التعليم العالي الأهلي ليس حدثا طارئا في مسيرة التعليم العالي في العراق وهو ليسوليد الفترة التي تلت 2003 كما يعتقد البعض ، وإنما هو نمطا سائدا يمتد تاريخه إلىتاريخ الجامعة المستنصرية التي تأسست في بغداد عام ١٢٢٧ على يد الخليفة العباسيالمستنصر ، وتعد من أقدم جامعات العالم الأهلية ووريثتها فيما بعد الجامعةالمستنصرية وهي أهلية أسست سنة 1963 بعد أن حصلت نقابة المعلمين على إجازة منوزارة التربية بتأسيسها ، وتلي ذلك تأسيس عدة كليات أهلية منها ( كلية التراث الجامعة1988 ، كلية المنصور الجامعة 1988 ، كلية الرافدين الجامعة 1988 ، كلية المأمون الجامعة 1990 ، كلية شط العرب 1993 البصرة ) ، وفي وقتنا الحالي يشكل التعليم العالي الأهليجزء لا يتجزأ من قطاع التعليم ويتشارك مع التعليم الحكومي في تحقيق الأهداف المتبناة، وقد شهد التعليم الأهلي تطورا ملحوظا من حيث الكم والنوع ، و يبلغ العدد الحاليللكليات والجامعات الأهلية 91 وهو أكثر عددا من الجامعات الحكومية التي يبلغ عددها51 ، ومجموعهما ( الحكومية والأهلية ) البالغ 142 ( بضمنها جامعات إقليم كردستان )يشكلان ركائز التعليم العالي في العراق وشريكان لا يمكن فصل بعضهما عن بعض ،ويشكل التعليم العالي الأهلي حاجة ملحة لاستيعاب الطلبة المتخرجين كل عام ولو لم يكنهذا القطاع موجودا لما أتيحت الفرصة للجميع في ولوج التعليم العالي ، فعدد السكانيزداد كل عام والطلب على التعليم يزداد ولنا أن نسال هل بإمكان التعليم الحكومي أنيستوعب أكثر من 800 ألف طالب سيتخرجون من الإعدادية هذا العام ؟ ، كما إن الحاجةناجمة من احتياجات التنمية القومية التي ترتبط مع محتوى التعليم الأهلي الذي يعتمدالنمط التقني الذي يزود المتخرجين بالمهارات اللازمة لمزاولة المهن والأعمال في أسواقالعمل بمختلف الاختصاصات ، و التعليم العالي الأهلي معترف به وبشهاداته ويتمتنظيم أموره بموجب القانون 25 لسنة 2016 ( المعدل ) .
ورغم محاولة البعض التشكيك بأهمية ودور وجودة التعليم الأهلي إلا انه يقف اليوم علىأسس وقواعد رصينة ومتماسكة ، و اكتسبت اغلب مكوناته متطلبات الاعتراف المحلي والدولي والدخول في التصنيفات الدولية للجامعات واستيفاء المتطلبات والقياسات التيحددتها القوانين والتعليمات والأنظمة ذات العلاقة بالموضوع ، والتعليم العالي الأهلييلتزم بالمعايير المحددة فيما يتعلق بأسس القبول وفي سائر التعليمات و الكثير منتخصصاته تخضع للامتحانات التقويمية الوزارية ولتقويم الأداء ولأدوات الرقابة التيحددتها الضوابط والتشريعات حالها كحال الدراسات الجامعية الحكومية ، ومشاركةالمؤسسين في إنشاء التعليم الأهلي وإسناد فعالياته وقياداته للمختصين لا يشكل عبئاعلى مسيرة التعليم العالي في البلاد وإنما إضافة مهمة أسهمت في تخفيف الأعباء علىالدولة في إدارة واستثمار هذا القطاع ، فقد تعرضت الحكومات التي تعاقبت على إدارةالبلاد لمختلف الظروف التي تحد من الاستثمار والإنفاق في التعليم فجاء قطاع التعليمالأهلي ليسد تلك الفجوات وليضيف الكم والنوع على وفق الاحتياجات ، ووجوده أنعشالروح التنافسية في المجالات العلمية والتربوية وفي مختلف الفعاليات ، كما انه أسهم فيرفد قطاعات الدولة والمجتمع بمختلف الاختصاصات بإتباع المناهج والمحددات وطرائقالتدريس والبحث التي تتبع في جامعات الداخل والخارج .
ولسنا هنا بصدد الحكم و العرض التفصيلي لواقع وأداء قطاع التعليم الأهلي في العراقلأنه شان تتولاه عدة جهات في وزارة التعليم العالي وغيرها من المؤسسات كما إن المجاللا يتسع لذكر كل المزايا والملاحظات ، ولكنا بصدد الاطلاع لبعض الجوانب التي تتمتع بهاإحدى الجامعات الأهلية ، وتم اختيار ( جامعة الهادي الأهلية ) لنوفر البيانات عنها ولكونها تحقق اداءا يستحق الاهتمام به لإثبات الهوية المطلوبة للتعليم الأهلي ، وتأسستجامعة الهادي في عام 2015 من خلال رؤيتها بان أساس نهضة وتقدم البلدان وبالأخصبلدنا العراق يرتكز على التقدم العلمي والتكنولوجي على وفق إستراتيجية بعيدة المدىعالية الجودة ، و تقدم الجامعة مجموعة متنوعة من البرامج الأكاديمية في المجالاتالطبية والهندسية والقانونية والإدارية ، وكانت ولادتها طبيعية فقد كانت كلية و بعدعشرة سنوات تحولت إلى جامعة ( عام 2025 ) وتضم حاليا 7 كليات علمية وتقنية ( طب الأسنان ، التمريض ، القانون ، التقنيات الهندسية ، التقنيات الطبية والصحية ، العلوم ، الفنون التطبيقية ) وتحتوي هذه الكليات لأقسام محدثة تتوافق برامجها وأهدافهاوفعالياتها مع الاحتياجات الفعلية لأسواق العمل ، وتمنح الجامعة درجة البكالوريوسحسب مجال الاختصاص وبما يؤهل الخريج للعمل في كل قطاعات الأعمال على وفق ماتم اكتسابه من معارف وعلوم ومهارات .
وما يضاف لعوامل تميزها ، اعتماد الجامعة مركزا وطنيا معتمدا لتقييم الشهاداتالجامعية الصادرة من خارج العراق ، فهي لا تمنح الشهادات المعترف بها فحسب وإنمااعتمدت مركزا للتأكد من استيفاء الشهادات من الخارج لما تتطلبه من معايير ومتطلبات ، وهو انجاز علمي ومؤسسي بالغ الأهمية يعكس المكانة المتصاعدة للجامعة على الخارطةالأكاديمية الوطنية ويجسد ثقة المؤسسات العليا بكفاءة ورصانة الجامعة . وتحتل جامعةالهادي المرتبة 45 ضمن قائمة تسلسل الجامعات والكليات الأهلية في العراق بحسبالتصنيف العراقي للجامعات ، و حصلت الجامعة على درجة 22.749680318617 في هذاالتصنيف كما أدرجت ضمن تصنيف الجامعات العراقية الأهلية وفق معامل index-hلمستوعب سكوباس ، وتتبع الجامعة ( 4 ) أربع أنظمة دراسية وليس نظاما واحدا ، فهيتعتمد النظام السنوي كما في كلية طب الأسنان وكلية القانون ، و النظام الفصلي كما فيكلية التمريض وبعض الأقسام في كلية التقنيات وتضم تقنيات (التخدير ، المختبراتالطبية ، الأشعة ، التصميم الداخلي ، التجميل والليزر ) ، و نظام مسار بولونيا كما فيأقسام هندسة تقنيات ( الأجهزة الطبية ، الأمن السيبراني ، الفيزياء الطبية ) ، و نظامالمقررات كما في قسمي تقنيات ( الكلية الصناعية والديلزة ) ، ومن حيث الاختبار يتمإخضاع الطالب خلال السنوات الدراسية لاختبارات يومية وفصلية ونهائية ، ومدةالدراسة فيها 4 – 5 سنوات حسب التخصصات و تتضمن الخطط الدراسية مواد نظريةوعملية في العلوم الأساسية والتخصصية والمواد المساعدة ، كما توجد امتحاناتتقويمية وزارية مشتركة لجميع الأقسام العلمية من المرحلة الثانية إلى المرحلة الرابعةبواقع مادتين تخصصية لكل مرحلة ، ويتم العمل بالتدريب الصيفي لمدة ٣٠ يوما فيالمؤسسات الحكومية خلال العطلة الصيفية بعد المرحلة الثانية أو الثالثة . وفي الوقتالذي تتم فيه قيادة الجامعة من قبل الأستاذ الدكتور عبد المحسن ناجي المحيسن وهو منأعلام وقادة التعليم التقني في العراق وسبق شغله لمنصب رئيسا لجامعة حكومية تقنيةوسجله حافل بالعطاء ، فان الجامعة تضم نخبة من الأساتذة الأكفاء علمياً وعملياً ، ولهمالخبرة في المجال الإداري و الأكاديمي والمنجزات لسنوات طويلة ، كما أن لهم مساهماتعديدة في مجال البحث العلمي ورفد المجلات العالمية والمحلية ذات معامل التأثير العاليبالبحوث القيمة .
ومن حيث البنى التحتية والإنشاءات ، تمتلك الجامعة قاعات دراسية حديثة ومريحةمكيفة ومزودة بأحدث أجهزة العرض الإلكترونية و مختبرات علمية مطورة تحوي الأجهزةالعلمية لتدريب الطلبة وإعدادهم بالشكل المطلوب و مكتبة علمية تحتوي على مجموعةكبيرة من المصادر العلمية إلى جانب مكتبة إلكترونية ، فضلا عن نوادي طلابية لتوفيروسائل الراحة وتقديم الخدمات والأطعمة والمشروبات ، وهناك ملعب خماسي رياضييمارس فيه الطلبة النشاطات الرياضية وتنتشر مساحات خضراء قياسية للاستجماموالراحة كما تتوفر أقسام داخلية للطالبات في الحرم الجامعي ، وهناك العديد منالتسهيلات التي يتم الحرص على توفيرها للطلبة وعوائلهم بأسعار تنافسية لإعانةالطلبة في توفير احتياجاتهم في ساعات الدراسة ، و أجور الدراسة في الجامعة معتدلة وتناسب الدخل وفيها سماحات وتسهيلات لبعض الفئات وهي تستوفى بإقساط علىخمس دفعات والقبول فيها يتم استنادا لتعليمات وزارة التعليم العالي كل عام ، وانالتركيز على هذه الجامعة في هذه السطور لا ينفي الدور الذي تؤديه باقي الجامعات ،فجامعاتنا الأهلية تزدهر عاما بعد عام وتثبت أنها شريكا للتعليم العالي في البلاد وهيمساهم فعال في تأدية رسالة الجميع إفرادا ومؤسسات في تعليم وتربية الأجيال لتهيئةمتطلبات النهوض بعراق ناهض تتوافر له وفيه كل المتطلبات .
