خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
حاليًا؛ حلت روح الشيطان في جسد “نتانياهو” الخبيث ومسؤولي الكيان الصهيوني. لدرجة أنهم في “سورية” يسعون للتوسع والاختراق في عُمق الأرض، وفي “غزة” يُفرضون حصارًا مميتًا على الأطفال الأبرياء الذين يُعانون من العطش والجوع ويُصارعون الموت. بحسّب ما استهل “حسن رشوند”؛ تقريره المنشور بصحيفة (كيهان) الإيرانية.
في هذه المعركة غير المتكافئة، نرى على الساحة السياسية السورية حكامًا يندفعون بسرعة مذهلة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني. أولئك الذين ادعوا أنهم جاءوا لإنقاذ الشعب السوري، رضخوا للإذلال واستسلموا لـ”إسرائيل”، وصمتوا أمام تقدم جنود الاحتلال في عمق بلادهم، وفضلوا التوافق مع نظام صهيوني قاتل للأطفال على المقاومة ضد عدوانيته.
ممارسات “إردوغان” المشينة..
على الجانب الآخر؛ هناك “إردوغان”؛ الذي لا يأخذ خطر “إسرائيل” الإقليمي على محمل الجد، ولا يرى في مؤامرة “نتانياهو”؛ بفتح ممر باسم (داوود) والسيطرة على “نهر الفرات”، تهديدًا لمطامعه الإقليمية.
بل ربما يتصور أنه يستطيع استغلال الفوضى في “سورية” لتحقيق مكاسب شخصية، وذلك يتخذ موقف المتفرج بدلًا من مواجهة جرائم “إسرائيل” في “سورية” والمنطقة.
وينتقد بين الحين والآخر؛ الكيان الصهيوني، كي لا يبدو فارغ اليدين، بينما أطفال “غزة” يموتون عطشًا وجوعًا بسبب الحصار اللاإنساني، هو وحكومته لا يحركون ساكنًا لرفع هذا الحصار، ويكتفون بعبارات احتجاجية على سلوك نظام “تل أبيب”.
في المقابل، تُثبّت الإحصائيات التجارية بين “تركيا” و”إسرائيل”؛ خلال عامين من “حرب غزة”، أن الكيان الصهيوني كان سينهار سريعًا لولا هذه العلاقات؟.. حكومة “إردوغان” تعلم جيدًا أنها تُنقذ هذا النظام القاتل للأطفال بتوفير احتياجاته التجارية، بينما تقتل بأفعالها طفلًا في “غزة” كل لحظة.
الموقف العربي المخزي..
ولا يمكننا في هذه الحرب الغريبة ضد الفلسطينيين، إعفاء بعض الحكومات العربية التي تتباكى على عروبة “فلسطين”، لأنهم إن لم يكونوا أكثر إثمًا من “تركيا”، فلا شك أنهم ليسوا أقل منها.
والسؤال: كيف يقبل أكثر من: (400) مليون مسلم في “غرب آسيا”، وحوالي: ملياري مسلم حول العالم، أن يعيش: مليون و(300) ألف فلسطيني في “غزة” تحت حصار الذئاب الصهيونية النجسة دون وجبة طعام واحدة أو زجاجة ماء؟.. لو تحركت اليوم كل دول المنطقة بإرسال سفن محملة بالغذاء والماء والدواء نحو الأراضي المحتلة، فهل يستطيع الكيان الصهيوني مواجهتها؟.. تخيل ماذا سيحدث لو تحركت: (50) سفينة شحن، وليس حتى سفينة سلاح، نحو “غزة”؟.. لا شك أن الكيان الصهيوني سيركع وينصاع لإرادة الدول المسلمة.
بل لنفترض أن الكيان أصابه الجنون وأخذ يعتدي على السفن، فهل سيستطيع كبح جماح غضب الشعوب المسلمة؟
أطفال غزة والمأساة العالمية..
المؤكد أن المؤتمرات السياسية الصورية لن توقف إبادة الصهاينة أو ترفع الحصار عن “غزة”، وإلا لما استشهد: (60) ألفًا من أهلها وأصيب مئات الآلاف في شريط لا يتجاوز: (360) كيلومترًا مربعًا.
هل في هذا العالم الصاخب مكان يبحث فيه طفل بين الأنقاض بيديه الصغيرتين وعينين دامعتين عن قطرة ماء أو لقمة خبز؟.. هذه الصورة لا تتكرر إلا في “غزة”، الجرح النازف في جسد الأمة الإسلامية؛ منطقة تحت الحصار الكامل، تقصفها الصواريخ الصهيونية بلا رحمة، ويَّعم العالم صمت مطبق، وهي ما زالت حية، لكنها تتألم أكثر من أي وقتٍ مضى.
أطفال “غزة” هم أكثر ضحايا العالم ضعفًا اليوم. ففي الوقت الذي يُعاني: (40) ألف طفل من سوء التغذية و(10) آلاف من سوء التغذية الحاد، ينام العالم الرأسمالي، وليس شعوبه، في سكوت مميت.
ملائكة لم يعيشوا طفولتهم، ولم يذوقوا الأمان، ولا يجدون حتى سقف يحميهم. صور الأطفال الهزيلة بأعين متوسلة تلتقطها كاميرات الصحافيين، وهي ترسل رسالة واحدة للعالم وللدول المسلمة: “هل من مغيث؟”.. هذا النظرة تكشف الحقيقة المرة: “غزة تموت ليس بسبب الحرب، بل بسبب صمت العالم والمسلمين”.
“الصمت” تواطؤ مع الظلم وليس حيادًا..
على الدول الإسلامية أن تعلم أن هذا الصمت ليس حيادًا، بل تواطؤ مع الظلم. “غزة” ليست مجرد شريط أرضي ضيق، بل هي اختبار للإنسانية.
إنها مرآة تعكس وجه البشرية النائمة، ومن يتجاهلها سيحمل هذا العار إلى قبره. “غزة” اليوم رمز لمعاناة شعب أعزل، يعيش تحت حصار خانق، بين أنقاض منازله، بعيون متعبة وأيدٍ فارغة، لكنه ما زال يُصارع من أجل حياة كريمة.
“غزة” تموت جوعًا وعطشًا، ليس فقط للخبز والماء، بل للعدل وصمت أدعياء حقوق الإنسان والإسلام.
أطفالها ينامون ببطون خاوية، ومستشفياتها تئن من نقص الدواء، وشعبها بالكاد يتنفس تحت القصف والحصار. إذا صمت العالم اليوم أمام هذه المجاعة والإبادة، فسيُحاسبنا التاريخ غدًا: “ماذا فعلتم لأهل غزة؟”.
من غزة إلى سورية المخطط مستمر..
والبعض يعتقد أن سياستي التوسع في “سورية”، والحصار في “غزة”، منفصلتان لكنهما في الحقيقة جزء من خطة أكبر تهدف إلى:
– منع تشكيل “جبهة مقاومة موحدة” في شمال الكيان؛ (لبنان وسورية) وجنوبه (غزة).
– كسر إرادة الفلسطينيين عبر الضغوط الاقتصادية والنفسية والتهجير من “غزة”، ثم “الضفة الغربية”، ثم كل “فلسطين”.
– إلهاء الرأي العام الإسرائيلي بعد هزيمة الكيان في معركة الـ (12) يومًا وفضائح فساد “نتانياهو”، الذي يُحاول تجنب المحاكمة بإثارة الأزمات الأمنية.
وعليه، فالسياسة الصهيونية المزدوجة؛ (التوسع في سورية والتجويع في غزة)، ليست قضية إقليمية فقط، بل اختبار لضمير العالم.
وعلى دول العالم؛ خاصة الإسلامية، وقف هذا المشروع وإلا سيواجهون كارثة ستُطيح باستقرار الشرق الأوسط كله.