مابين النظام الملكي ونظام المماليك في العراق: في ذكرى ثورة 14 تموز 1958 -5

مابين النظام الملكي ونظام المماليك في العراق: في ذكرى ثورة 14 تموز 1958 -5

20—عدم القدرة على الاتفاق والتفاهم لدى العراقيين!
21—اسس ازمات العراق المختلفة
22- واخيرا- مقتل العائلة الحاكمة

(20)
إن وصف التحديات التي يواجهها العراقيون في عدم الاتفاق على قيادة سياسية مستقرة ومقبولة على نطاق واسع هو تعبير ومبسط لظاهرة معقدة ومتجذرة في التاريخ والجغرافيا والسياسة والمجتمع العراقي. انها أزمة تاريخية متجذرة في بناء الدولة، الشرعية السياسية، والوحدة الوطنية.

يمكن تحليل هذه الظاهرة في سياق تاريخ الهزائم والتحديات التي مر بها العراق، خاصة بعد سقوط الدولة العباسية:

1.      تاريخ الهزائم والتحديات بعد سقوط الدولة العباسية:
سقوط بغداد والمرحلة المظلمة (1258 وما بعدها):
كان سقوط بغداد على يد المغول عام 1258 كارثة حضارية، لم تدمر العاصمة فحسب، بل قضت على مركز الخلافة العباسية الذي كان يمثل رمزاً للوحدة الإسلامية ومركزاً للسلطة السياسية.
كان الفساد والظلم والاستئثار بالسلطة والمال وعما كتب عن خيانة ابن العلقمي والطوسي وغيرهما اسباب الهزيمة التي تتكرر عبر التاريخ!
(قارن بين ابن العلقمي وجوبارو قائد الجيش البابلي!)
لقد دخلت بلاد الرافدين في فترة طويلة من التدهور والإهمال والاضطراب مما أدى إلى تراجع الوعي الوطني و المدني وتأخر في التنمية مقارنة بفترات سابقة.
كان ابن العلقمي وزيرا للخليفة العباسي المستعصم بالله وقد تولى شؤون الدولة في فترة ضعفها وانقسامها وكان معروفا بذكائه وحنكته السياسية وكانت الروايات التي جاءت بعد سقوط بغداد تتهمه بأنه تآمر مع المغول وسهّل لهم دخول المدينة من خلال إضعاف الجيش وتقليل عدده وخداع الخليفة بأن لا خطر في الأفق وقيل إنه راسل هولاكو سرا واتفق معه على أن يدخل بغداد مقابل أن يكون له مكان في الحكم بعد سقوط الخلافة وكان بعض المؤرخين يرون أن هذه الرواية مشكوك فيها وأنها ظهرت في سياق طائفي متأخر يريد تحميل الطائفة الشيعية مسؤولية سقوط الخلافة ( كانت هناك جولات وصولات وصراع على السلطة بين الطرفين) بينما الحقيقة أن الدولة العباسية كانت تعاني من الضعف والفساد والتفكك قبل دخول المغول بزمن طويل ولم يكن ابن العلقمي سوى جزء من هذا الواقع المتهاوي الذي كانت فيه الدولة غير قادرة على صد أي قوة عسكرية منظمة كالتي جاء بها هولاكو.
قارن مع من اتفقوا مع (الاستكبار العالمي) لتدمير العراق وغزوه من اجل السلطة وتصفية العراق ونهبه! واعادة معارك صفين والتشفي من بني العباس على اكتاف الامريكان والاسرائيليين من اجل الحكم والسلطة والجنس والمال والقصور!

أما نصير الدين الطوسي فقد كان عالما وفيلسوفا وفلكيا عاش في زمن اجتياح المغول وكان في بداية الأمر محتجزا لدى أحد قادة المغول ثم أطلق سراحه وصار من مستشاري هولاكو وقد رافقه في حملته على بغداد وكان له دور بعد السقوط في تأسيس مرصد مراغة والحفاظ على التراث العلمي والفكري وقيل إنه أنقذ آلاف الكتب من الحرق والضياع وبعض الناس اتهموه بأنه خان الإسلام بمرافقته للمغول بينما يرى آخرون أنه حاول النجاة بنفسه وبما تبقى من العلم في وقت لم يكن فيه للدولة الإسلامية قوة تذكر وكان التتار يدمرون المدن بلا رحمة

كان نصير الدين الطوسي يتبع المذهب الشيعي الاثني عشري وقد ذكر في مؤلفاته عقائد الشيعة ودافع عنها في بعض المواضع لذلك يُعتبر من العلماء الشيعة الكبار في القرون الوسطى لكن يجب التنبه إلى أنه لم يكن فقيها على النمط الحوزوي المعروف اليوم بل كان أكثر انشغالا بالعلوم العقلية مثل الفلك والفلسفة والمنطق وله كتب كثيرة في هذه المجالات.

أما بالنسبة إلى تأسيس المرجعية الشيعية في النجف فهذا موضوع آخر مرتبط بعالم مختلف هو الشيخ الطوسي المعروف أيضا بشيخ الطائفة وهو محمد بن الحسن الطوسي وقد عاش قبل نصير الدين الطوسي بثلاثة قرون تقريبا حيث توفي سنة 401 للهجرة 1010 للميلاد وسقوط بغداد تم عام 1258 وبعد سبعة قرون تماما جاء للسلطة اول عراقي وهو الزعيم قاسم وعادت الان السلطة لمزدوجي الجنسية ممن لايعرف لاكثرهم اصل او فصل او جنسية عدا الجنسية الايرانية!
وقد جاء الطوسي إلى النجف بعد اضطرابات في بغداد وانتقل بالحوزة العلمية إلى جوار مرقد الإمام علي بن أبي طالب وهناك أسس تقاليد الدراسة والبحث والفتوى التي تطورت لاحقا إلى ما يُعرف بالمرجعية الدينية في النجف.
اذن الشيخ الطوسي هو الذي أسس النواة الأولى لما يُعرف اليوم بالحوزة العلمية والمرجعية الكبرى في النجف.

في النهاية فإن دور ابن العلقمي والطوسي يبقى مثار جدل بين من يراه خيانة ومن يراه تصرفا سياسيا في وقت كارثي سقطت فيه بغداد ليس بسبب شخص بعينه بل بسبب نظام سياسي كامل كان قد انتهى من داخله قبل أن ينقض عليه التتار من خارجه!

2.      صراع الإمبراطوريات (العثمانية والصفوية):
أصبح العراق ساحة صراع بين إمبراطوريتين كبيرتين: العثمانية السنية في الغرب والصفوية الشيعية في الشرق. ( ياللصدفه تلك التي دمرت العراق وضمنت استمرار تدميره) هذا الصراع أدى إلى:
-غياب الاستقرار: تناوب السيطرة بين القوتين، مما أدى إلى حروب متكررة وعدم استقرار سياسي واقتصادي.
–تأجيج الانقسامات الطائفية لاسباب ومصادر مختلفة : ساهم هذا الصناعة في تعميق الانقسامات بين المكونات السنية والشيعية في العراق، حيث كانت كل قوة تحاول استمالة المذهب الذي تمثله.
وبعد الاحتلال البريطاني… كان الوضع بين الطائفتين اكثر سلمية وتفاهما وتعاونا!
ولكن ظهرت محاولات لتمزيق المجتمع العراقي!
وهناك قصة تروي  تبين سهولة اثارة الطرفين على بعض من قبل متامرين ماديين او ممن ينبش في قبور التاريخ لياجج الفتنة وهم في الحقيقة ليسوا سوى جواسيس لجهات مختلفة لتدمير العراق وغيره واكثر تلك الجهات هي من العمائم الماسونية الموسادية وان جائت قبل وبعد نشوء الموساد!!!…تقول القصة!
في أحد الأيام قام جندي بريطاني بإلقاء سمكة جري في خزان ماء يستخدمه الناس للشرب و سمكة الجري تعتبر من المحرمات عند الشيعة  لأنها لا تحمل الفلس فثار غضبهم واعتبروه اعتداء متعمدا على معتقداتهم ولم تمر الحادثة دون رد فعل إذ بدأ الخلاف يحتد بين الطائفتين, بعضهم رأى في الحادثة أمرا خطيرا يمس كرامتهم الدينية والبعض الآخر اعتبرها أمرا بسيطا لا يستحق كل هذا الغضب وتحول النقاش إلى صراع طائفي بين من يحرم أكل الجري ومن لا يحرمه وقد اتخذ الأمر بعدا رمزيا يتجاوز الفعل نفسه ليعكس حالة الاحتقان والانقسام السائدة في المجتمع ودور الدين والطوائف في تدمير البلاد!
المصدر:
علي الوردي
لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث
الجزء الخامس
(تحديدًا في سياق تحليله للصراع الطائفي والتعصب المذهبي في العراق)

-غياب تجربة الحكم الذاتي: لم يطور العراقيون تجربة حقيقية في بناء الدولة الوطنية الحديثة أو الحكم الذاتي الجماعي تحت هذه الإمبراطوريات البعيدة.

3.      العزلة والتهميش:
فقد العراق مكانته كمركز عالمي، وتحول إلى ولاية نائية ضمن الإمبراطورية العثمانية، مما أدى إلى إهمال البنية التحتية، وتراجع التعليم، وضعف مؤسسات الدولة.
مصدر:
افلام ومنها في موقع عبد الله الرجي افلام عن فترة نهاية العهد العثماني والعهد الانكليزي وكيف كان اغلب الناس حفاة وبوساء على الرغم من ثراء البلد الذي كتبت عنه مس بيل في مذكراتها!
https://www.facebook.com/abdullahalrija.official/

هذا الرجل يقوم بجهد شخصي لتوثيق وارشفة تاريخ العراق قبل حوالي القرن مع تلوين الأفلام بالذكاء الصناعي بينما الدولة العراقية النائمة غائبة عن عمل ذلك مع امكانياتها ودوائرها وموظفيها الخارقين للعادة.
وحتى أفلام تسجيلية ووثائقية لاتنتج في دولة المماليك!
انها تحتاج فقط الى محمد علي جديد ليطيح بها! وماذلك على التاريخ ببعيد وثورة تموز شاخصة في الاذهان!
ومنين اجيب زرار للزيج اهدل!؟

-تحديات القيادة والوحدة في العصر الحديث:
هذه الخلفية التاريخية الطويلة من عدم الاستقرار، والتبعية الخارجية، والانقسامات الداخلية، ألقت بظلالها على محاولات بناء الدولة العراقية الحديثة في القرن العشرين والواحد والعشرين:

النظام الملكي (1921-1958):
فرض خارجي: تأسس النظام الملكي تحت الانتداب البريطاني، ورأى الكثيرون في الملك فيصل الأول (ومن بعده) ونخبته الحاكمة امتداداً للنفوذ الأجنبي، مما أثر على شرعيته الوطنية بعض الشيء!!
بل من مفارقات التاريخ  ان شاب كردي من السليمانية صغير السن استولى على قيادة الحزب الشيوعي قام لوحده برفع شعار اسقاط النظام الملكي!!!.
ولد بهاء الدين نوري عام 1927 في السليمانية وانضم إلى الحزب الشيوعي العراقي في أواخر عام 1945.
أصبح بهاء الدين نوري سكرتيرًا للحزب الشيوعي العراقي بين عامي 1949 و1953( بعمر 22 سنة!! ورفع شعار اسقاط النظام الملكي والحزب كان مدعوسا ومدمرا!!). تولى هذا المنصب في فترة عصيبة للحزب، جاءت بعد إعدام عدد من القادة التاريخيين للحزب، أبرزهم المؤسس يوسف سلمان يوسف (فهد(  ورفاقه. لعب نوري دورًا فعالًا في إعادة بناء الحزب والحفاظ عليه خلال هذه الفترة الصعبة.
بعد ثورة 14 تموز 1958 والإفراج عن المعتقلين السياسيين، عاد بهاء الدين نوري إلى قيادة الحزب كعضو في اللجنة المركزية ثم في المكتب السياسي. وقد برزت له آراء ووجهات نظر مختلفة داخل الحزب، خاصة فيما يتعلق بسياسة الحزب تجاه حكم الزعيم قاسم، حيث عارض سياسة التشدد والصدام التي كان يتبناها سكرتير الحزب حينها سلام عادل.
يُعرف بهاء الدين نوري بكونه أحد القادة المخضرمين في الحركة الشيوعية العراقية، وله مذكرات وكتابات توثق تجربته. توفي في كانون الاول 2020 عن عمر يناهز 93 عامًا.
مصدر:
تحميل وقراءة كتاب مذكرات بهاء الدين نوري PDF – كتابلينك
https://www.ketablink.com/%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D9%86%D9%88%D8%B1%D9%8A

واصدر بهاء الدين نوري كتابا ممتعا بعد قيام (الجبحة) الوطنية ونشرفي العراق وهو “ايام عصيبة”.
كان عزيز الحاج كردي فيلي قريبا من قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني وبما ان هناك تمرد في الشمال فلابد ان يكون هناك تمرد في الجنوب ضد الجيش العراقي! ولكن لمصلحة من؟ في اطار الصراع العربي الاسرائيلي والعدوان الايراني!
وقد كانت الاطراف الكردية قريبة من الزعيم قاسم وترفض الاطاحة به بانقلاب عسكري وهو كان يقود الثورة للتهلكة بسبل متعددة!
ولما تسالهم يقولون ان الحزب لايؤمن بالانقلاب! ولكنهم يؤمنون بحرب الانصار في الجبال في اطار الحرب العراقية الايرانية لاضعاف العراق وجيشه والسماح لايران بدخول العراق! ومساعدتها!

هل كان دعوة بهاء الدين نوري الفردية لاسقاط النظام الملكي تنبع من ظروف ذاتية وموضوعية ملائمة اما انها كانت تحمل مصلحة كردية بعد سحق التمرد الكردي بقيادة المله مصطفى البرزاني!
لابد من الاشارة ان سكرتير الحزب بعد سلام عادل هو عزيز المله محمد وهو كردي ولد قرب الحدود التركية في قرية وكان مقربا من برزاني بحيث اوصى ابناءه من بعده ان انقسم الحزب الشيوعي فتحالفوا مع جناح عزيز محمد!
تمرد البرزاني  وقع في الفترة بين عامي 1943 و1945، وكان جزءًا من سلسلة من الحركات الكردية المسلحة التي قادها ضد السلطات العراقية.
هذا التمرد جاء بعد محاولات مستمرة للبرزاني وعشيرته في مقاومة السيطرة المركزية العراقية، وتميز بمحاولات تنظيمية عسكرية وسياسية قوية لكن انتهى بتراجع القوات الكردية نتيجة لضغوط الحكومة العراقية والدعم الذي تلقتها من بعض الدول الإقليمية.
من الجدير بالذكر ان الاكراد المستعربين من قادة حزب البعث لعبوا دورا محوريا في تاريخ الحزب.
مصدر الكتاب:
books بعث العراق في ظل قادته من الكرد المستعربين – Noor Library
https://www.noor-book.com/en/tag/%D8%A8%D8%B9%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%AA%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D9%86

أحدث المقالات

أحدث المقالات