؤمنون انه بين ظهرانيهم، وما زالت سلطته مفروضة عليهم وإن خلف ستار ضربته الحكمة الإلهية. في يوم ميلاده ينبلج فجر جديد من الإيمان والأمل، ويبتهج محتفلوه ويفرحون مهما كانت السنين عجافاً. فكرة الموعود عريقة عراقة التاريخ، ولكنها ظلت غير قابلة للتطبيق نظرياً، فلم يشهد التاريخ عودة موعود منتظر لينشر العدل والسلام، فقد ادخرت الأمم كلها موعودها الى النهاية، في رؤية درامية، يزداد الإيمان بتحققها وإن طال الزمن. نعم، يعلم الشيعة تاريخ موعودهم حتى وهو غائب عنهم، وكما يعلمون أنه يواكب تطورات حياتهم لحظة بلحظة.. وقد وضع أحد كبار المراجع وهو السيد محمد الصدر (قدس سره) موسوعة ضخمة عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) تحدثت في أحد أجزائها عن حياته في غيبته الطويلة.
للانتظار لذة يعرفها الأحرار، لأنها لاتخدرهم كالعبيد، إنها تعيد تعبئتهم حتى لايظن أصحاب الحق أنهم على باطل. في 15 شعبان وعد يتجدد.. ومؤمنون ينتظرون..