المحافظون .. ظل الله في العراق!!

المحافظون .. ظل الله في العراق!!

تجاوزات المحافظين  على حقوق المواطن والمواطنة في العراق ومنذ نحو عقدين من الزمن وأكثر، باتت تتجلى في عدة جوانب، منها الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، وتقييد حرية التنقل والسكن، وانتهاكات لحرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى الفساد الإداري والمالي الذي يؤثر على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
مقطع فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي في العراق أثار جدلا واسعا، بعد ظهور محافظ البصرة، أسعد العيداني، وهو يرد على أحد المواطنين بالقول: هل تعلم ماذا أنجزنا؟ جعلنا واحدا مثلك يكلمنا دون أن نسيء له، وذلك ردا على سؤال حول الإنجازات التي حققها خلال فترة توليه المنصب، وقبله فيديو كشف تصرف محافظ واسط محمد جميل المياحي خلال أزمة حريق المول ومحاولاته المستمرة للمراوغة وتزييف الحقيقة هربا من المسؤولية.
الفيديو الأخير من البصرة يظهر لحظة توقف المحافظ خلال جولة ميدانية على كورنيش شط العرب في البصرة، حيث بادره أحد المواطنين بسؤال عن أزمة المياه والخدمات العامة، لتبدأ محادثة هادئة سرعان ما تحولت إلى حوار محتد، إثر مواصلة المواطن طرح أسئلة حول أداء المحافظ خلال السنوات السبع الماضية.
كلام العيداني أثار ردود فعل واسعة عبر مواقع التواصل، حيث عبّر عدد من المستخدمين عن رفضهم لما وصفوه بـ”التقليل من شأن المواطن”، فالنقد وحرية التعبير حقوق دستورية لا ينبغي التعامل معها وكأنها منّة وفضل من المسؤولين.
أن عمل المسؤول يتطلب التحلي بسعة الصدر، والرد على الاستفسارات بلياقة، خصوصا عندما تتعلق بقضايا معيشية أساسية.
أسعد العيداني،نسي اوتناسى أنه محافظ البصرة، ثاني أكبر محافظة بالعراق، وواجبه أن يستمع للمواطن، وليس من المنطق أن تتفضل عليه بعدم الإساءة، فلماذا يُستفز من سؤال مواطن؟ فهو بالنتيجة موظف خدمة عامة، والمواطن هو من جاء بك لهذا المنصب! ومن حق المواطن أن يسأله ماذا قدم؟، ويجيبه بحدود السؤال، بصورة لائقة وليس بهذه اللغة المنفعلة الغاضبة المتكبرة وهذا التعالي .
لعل من صميم واجب المسؤول أن يُصغي ويستمع لصوت اي مواطن، وأن يتسم بسعة الصدر، لا أن يُشعر المواطن بأنه يتفضل عليه بمجرد الامتناع عن الإساءة. فالمواطن، يا سيادة المحافظ، لم يأتِ إليكم متجاوزا، بل جاء يسألكم عن أداء مؤسسة أنيط بها شأن البصرة وخدمة أهلها، ومن حقه المشروع أن يُسائل ويسأل.
أما الغضب والانفعال، فليسا من أدوات الحاكم الرشيد، ولا من أخلاق رجال الدولة الذين يُفترض أن يكونوا قدوة في الهدوء والحكمة وحسن التعامل، أليس كذلك ياعيداني.
ربما تحدث تجاوزات عندما يتم التعامل مع المواطنين بشكل غير متساوٍ، سواء بسبب العرق أو الدين أو الانتماء السياسي، مما يخالف مبادئ المساواة التي نص عليها الدستور العراقي.
وقد يتعرض بعض المواطنين لتجاوزات في هذا المجال، مثل منعهم من السفر أو السكن في مناطق معينة، وهذا يتعارض مع حقوقهم الأساسية التي كفلها الدستور.
كما أنه قد يتعرض المواطنون للمضايقة أو الاعتقال بسبب آرائهم السياسية أو الاجتماعية، وهذا يمثل انتهاكًا لحقوقهم الأساسية في حرية التعبير.
ويظل الفساد من أبرز التحديات التي تواجه عمل المسؤول في العراق، حيث يؤثر على تقديم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، ويؤدي إلى إهدار المال العام.
ويشمل ايضا التعدي على الأراضي والممتلكات العامة، مما يعيق تقديم الخدمات للمواطنين ويؤثر على حياتهم اليومية،وقد يساهم ضعف هذه الآليات في استمرار التجاوزات، حيث لا يتم محاسبة المتورطين في تلك التجاوزات بشكل كافٍ.
وقد يتم تخصيص الأراضي العامة بشكل غير عادل كمثال حي ، مما يحرم بعض المواطنين من حقوقهم.
او يتم استغلال المشاريع الاستثمارية لتحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة،او يتم توجيه الأموال المخصصة للمشاريع الخدمية لأغراض أخرى.
الدستور العراقي ينص على مبادئ أساسية مثل المساواة، وحرية التنقل، وحرية الرأي والتعبير، والعدالة الاجتماعية، وحماية حقوق الإنسان.
الدستور يؤكد على ضرورة حماية هذه الحقوق ومنع أي انتهاكات لها.
اذا تعزيز سيادة القانون، فتفعيل القوانين والتشريعات التي تحمي حقوق المواطنين، وضمان تطبيقها بشكل عادل على الجميع،كما
يجب إنشاء آليات فعالة للرقابة على أداء المحافظين والمسؤولين، ومحاسبة المتورطين في التجاوزات.
كذلك تمكين منظمات المجتمع المدني من لعب دور فعال في مراقبة أداء الحكومة والمطالبة بحقوق المواطنين. و توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وتشجيعهم على المشاركة في الحياة العامة والمطالبة بحقوقهم، كلها امور لاتجعل المحافظ يتصرف وكانه ظل الله في الأرض وصاحب فضل على خلقه، بينما هو من يحتاج لهم، وهو المقصر بحقوقهم.
ردود أفعال المياحي والعيداني وغيرهم من المحافظين السابقين وتجاوزاتهم على المواطنين تكشف عن عجز في إيجاد الكلام الملائم بسبب تقصيرهم المستمر منذ أعوام وعدم تحليهم بثقافة تحمل المسؤولية وتقديم استقالاتهم كرجال دولة حقيقييين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات