سوريا في مهب التصعيد.. مأزق داخلي وتحديات إقليمية في مواجهة مشروع التفتيت إسرائيل ومشروع التفتيت: دور خفي لتحقيق أهداف استراتيجية

سوريا في مهب التصعيد.. مأزق داخلي وتحديات إقليمية في مواجهة مشروع التفتيت إسرائيل ومشروع التفتيت: دور خفي لتحقيق أهداف استراتيجية

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 لم تكن إسرائيل مجرد مراقب خارجي محايد بل لاعب خفي يسعى باستمرار لتحقيق أهدافه الاستراتيجية على حساب وحدة سوريا وسيادتها فالمشروع الإسرائيلي في المنطقة كما تشيرعدة تقارير وتحليلات دولية يقوم على مبدأ إضعاف الجوار وإبقاء الدول المحيطة به في حالة تفكك داخلي دائم لتظل إسرائيل القوة الوحيدة المستقرة والمهيمنة في الإقليم.

في سوريا، ركزت إسرائيل على ضرب البنية التحتية العسكرية والاستراتيجية لكنها لم تكتف بالغارات الجوية فحسب بل عملت على إعادة تشكيل التوازنات المحلية خاصة في المناطق الحدودية استخدمت أدوات متعددة، دعم غير مباشر لمليشيات محلية متنازعة، تشجيع الانقسامات الطائفية، والعمل على بث الفوضى في مناطق كانت تشكل تاريخيا خط تماس وطني جامع كما في الجنوب السوري والجولان.

تشهد سوريا في الأيام الأخيرة تصعيدا مقلقا يعيد إلى الواجهة تساؤلات كبرى حول مصير الدولة السورية وسلامها الأهلي وموقف القوى العربية تجاه ما يبدو أنه محاولة جديدة لإضعاف البلاد من الداخل بالتوازي مع ضغوط خارجية متزايدة.

الأحداث المتسارعة، خصوصا في المناطق ذات الأغلبية الدرزية كشفت عن موجة نزوح كبيرة ومفاجئة لعائلات بأكملها، مشهد يعيد إلى الذاكرة بدايات الأزمات التي اجتاحت سوريا منذ أكثر من عقد، هذا النزوح لا يعكس فقط مخاوف أمنية آنية بل يشير إلى انعدام الثقه في قدرة الدولة على حماية مواطنيها وإلى حجم الفراغ الأمني والاجتماعي الذي بدأ يترسخ مجددا في بعض المناطق.

وفي ظل هذا الواقع المتأزم، تقف الحكومة السورية في مأزق شديد. فالتصعيد الأخير لا ينفصل عن التدخلات الخارجية وعلى رأسها المشروع الإسرائيلي الذي يسعى منذ سنوات إلى تفكيك النسيج السوري لا من خلال مواجهة مباشرة بل عبر دعم الفوضى واستغلال الانقسامات. المشروع ذاته الذي يعمل بصمت على إعادة تشكيل المشهد الحدودي والسكاني في الجولان والمناطق المجاورة، يدفع اليوم نحو خلق بؤر جديدة للتوتر خاصة في المناطق التي تتسم بحساسية طائفية أو قومية.

أما على الصعيد العربي، فإن الجهود المبذولة حتى الآن تبدو خجولة في وجه حجم التحديات فالدعوات إلى الحوار والتهدئة لا تكفي وحدها أمام مشاريع استراتيجية تعمل على تفتيت الدولة السورية. المطلوب اليوم موقف عربي أكثر جرأة لا يكتفي بإدارة الأزمة دبلوماسيا بل يسعى إلى تحصين سوريا من الداخل، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، عبر دعم حقيقي يعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة.

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن الحفاظ على السلم الأهلي ليس ترفا سياسيا بل هو حجر الأساس الذي تقوم عليه وحدة سوريا وبقاؤها وإذا كان النزوح الدرزي اليوم دق ناقوس الخطر فإن القادم قد يكون أشد خطورة إن لم يتم احتواء التوتر ومنع انزلاق الأوضاع إلى مزيد من الاحتراب الأهلي.

اخيرا

ما نحتاجه الآن، هو صحوة داخلية عميقة تترافق مع دعم عربي حقيقي يعيد التأكيد أن سوريا ليست ساحة تصفية حسابات بل دولة ذات سيادة ينبغي حمايتها من مشاريع التجزئة سواء جاءت بلبوس عسكري أو غطاء إنساني في زمن تتكالب فيه المشاريع على تقسيم سوريا وتفكيك هويتها الجامعة بات من الواجب على كل عربي أن يرى في سوريا مرآة لوحدة المصير فكل طلقة تطلق على مدني وكل بيت يهدم على رؤوس أطفاله هو جرح في جسد الأمة كلها. لسنا أمام أزمة محلية بل أمام محاولة جديدة لإغراق المنطقة في مستنقع الانقسام والضعف وإن كنا صادقين في نداءاتنا لوحدة الصف العربي فلنبدأ من دمشق ولنجعل من السلم الأهلي فيها درعا نحمي به مستقبلنا الجماعي .

أحدث المقالات

أحدث المقالات