” ليست كل كبوة سقوطا ” توماس فولر
الموصل موجز ديموغرافي
الموصل للذي لا يعرفها تتكون من عرب وأقليات أخرى كالكورد والمسيحيين والايزيدين والشبك وبعض المسميات الاخرى
العرب ينقسمون الى أبناء المدينة ( القحيين) وأبناء الجزيرة والقرى النازحين الى الموصل ويطلق عليهم تهكما بال ( الجرياويين) وهناك نزاع ازلي بين المكون العربي الواحد فضلا عن النزاعات مع الأقليات الاخرى ولكن بأقل وطئة تقل تلك النزاعات وتزيد حسب الظرف المحيط بتلك الفترة او ذاك التاريخ ، الموصل الحضارية والمدنية هي من اهم المدن العراقية التي أنتجت علماء ( مهندسين ، اطباء ، انتربولجيين ، فيزيائيين … الخ ) اضافة مالها من فنانين ومثقفين وعلى جميع الأصعدة فضلا عن ما تمتاز به من حب للعسكرية النظامية . لا يسعني هنا الا ان اقفز وبسرعة عن صهوة حصان التاريخ المتسارع وادخل في معمعة التاريخ ابان فترة حكم نظام صدام حسين الاستبدادي والوقت الحاضر لاتعرض وبصورة موجزة عن ما أصاب النسيج الموصلي من تغيير .
فترة حكم الدكتاتورية الصدامية
حين اغتصب صدام السلطة ولأنه منحدر من منطقة الجزيرة والذي يشترك في العادات والتقاليد مع عرب الموصل ( الجرياويين) آمن به الكثيرون منهم ودخلوا زرافات في صفوف أمنه وفي جميع المفاصل ( كما يحدث الان في صفوف الحكومة المنتخبة ورغم الديمقراطية فان أكثر المنتسبين للجهات الأمنية هم من أطراف المتصدين للحكم ) وسيحدث مستقبلا لو كان المسيح هم من يعتلون سدة الحكم!!
اما أبناء الموصل( القحيين ) فكان اغلبهم منشغلا بأن يكون أكاديميا علميا او ثقافيا او أكاديميا عسكريا والغالب منهم لم يسجل في صفوف البعث لكن لم تطله يد السلطة الباطشة كما حدث مع أبناء الجنوب !؟ وهذا ايضا عزز حدة الصراع بين ظهور طبقة من ( الجرياويين ) كمتحكم في رقاب أبناء الارض الأصليين ( القحيين ) .
بعد سقوط الصنم
مع سقوط نظام البعث الصدامي وحدث ما حدث تضررت مدينة الموصل وأهلها ضررا واضحا قياسا بالمكاسب التي كانت بحوزتهم فضلا عن ان الموصللي تعلم بطريقة او اخرى بانه رغم الظلم الواضح الذي كان يمثله نظام صدام الدكتاتوري الا انه – اي الموصللي- لم يكن يعاني من مظاهر الظلم التعسفي الذي ( تجيزه ) الحكومة واذا فجأة تتحول الموصل الى ثكنة عسكرية ومورس عليهم كما مورس على اغلب أفراد المجتمع العراقي التعسف والظلم الأمني وسجلت الانتهاكات وقد شخصنا وتحدثنا عن تلك الحالة والتي تتعارض والديمقراطية .
بين أبناء الجنوب وأبناء الشمال والمنطقة الغربية
الجنوبي ونتيجة حتمية للضغوط التي حاقت به على مدى التاريخ يتقبل هذا الموضوع اما الموصللي والانباري الذي تعود دائما ان يكون احد أدوات الحكم فسيجد الوضع الذي هو عليه الان غير مألوف وغريب بالنسبة له ، ولان الظروف التي تتحكم بالبلد من الحرية التي منحها الأجنبي وديمقراطية مستوردة وأعلام مفتوح كل تلك المقومات تمخضت برفض التسلط العسكري والامني والحكومة المحلية مع ما يستشري في تلك المنظومات من فساد واضح وغير مستور أدى الى تغذية روح الكراهية لدى أبناء المناطق ( الساخنة ) ضد تلك المنظومات فلذلك رحب معظم أهالي الموصل ب ( غزوة ) داعش كما رحب معظم العراقيين بجنود الأمريكان ( المحررين ) حين اسقطوا نظام صدام التسلطي مع التحفظ بالمقارنة .
العبرة
ومن اجل الحفاظ على العراق على السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ان يقوم:
١. بمعاقبة المقصرين والهاربين من القادة والمسؤولين الحكوميين وإعادة النظر بالتعامل من قبل الجهات الحكومية والأمنية بكافة صنوفها مع أبناء العراق قاطبة وعلى وجه الخصوص أبناء المناطق الساخنة ( المحتلة الان ) وذلك من خلال تفعيل الحس القانوني الذي يرتب العلاقة بين الأطراف
٢. اعادة النظر بالمنظومة العسكرية التي تعتمد مبدأ ( السرقفلية ) في بيع المناصب والحد من ظاهرة الجنود ( الفضائيين) او المتبرعين الذين تسببوا في نقص العدد في صفوف الجيش العراقي والضغط على كاهل المتبقي منهم من خلال إطالة أمد الواجب العسكري لتغطية النقص الحاصل ، وهذا يتم من خلال ردع قانوني شديد، وتفعيل المنظومة الاستخباراتية العسكرية مع الحذر من تمددها فوق القانون ، وعلى الجيش المليوني الذي أثقل الميزانية العراقية ان يقوم هو بنفسه بطرد ودحر الإرهاب والثأر لنفسه من الانتكاسة التي وقع بها في الموصل مؤخراً .
٣. النظر بعين الحكمة لما جاء بفتوى المرجع أية الله السيد علي السيستاني وعدم استغلال الفتوى بالتحشيد الطائفي ، الفتوى واضحة هي لصد الإرهاب التكفيري ودحره ( انا أقف مع شعبي بتلك الفتوة للدفاع ان اضطررنا لذلك والتهيؤ والحذر ضرورة من ضرورات المرحلة ) وليس قتال اهل السنة وهذا فرق كبير فالشعار الطائفي لا يزيد النار الا حطبا ويزيد هوة الفرقة ولا يستفاد منها الا الذين أشعلوها وبالمحصلة ستكون النتائج المزيد من الخراب والمزيد من الدماء على حساب وحدة العراق وأمنه ، علينا الرجوع الى الدستور وإعطاء كل مدينة حقها في حكم نفسها من خلال الفدرالية الدستورية والاستفادة من تاريخ الشعوب ، سويسرا مثالا تقاتلت كثيرا فيما بينها وبالتالي جلسوا على طاولة الحوار وأقروا نفس القوانين التي أدت الى اقتتالهم وأنتجوا لنا سويسرا الحالية التي هي محط أنظار العالم اجمع .
٤. الاستعانة بالقادة الذين يملكون مرونة في التعامل الإنساني وتفعيل قانون الشكوى ضد الانتهاكات العسكرية والأمنية والحكومية وزرع الثقة بنفوس المواطنين وأخذ النظر الجدي بالشكاوى المقدمة من قبلهم وليكن العمل شفافا ومعلنا عليه ، وللتذكير قام صدام بامتصاص النقمة الشعبية وذلك من خلال توجيهات رئاسية بعد الانتفاضة الشعبانية ( الآذرية ) في عام ١٩٩١ على التعامل وبمرونة مع المناطق ( الساخنة ) آنذاك وبالفعل نجح بذلك حيث أوصل المواصيل بان يقوم العراقيون كأبناء كربلاء بالدفاع عن مجرم خطير مثل صابر الدوري ابان محاكمة ازلام النظام السابق وذلك لما يتذكروه من أفعال خير ( مدروسة وموجهة ) قام بها المتهم لمدينتهم وهذا الذي دعاهم ايضا ان يصوتوا بالكثرة لاحد إدارييه السيد يوسف الحبوبي حيث سحق الآخرين بكثرة الأصوات التي جمعها ابان انتخابات مجلس محافظة كربلاء ، فلنا درس لذلك الدور المدروس الذي لعبه بحكمة الدكتاتور الساقط صدام حسين
وللتاريخ عبرة وتذكرة ” فتذكروا يا أولي الألباب “
٥. دعوا اهل الموصل المدنيين والرافضين للتطرف هم من يقوموا بأنفسهم بطرد الإرهابيين التكفيريين لان ما يؤمن به أبناء الموصل لا يتفق وبالمطلق مع ما سيفرضه الداعشيون من قوانين لحكم المدينة ، مع التأكيد على دعم نشطائهم والمؤثرين منهم لوجستيا ومعنويا لتحقيق انتصار بأقل الخسائر الممكنة حتى لا نرى الموصل الحبيبة كحلب وحمص الماثل خرابهما بوضوح للعيان .
وكما قال الفيلسوف الإنكليزي أوسكار واليد ” يستطيع الانسان ان يتحمل المصيبة ، فحدوثها خارج عن قدرته . اما ان يصاب الانسان نتيجة غلطة منه ، فهذا هو الألم الذي لايمكن احتماله .