ولد وترعرع في بيت مفعم بالمحبة ,عائلة فنية بامتياز, تأليفا وتلحينا واداء,اثرت نفوسنا قبل ادراج مكاتبنا, بالفن الملتزم بقضايانا الوطنية والفكرية, وتراثنا الرائع على وقعات الدبكة والمزامير, تغنت للقدس, لتحرير فلسطين ,لمكة واهلها.
زياد واسرته وقفوا الى جانب المقاومة اليسارية ومن بعدها الاسلامية في لبنان, لانهم راؤوا فيها السبيل الوحيد لمقارعة العدو وتحرير الارض الذي لا يعترف الا بالقوة, وقد ارتكب المجازر بحق المدنيين في قانا ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان.
زياد “دندن” بأول ألحانه في سن السادسة، وكتب واحدة من أجمل أغاني الرحبانية، وهو في السادسة عشر, بالإضافة الى كونه موسيقي بارع, فإن الشعر يجري على لسانه, من اوائل اعماله الشعرية ديوان بعنوان “صديقي الله” العام 1971 , قدم عديد الاعمال ومنها.. ”بالنسبة لبكرا شو” العام 1978، عكست الواقع اللبناني بأسلوب ذكي وجريء، مقدمًا نقدًا لاذعًا للانقسامات الطائفية والتقاليد الاجتماعية.
تحدى زياد وعلى الهواء مباشرة احد الاعلاميين الرافضين لفكرة المقاومة..“ تعمل عملية ضد اسرائيل ياخيّ“ ,كما قال ايضا في مناسبات اخرى “ما فيك تبني بلد واسرائيلعالباب ,ما فيك تعمل عدالة وحرية وهني بيخلوك تختار بين امنك وكرامتك”… “الاحتلال الإسرائيلي مش بس سرق أرض، هو سرق كرامة أمة كاملة، والموسيقى لازم تكون سلاحنا”.
أول ألحانه كانت أغنية «سألوني الناس» حينما كان أبوه عاصي في المستشفى وفي طريق الغياب، بعدها قدم لوالدته الكثير من الاغاني التي انشهرت ، كان زياد مغامراً في كل شيء, متمردا على العادات والتقاليد ، كان يشعر دائماً أنه بلا سقف؛ لذا وصلت إبداعاته إلى أعماق النفس البشرية المتمردة بطبيعتها، وجد الناس في اعماله شيئاً كان ينقصهم أو شيئاً كان خافياً عليهم, فكان الخروج عن المالوف. نال زياد عطف وحب الجميع باختلاف طرائفهم ومذاهبهم, تجلّى ذلك في طوابير المعزين.
ترجّل زياد عن خشبة المسرح تاركا لنا وطن مشرذم, مقدسات منتهكة ,شعوب خانعة, ساسة مجرد دمى في ايادي الاعداء,يفعلون ما يؤمرون. رحل منتصب الهامة, بينما اعلام بلداننا تنكّس لدى زيارة مجرمي العالم لجباية الصدقات والزكاة, واموال الجزية المفروضة علينا, نظير حمايتنا من انفسنا, أو من اعداء وهميين.
لأول مرة يلتقي ثلاثتهم ولا يكون الفن صحبتهم ..مشهد حزين تواكبه ام واخت, عيناهما اغرورقت بالدموع, لكنهما ظلتا تسيران خلف النعش إلى مثواه الاخير…تحتضنان الصمت بلا موسيقى ,تتأملان ملامح الذي فارقهم للتو, تقبلتا التعازي في فقيد الفن المقاوم رغم جبروت الطغاة .
اسرة الرحابنة الصغيرة العدد, الكبيرة في قيمتها الفنية والثقافية واحترام الجمهور العربي لها ,فقدت العام 1986 عاصي الرحباني وفي بداية العام 1988 لحقت به ابنته ليال, وقبل ايام لحق بهما زياد, تركوا فيروز مكسورة القلب لكنها رابطة الجأش, وكأنما خلقت لمثل هذه الصدمات. أغانيها الخفيفة الصباحية المنعشة المفعمة بروح العمل, لا تزال تذاع على مختلف موجات الراديو بعديد الدول العربية.