فكما كان رسول الله محمد صلى الله عليه وآله ملاذا للمسلمين كلما حمي الوطيس وبلغت القلوب الحناجر، فكذلك اليوم تعد المرجعية الدينية العليا اليوم الملاذ الآمن والكهف الحصين الذي يلجأ إليه المؤمنون عند الشدائد والأزمات، فما أشبه الحوادث التاريخية، فيوم حنين إذ أعجبت المسلمين كثرتهم ولن تغني لهم من أمر الله شيئا وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فلم ينزل النصر عليهم إلا بعد العودة لرسول الله صلى الله عليه وآله والتسليم لأمره. كذلك شيعة العراق على كثرتهم أصابهم التراخي وخلدوا الى الدعة ومنحوا الآخرين ثقة عالية في التعامل حتى وقعت الكارثة وتمادى خصومهم وأعدائهم بالاستهانة بهم وقتلهم وسفك دمائهم، حينها انبرى الأمام السيستاني دامت بركاته ليحتضن أبناءه ويعيد الثقة الى نفوسهم ويعبئهم للقتال في سبيل الله فكانت كلمته تجدد الثورة في النفوس وتقلب الموازين وتلجم الأفواه الداعية الى الانكسار والهزيمة وترسم خارطة طريق جديدة للعراق.
فلا يحسبن زعيم من زعماء شيعة العراق أو غيره أن فتوى الإمام السيستاني تنتهي حدودها عند صد الإرهاب أو لتعبئة الأمة عاطفيا وتحشيدها أو لإختبار قدراتها فحسب ، إنما هذه ثورة للتغير الحقيقي الذي طالما طالبت به المرجعية الدينية العليا فقد جاءت هذه الفتوى عندما رأت المرجعية أن الأمة تقتل وتنتهك حراماتها ويستباح دينها ومقدساتها فلم يسعها إلا أن تتصدى لهذا الخطر الداهم وتتسلم زمام المبادرة وتنسف كل مخططات أعداء الأمة والزعماء المتواطئين معهم واللاهثين وراء السلطة والمناصب والمال ، وإذا كانت الأمة في العراق تعض على جراحاتها طيلة السنوات المنصرمة وتصبر وتنتظر القول الفصل فأن المرجعية الدينية العليا في النجف الأغر كانت تتابع وتدرس الأمرعن قرب وباستمرار وليس كما يتصور البعض إنها أغلقت أبوابها وصمتت إزاء ما يحصل في العراق فقالت كلمتها الفصل حين طفح الكيل وحان وقت الحساب ليعاد الحق الى نصابه.
واليوم يتوجب على جميع زعماء شيعة العراق قبل غيرهم أن يتخذوا خطوات فاعلة وعاجلة وعلى كل الأصعدة بإعتبارهم مسؤولين عن تنفيذ هذه الفتوى على أرض الواقع لذا عليهم التعجيل في اتخاذ خطوات هامة منها:
أولا: الوحدة الوحدة الوحدة ورص الصفوف وإلغاء كافة الخلافات وهذه بديهية لاحاجة لإثباتها ، كما عليهم وقبل كل شيء عرض كل تفاصيل الخطوات على المرجعية لتطلع عليها وتتابعها.
ثانيا: أن ينسوا مايسمونهم شركاء في الوطن أو حلفاء في العملية السياسية ويجب التعامل مع عصابة البارزاني كخونة ومجرمين وكذلك مع السنة الذين خانوا الوطن وتآمروا عليه وقتلوا أبناءه.
ثالثا: تشخيص العناصر الشيعية التي لازالت تتواصل وتتعاون مع الأعداء خصوصا آل النجيفي والبارزاني وتنبيههم وتحديد حركاتهم وسفرهم وإعتبارهم طابورا خامسا..!
رابعا: تشكيل غرفة عمليات عسكرية مغلقة فقط لقيادات الشيعة وتسمية قيادات ميدانية معروفة بالحزم والإخلاص والشجاعة واستثمار الأعداد المليونية من المتطوعين وتنظيم أمورهم وتسليحهم بمختلف أنواع الأسلحة.
خامسا: تأمين مناطق حزام العاصمة بغداد بالكامل بألآف من المتطوعين وفرض السيطرة عليها وتصفيتها تماما من الإرهاب والقضاء حواضنهم فيها، كما يجب حماية المدن المقدسة مثل النجف وكربلاء والكاظمية.
سادسا: تأمين داخل العاصمة بغداد من خلال محاصرة المناطق والأحياء التي تعتبر حواضن للإرهاب.
سابعا: طرد جميع المسؤولين الكرد من بغداد فورا خصوصا العسكرين بمختلف رتبهم وجميع الموظفين الكبار من الوزراء والوكلاء والمدراء فلا يجب أن يبقى جاسوسا واحدا منهم في بغداد بعد أن ثبتت خياناتهم.
سادسا: البدء بشن هجوم كاسح على كافة المناطق التي يتواجد فيها الإرهاب وعدم الإنتظار طويلا وترك العدو يتحكم بالمبادرة ووقتها ، لأن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
على كافة زعماء التحالف الوطني أن يدركوا أن هذه الفتوى هي ثورة للتغير الكامل وليس على الصعيد العسكري والأمني فقط وهذه فرصة قد لا تتوفر في وقت آخر فعليهم تشكيل الحكومة من الشيعة فقط مع بعض الشرفاء من السنة العرب اذا أرادوا المشاركة وطرد مسعود بارزاني وعدم السماح له بالمشاركة ، واذا تطلب الأمر استثمار هذه الفرصة وإلغاء الدستور وتعطيله لحين كتابة دستور جديد يضمن حقوقنا دون نقص ، فلم يبق وقت للمجاملات والتوافقيات والمحسوبيات وبيضات القبان..! لأن الشيعة اليوم يمسكون بالقبان كله ليكيلوا بالحق و للجميع، نعم إنها ثورة لا بل أكثر من ثورة كانت الأمة تنتظرها منذ زمن فلا تفرطوا بها يا زعماء شيعة العراق، فها هي الأمة معكم والمرجعية الدينية معكم والله من فوقهم معكم لأننا أصحاب حق (..فلا تهنوا وتحزنوا وأنتم الأعلون..) فلا عذر لكم اليوم بعد هذا كله….!