خلال السنوات الماضية وحتى الشهور الاخيرة، شهد إقليم كوردستان سلسلة من الأزمات الكبرى، كان أبرزها قطع الرواتب من قبل الحكومة الاتحادية، إلى جانب ملف النفط وما رافقه من اتهامات لحكومة الاقليم بتصديره بطرق غير مشروعة. ورغم أن السلطة في الإقليم موزعة بين أطراف عديدة، فإن مسرور البارزاني ظل في الواجهة دوما، يتلقى وحده الانتقادات بصبر وانضباط، دون أن يتهرب من المسؤولية.
في أكثر من مرة، لجأت بغداد إلى إيقاف صرف رواتب موظفي الإقليم بحجج ومبررات مختلقة ومتباينة. هذه القرارات أدت إلى احتجاجات واسعة في عدة مدن في الاقليم خصوصا في السليمانية، حيث اتهمت حكومة الإقليم بالعجز او التقاعس في معالجة الخلافات مع بغداد، وحملت مسرور البارزاني وحده المسؤولية عن تدهور الوضع الاقتصادي، ورفعت شعارات تتهم حكومته بالفشل والفساد، وانعدام الشفافية في موضوع النفط والموارد الطبيعية، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي تعج بمنشورات تنتقد وتتهجم عليه شخصيا، وتصفه بأنه رمز لاحتكار القرار والسلطة، والسبب الرئيسي لقطع الرواتب ومعاناة الموظفين. مع ان الجميع يعلم أن السلطة في اقليم كوردستان لا تتركز بيد طرف واحد، بل تشارك فيه عدة قوى مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني وأحزاب أخرى وحتى داخل هذه الاحزاب فان السلطات والصلاحيات موزعة على اكثر من منطقة وعلى اكثر من جهة وفي يد اكثر من شخص.
ما يلفت النظر أن مسرور البارزاني، رغم كل ما تعرض له من هجمات سياسية وإعلامية شرسة، لم يظهر تذمرا أو انفعالا. حافظ على نبرة هادئة، وتجنب الخوض في صراعات كلامية مع الأطراف الأخرى. هذه الإستراتيجية جعلت منه في نظر البعض قائدا متماسكا يعرف متى يتكلم ومتى يصمت، لكنها في الوقت ذاته جعلته يبدو وكأنه المسؤول الوحيد عن جميع أزمات الإقليم.
رغم كل ذلك، لم تتغير لهجة رئيس الحكومة. ظل ثابتا بخطابه المتماسك، محافظا على هدوئه في مواجهة العاصفة، دون أن يدخل في ردود فعل انفعالية أو يوجه الاتهامات لخصومه او شركائه السياسيين. وبينما تراجع كثيرون إلى الظل، بقي هو وحده في الواجهة، يواجه الانتقادات، ويتحمل اللوم، ويجسد صورة القائد الذي لا يستسلم، حتى لو اختار الجميع الاستسلام.
وهكذا وسط كل تلك الاصوات المتداخلة والضجيج والصراخ والغضب كان هناك شخص واحد فقط هادئ حليم وحكيم يتحمل انتقاد الاخرين ويحتويهم و يحيل ضجيج وصراخ وغضب الاخرين الى سمفونية حرية تعبير، ولكن ذلك وضعه وحیدا فی مرمی الهجمات، في أزمة لیس هو المسؤول عنها، لكنه تحمل وزرها بصمت، لیس لانه شخص سياسي او رجل دولة او رئيس وزراء، بل لانه قبل كل شيئ الاخ الاکبر ( برا گەورا)