قضية شعب إلى دولة الرئيس المهندس محمد شياع السوداني المحترم

قضية شعب إلى دولة الرئيس المهندس محمد شياع السوداني المحترم

سيدي الرئيس…
‏نخاطبك اليوم بلسان أبناء شعبك، بلهجة العقلاء من قومك، بلسان المحرومين الذين كنتَ في يومٍ من الأيام واحدًا منهم.
‏كنتَ مثلهم، تنتظر مع عائلتك استلام مفردات البطاقة التموينية، وتفرح بمحتوياتها رغم محدودية المواد، إلا أنها تكفي بعض احتياجات العائلة العراقية… واليوم، وبعد مرور عقود من الزمن، ما زال أبناء العراق يحلمون بنصيبهم من خيرات هذا البلد، من نفطه وثرواته الطبيعية التي منحها الله لهم، فتحولت إلى نقمة بدل أن تكون نعمة!
‏يا دولة الرئيس،
‏نسمع بين الحين والآخر عن أموال تختفي، عن أرقام كبيرة ومخيفة تبتلعها أفواه الفساد. وفي المقابل يعيش أكثر من نصف شعبك على رواتب رعاية اجتماعية لا تكفي ثمن دواء… نعم، حتى العلاج أصبح سلعة في الصيدليات الأهلية، بعدما شحّ في مؤسسات الدولة الصحية.
‏أما التعليم، فقد تحول من خدمة مجانية إلى تجارة مربحة. فالمدارس الحكومية أُفرغت من طلابها، ليتكدس الفقراء خلف أسوار المدارس والمعاهد والجامعات الأهلية التي صارت أحلامًا باهظة الثمن، لا يجرؤ عليها ابن الفقير.
‏تتحدثون دومًا عن وضع اقتصادي صعب تمر به الدولة، لكن الشعب ينظر إلى جيرانه من دول الخليج ويتساءل: لماذا لا نعيش كما يعيشون؟ ولماذا حُكم علينا بالفقر وسط الثروات؟
‏إنه طريق مسدود، بل حلم مكسور.
‏يا دولة الرئيس،
‏إذا أردتم قياس اقتصاد الدولة، فانظروا إلى كل دورة انتخابية.. كل أربع سنوات تختصرها بضعة أشهر من البذخ، حيث تُضخ المليارات في الشوارع كدعاية انتخابية، وتُشترى الذمم، وتُصرف الأموال بلا حساب.
‏من أين جاءت هذه الأموال؟ أليست أموال اليتامى والمساكين والفقراء؟
‏لقد أرهق شعبك الجوع، وأنهكه العوز، واعلم ان ألحاشية التي تحيط بك ترسم لك صورة زائفة لعراق مرفه لا يشبه واقع الفقراء.
‏ولكن الحقيقة أن خط الفقر اليوم ليس مجرد رقم، بل هو خط دمٍ يفصل بين الطبقات، وقد ظهرت “حيتان” فساد تتحدث بثروات أرقامها خيالية، لا يمكن جمعها لا من وظيفة ولا من تجارة… بل حتى أكبر الشركات في العراق لا تمتلك أرصدة كالتي يمتلكها بعض السياسيين.
‏فإلى متى هذه الدوامة؟
‏ألا تسمع كل يوم عن شاب أنهى حياته بسبب البطالة؟ شبابٌ في عمر الزهور قَتلتهم الحاجة واليأس وهم داخل بيوتهم؟!
‏نعم، نخاطبك بلغة العقل، بلغة العراقيين الحقيقيين الذين تعرفهم جيدًا…لانك  كنتَ واحدًا منهم، وعشت بينهم، وذُقت ظروف الحصار والحرب مثلهم.
‏لكننا اليوم نقولها لك بمرارة:
‏”لقد مسّنا الجوع، والله أرحم الراحمين.”
‏فإياك أن تصغي إلى الأقوياء الذين يتسلحون بالمال والنفوذ، وتُعرض عن الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة.
‏إياك أن ينام أحد من شعبك جائعًا، وأنت على رأس دولة تبيع يوميًا ملايين البراميل من النفط، وتجني المليارات من الدولارات!
‏يا دولة الرئيس،
‏لقد مسّنا الضر ونحن نشاهد المهزلة الانتخابية تُعرض كمسرحية هزلية: بدايتها بيع ضمائر، ونهايتها زرع الفساد في كل مفاصل الدولة.
‏فأين يدك الحديدية التي وعدتنا بها؟
‏أين وعودك التي رددتها علينا بثقة؟
‏نعلم أنك تعرف كل شيء، لكن يبدو أن الزجاج المظلل في المنطقة الخضراء قد غطّى العيون، فلم تعد ترى الجياع خلفه!
‏يا دولة الرئيس،
‏بالمبالغ التي تُصرف على الحملات الانتخابية، تستطيع أن ترفع الطبقات الفقيرة إلى مستوى الكرامة.
‏ابدأ بالفقراء، بذوي الدخل المعدوم، بالمشمولين بالرعاية الاجتماعية، بالمتقاعدين، وبالموظفين أصحاب الرواتب المحدودة…
‏فهنيئًا لمن خدم شعبه وترك خلفه تاريخًا أبيض ناصعًا لا تلوثه خيانة ولا يطاله الفساد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات