بقلم: ابتسام محفوظ
الأبعاد الفنية للفكر النسوي في أدب الأمين السعيدي. المرأة هي وجه الطبيعة، إنها الملهمة والمنتجة والمولدة للجمال، بل أنها مصدره ومرجعه… هكذا هي المرأة في أدب الأمين السعيدي فجسد المرأة يمثل الحياة، وعقلها المنتج لتلك الحياة، إن عقل الأنثى ممزوج بالعاطفة، متسلح بجمال الشعور لذلك كانت تفوح عطرا وتسير حكمة بين الناس في المدن والقرى صانعة الأحداث والمعنى وهذا ماميزها في أعمال الروائي التونسي الأمين السعيدي وجعل النساء يقبلن على رواياته فيلتهمنها التهاما إن كل شخصية انثوية في رواياته هي لقاء بين ثنائية الجمال والحكمة، نذكر “فاطمة” و “شهناز” و “زهور” و”محجوبة” و “لينا”…
في رواية (مدينة النساء) و ” نهى” و “يسرا” و “أمل ” و ” نرجس”… في رواية (ضجيج العميان) و “وردة” في رواية (المنفى الأخير) و “زبيدة ” و “هنية” و “يسرى “… في رواية (ظل الشوك) و “سارة ” و “عفاف” و “زوجة الرئيس”… في رواية (أحبها بلا ذاكرة) تجاوز الروائي الأمين السعيدي النظرة الكلاسيكية للمرأة والطرح القديم لها في الادب العربي، فجعل منها كائنا مفكرا يتميز بالجمال ينافس على المراتب العليا ويقدم مشروعا في السياسية والأدب والفكر… امرأة منتجة للحب، لا تعرف الصد الذي تواتر في الادب القديم، كما انها لم تكن موضوعا للجنس والمساواة والتغيير الفقهي…
إنها امرأة الفكر والجمال والذكاء… لقد ثار الأمين السعيدي على الفكر العربي وعلى الطرح الأدبي الذي يصور المرأة دائما كائنا ضعيفا يطالب بحقوقه. كما أنتج منهجا جديدا في الرواية أسلوبا ولغة وطرحا لذلك ترجمت أعماله الى لغات عالمية مختلفة فالأمين يحسن المزج بين الواقعية والرومانسية ويتقن أسلوب التكثيف فيطرح قضايا عديدة في الجملة الوحدة كما انه ينقد بسخرية حال الادب في تونس والمجتمعات العربية الذي تحول من غاياته الإصلاحية الثورية التي تأبى الخضوع وتسعى الى إثراء الحضارة الكونية بكشف الظلم وتحرير الانسان ودفعه نحو الإنتاج… ان غاية انسان اليوم هو الظهور وتحقيق الشهرة المزيفة، لذلك يصف الروائي التونسي الأمين السعيدي هذه العصر بعصر انتشار التفاهة ومحاولة تمجيدها ودعمها حتى تصبح واقعا يتحكم في الانسان وحياته، كما يعتبر السعيدي الرواية اهم الأجناس الأدبية المعاصرة واكثر الفنون قدرة على التغيير، لذلك كثيرا ما تحدث في وسائل اعلام مختلفة على ضرورة أن يكون الروائي فيلسوف، حكيم، فطن، عالم نفس مطلع على العلوم الحديثة وخاصة العلوم الإنسانية.