لا جديد في العراق… الموت مجانًا، والمناصب تُوزّع على وقع التهليل والتبرير، وكأننا نعيش في وطن ليس فيه من يسمع أو يرى.
كارثة هايبر الكوت، التي التهمت أرواحًا بريئة في مشهد أسود من أكثر مشاهد الفشل الرسمي فداحة، لم تمرّ مرور الكرام فحسب، بل تحوّلت إلى منصة ترقية للمسؤولين عنها.
اللواء الركن محمد الفهد، الذي أعفي من قيادة شرطة واسط بسبب مسؤوليته عن الإهمال الجسيم، لم يُقدَّم للعدالة، لم يُحاكم، لم يُمنع من تقلّد المناصب، بل كوفئ على أنقاض الضحايا بتكليفه بمنصب نائب قائد قوات الفرقة الاتحادية.
أي وقاحة أكثر من هذه؟
أي رسالة تُبعث للشعب حين يرى أن الموت لا يعني شيئًا للسلطة، وأن الدم لا يكلّف حتى جلسة مساءلة؟
هل أصبح هذا الوطن ميدانًا مفتوحًا للمجاملات والترضيات حتى على حساب الجثث المتفحمة؟
هل الجريمة تُغسَل بمنصب؟
هل تُمحى الفاجعة بمجرد نقل الاسم من ملف إلى آخر؟
هذا لا يُسمى قرارًا…
بل جريمة سياسية وأخلاقية معلنة، يُراد منها إبلاغنا بصوت واضح: “لا أحد يُحاسب… طالما الفشل مدعوم، وطالما الضحايا بلا صوت.”
نحن أمام واقع مقلوب حدّ الفجيعة:
حيث يُكافأ المقصّر ويُهان المكلوم،
يُدفن المظلوم وتُرفع رايات المُهمل،
تُنسى الجنازات وتُمنح الأوسمة لمن كان سببها.
لم يعد في هذا المشهد ما يُضحك، بل صار البكاء ترفًا لا نملكه،
فالموتى لا يعودون، والمسؤولون لا يُحاسبون،
والشعب يُطالب بالصبر… كلما امتلأت المقابر.
فهل ننتظر الفاجعة القادمة… لنعرف اسم المُكرَّم التالي؟