رايات الشيطان: مخطط يعيد تشكيل المنطقة ويتوعد الشيعة بالإبادة

رايات الشيطان: مخطط يعيد تشكيل المنطقة ويتوعد الشيعة بالإبادة

بعد نحو مئة عام على تقسيم المنطقة بموجب اتفاقيةسايكس بيكو، يبدو الشرق الاوسط على حافة تحولات مصيرية، وهناك مشروع جديد يُطبخ خلف الكواليس، لا يعيد فقط تشكيل الحدود السياسية، بل يهدد الوجود العقائدي والثقافي للمكوّن الشيعي، لا سيما في العراق الذي يُعد الثقل الروحي والسياسي لهذا المكوّن.

مؤشرات مريبة تكشف عن هذا المخطط، حيث يتم تهدئة الجبهات المشتعلة بشكل مفاجئ كجبهة غزة، والصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، وهو ما يشير إلى استعدادات لفتح جبهات أكثر حساسية.

التنسيق بين نتنياهو وترامب بتهدئة هذه الساحات يمهدلانفجار جديد في مناطق تمثل عمقاً استراتيجياً ومحور مقاومة.

فالتقارير الأخيرة تُفيد بتدريب عشرات الآلاف من المرتزقة الأجانب في تركيا تحت إشراف استخباراتي مشترك (أمريكي، تركي، إسرائيلي)، تمهيداً لنشرهم في مناطق مثل طرابلس اللبنانية لتأسيس قاعدة تهدد حزب الله وتدفع باتجاه مواجهة جديدة قد تكون الأعنف.

كل ذلك يجري في ظل صمت إعلامي وتواطؤ سياسي يوحي بأن التحركات تُدار من غرف عمليات إقليمية ودولية متناغمة.

أما ما يحاك للعراق فهو خطير ويطبخ على نار هادئة، فبعد أن أثبتت المرجعية الدينية قدرتها على إحباط المخططات الكبرى، كما حدث في فتوى الجهاد عام 2014 ضد تنظيم داعش، غيّرت امريكا وحلفاؤها قواعد الاشتباك.

وباتت الخطة ترتكز على إثارة فوضى داخلية عبر تصفية قيادات شيعية دينية وسياسية بظروف غامضة، ثم تحريك قوى عسكرية لإعلان حالة الطوارئ، ويتم تصوير ذلك على انه صراع داخلي لا يستدعي تدخلاً خارجياً.

في ظل هذه المؤامرة، يُخطط لتنفيذ تطهير ديني صامت يستهدف الشيعة، على غرار ما جرى ضد العلويين في الساحل السوري، وسط غطاء إعلامي مضلّل يزوّر الحقائق ويخفي الجرائم وغطاء جوي مجهول ينهي  مراكز القوة في البلاد وكما يحصل في سورية.

هذا المشروع سيحظى بدعم دول غربية وعربية يعتبر بعضها أن القضاء على الهوية الشيعية في العراق يمثل خطوة نحو إعادة هندسة المنطقة بما يخدم مصالحهم طويلة الأمد.

دور تركيا في هذه المعادلة لا يقل خطورة عن دورها في تأسيس داعش وقيادته ودعمه، إذ انسجمت أنقرة مع المشروع الجديد مقابل تعهدات غربية بدعم اطماعها في الموصل وكركوك، ضمن صفقة خفية تعيد الحلم العثماني إلى الواجهة وتمنحها دوراً تنفيذياً في هذا المخطط، خصوصا وأنها قبضت ثمن مساعدتها في اسقاط بشار الأسد، فاستولت على حلب.

إن ما يُرسم اليوم ليس فقط حدوداً جديدة، بل يُعاد تشكيل الوعي والهُوية، وسط محاولة خبيثة لتقويض المكوّن الشيعي وتفكيك مراكز ثباته الروحي والسياسي.

مواجهة هذه المؤامرة تتطلب يقظة استراتيجية لا تكتفي بالتفرج، بل لابد من قراءتها وتفكيكها ومقاومتها بالفكر والمعلومة والسردية المضادة. لأننا نملك القدرة لا فقط على الفهم، بل على قلب الموازين.

الشارع الشيعي ينتظر من المرجعية الدينية إطلاق خطاب تعبوي، يُعيد توجيه البوصلة نحو قيم المواجهة ويعزز الوعي، ويؤسس لمرحلة مواجهة معرفية تكشف التضليل وتزرع الثقة في الجماهير.

وعلى القيادات السياسية الشيعية أن تتجاوز الخلافات الآنية والمصالح الحزبية الضيقة، وتذهب نحو تحصين الساحة الداخلية بخطاب وطني عابر للفئوية، يعيد رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع الشيعي على أسس الشراكة والمسؤولية لا التبعية والتفكك.

أما شيوخ العشائر، فهم الأذرع الاجتماعية الأكثر نفوذاً،ويمتلكون مفاتيح التلاحم الشعبي، ويتجاوز دورهم اليوم كل الحدود التقليدية، ليصبح ركيزة في مواجهة الفوضى الداخلية المحتملة، ولبنة في بناء الحصن الأهلي الذي يُفشل أي محاولة لاختراق النسيج الاجتماعي.

انها لحظة تاريخية خطيرة لا تُحتمل فيها المجاملة أو التسويف، والمطلوب ليس فقط أن نفهم المخطط، بل أن نُعطّل أدواته ونُفشل تسلسله الزمني قبل أن يُستكمل.  

أحدث المقالات

أحدث المقالات